شهادتي لله

هذا أو غادر (الخارجية) مشكوراً

{ كانت إجابات وزير الخارجية السيد “علي كرتي” في برنامج (حتى تكتمل الصورة) بقناة النيل الأزرق مساء أمس الأول، في الرد على الأسئلة الجوهرية التي طرحناها عبر هذه الزاوية الأسبوع الماضي، إجابات ضعيفة ومرتبكة وغير مقنعة، وبدا لي أن السيد الوزير يتحدث (حديث مودع)، بعد أن كشف بمرارة وأسف عن حجم الخلاف بين وزارتي (الخارجية) و(الدفاع) بصفة خاصة، وبين جميع مؤسسات الدولة المختصة بالسياسات العليا بصفة عامة!!
{ في رده على نقدنا اللاذع له على خلفية سؤالنا المتكرر الكبير: (في أي حلف نحن يا علي كرتي؟!) قال الوزير: إن وزارة الخارجية لا تملك مدافعاً ولا صواريخ  فلماذا يكون الهجوم عليها؟
وكانت الإجابة المتوقعة في هيئة سؤال من الأخ “الطاهر”، ولكن لم يأذن الله له بالخروج، من قبيل: (لأن الخارجية هي التي يفترض أن تهدي الدفاع اتفاقيات التسليح والتعاون والتحالف الحربي، وهذا من أوجب واجبات الدبلوماسية في أي بلد).
{ وزارة الدفاع في الدول المحترمة لا تحدد السياسة الخارجية للدولة، ولا ينبغي لها أن تتسوق السلاح كيفما توفر أو تسهل، ولكنها ملزمة بتنفيذ موجهات مجلس العلاقات الخارجية، ومجلس الأمن والدفاع الذي تشكل الخارجية أحد أعمدته الأساسية، أو هذا هو المفروض.
{ فهل للسيد “كرتي” مجلس للعلاقات والسياسة الخارجية يضم كافة الوزارات والمؤسسات المختصة؟ أنا هنا لا أعني (مجلس الوزير) الموجود في كل وزارة من الأوقاف إلى البيئة والآثار.
{ ليس هناك – الآن – مجلس بهذا المعنى، رغم أنه كان موجوداً في فترات سابقة، وكان يرأسه النائب الأول لرئيس الجمهورية، ويضم إلى وزير الخارجية وزراء: الدفاع، الداخلية، العدل، مدير الأمن والمخابرات وغيرهم.
{ الآن.. كل وزير يريد أن يذهب إلى السيد الرئيس – منفرداً – فيقضي حاجته، أو حاجة وزارته، وفق رؤيته الشخصية جداً، ولا عزاء للمؤسسات!!
يفعلها “علي كرتي”، ويفعلها “عبدالرحيم محمد حسين”، ويفعلها “أحمد هارون”، ويفعلها “المتعافي” و…!!
{ ولهذا فإن “كرتي” كان آخر من يعلم بوصول سفن حربية إيرانية إلى بورتسودان، لأنه أوصى بعدم استقبالها في وقت سابق، وظن أن الأمر انتهى!!
{ لكن الأمر لم ينته، لأن آخرين مهمين في هذه الدولة يرون غير ما يرى “كرتي”، فحطت السفن في بورتسودان، وضج الوزير بالصياح!!
{ من غرائب وعجائب (السياسة) الخارجية – هي بالتأكيد ليست سياسة هي أي شيء آخر – من عجائبها أن وزيرنا يتحدث وعلى الملأ، وعبر فضائية عالية المشاهدة أننا (يجب أن نقنع دول الخليج بأن علاقتنا مع إيران هي علاقة (عادية) مثل أي علاقة مع أي دولة في العالم)!! يا سبحان الله.
{ لماذا نقنع دول الخليج؟ ما علاقتهم بعلاقتانا الخارجية؟ هل السودان عضو في مجلس التعاون الخليجي؟ كم دفعت لنا دول الخليج (مجتمعة) وخزينة بنك السودان تعاني الجفاف من النقد الأجنبي بعد الانفصال؟ ولا مليون دولار باستثناء قطر!!
{ هل هاتف أحد أمراء الخليج الرئيس “البشير” بعد الضربة الإسرائيلية شاجباً ومديناً؟ هل هاتفه الرئيس المصري “مرسي” ؟ هل رصدت الرادارات السعودية والمصرية والأردنية عبور الـ (8) طائرات الإسرائيلية من طراز (اف 15) بالإضافة إلى مروحيتين ونفاثة وطائرة بوينج لتزويدها بالوقود، أم لم ترصدها وكانت نائمة في العسل أم في بحر (التواطؤ)؟ ثم يأتي اليهود ليصرفوا أنظارنا عن مكان (الوجعة)، باتجاه الجنوب المسكين الذي لو استقبل مطاره في “جوبا” هذا الكم من الطائرات لهرول نصف السكان باتجاه الغابات؟!!
{ سأل مواطن (عربي) صديقي عقب احتلال جيش الجنوب لمنطقة (هجليج): هل اتصل رئيس عربي بالرئيس البشير بعد الضربة؟ لم ينتظر الإجابة بل جاوب وحده: (لم يتصل أحد)!! ثم سأل: هل أرسلت دولة عربية دعماً حربياً ولوجستياً للسودان لمساعدته في تحرير هجليج؟! ولم ينتظر الإجابة فجاوب: (ولا دولة عربية واحدة دعمتكم بطائرة أو سلاح) !!
{ وختم (العربي) إفادته المهمة متسائلاً: لماذا ترهقون أنفسكم مع جامعة الدول العربية؟!!
{ و “علي كرتي” يصر على إقناع دول الخليج – والكثير من سكانها من أصول إيرانية – بعلاقتنا (العادية) مع إيران!!
{ أنا (سعودي) الهوى، (مصري) الثقافة، تعلمت القراءة في روايات “نجيب محفوظ” ومقالات “أنيس منصور”، لكنني لا أقبل لبلدي – السودان – أن تكون (درويشاً) في مقامات مصر والسعودية، مكشوف الظهر، ممزق الثياب، نازف الحشى ومجروح القدمين!!
{ اقلب (صفحة) أمريكا  يا “علي كرتي”، لا مجال بعد تجديد العقوبات وتجديد (الخداع) عليك، أن يستقبل مسؤول سوداني يحترم نفسه ووطنه (مبعوثاً) أمريكياً بعد اليوم، وإلا فإنه (عميل) متآمر على بلده.
{ اقلب صفحة (الخليج) يا “كرتي” أو آت لنا بملياراتهم نشري سلاحاً من “كوبا” و”فنزويلا” و”البرازيل” و”كوريا”، إن كانت (رائحة) الإيرانيين في البحر الأحمر تزعجهم، وتصيبهم بالزكام!!
{ هذا، أو غادر (الخارجية) مشكوراً.. مأجوراً، فحواء السودان ولادة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية