صورة قاتمة
كشف الدكتور “محمد عبد الرازق” المدير العام لديوان الزكاة عن تسرب أعداد كبيرة من (تلاميذ) ولم يقل (طلاباً) مدارس الأساس نتيجة لعدم حصولهم على وجبة الإفطار في وقت أعلنت لجنة مشتركة من بنك الطعام ووزارة الرعاية الاجتماعية ووزارات التربية بالولايات عن وجود أكثر من مليون تلميذ وتلميذة بمرحلة الأساس فقراء يحتاجون إلى وجبة الإفطار يومياً، وتكفل ديوان الزكاة في ذلك الاجتماع بدفع مبلغ (6) ملايين جنيه لتوفير وجبة الإفطار بالمدارس.
إذا كان الدكتور “محمد عبد الرازق” يعترف بهذا الواقع المزري وبعض تلاميذ مدارس الأساس وليس طلاب الثانوي والجامعات لا يجدون حتى قطعة الخبز الحاف لوجبة الإفطار وترغمهم البطون الخاوية على مغادرة فصول الدراسة والانضمام قسراً لآلاف الأطفال التائهين في الأسواق يسألون سائقي العربات (جنيه واحد) مقابل مسح زجاج العربة من الغبار العالق..
ود.”محمد عبد الرازق” من القلة الرءوفة الرحيمة.. الرجل يذوب رقة وعذوبة.. لا يخفي انحيازه للفقراء والمساكين تكبله قيود مصارف الزكاة وتوجيهات من هو أعلى منه في إنفاق مال الزكاة للمحتاجين.. شهدت الرجل تهزمه دموعه أيام الفترة الانتقالية وهو يجوب جبال النوبة لتوزيع الزكاة على العائدين من التمرد وحينها كان موظفاً بدرجة قيادية.. فقط.
إذا كان “علي عثمان محمد طه” بلين الجانب والاهتمام بالسكن الشعبي والتأمين الصحي.. والخدمات الأساسية لعامة الناس حينما كان في موقع المسؤولية التنفيذية في الدولة فاليوم أختار “علي عثمان” الوقوف مع الفقراء أيضاً من خلال مشروعات بنك الطعام.. وتلبية احتياجات المساكين والطلاب الفقراء.. وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وإذا كان هناك أكثر من مليون تلميذ وتلميذة في مرحلة الأساس فقراء خصص لهم ديوان الزكاة مبلغ (6) ملايين جنيه لوجبة الإفطار، وهذا المبلغ لا يكفي لإطعام هؤلاء الفقراء لهذا العدد الكبير من المعدمين والمحرومين.. وإذا كانت إحصاءات بنك الطعام.. وإحصاءات وزارات الشؤون الاجتماعية في الولايات تقول إن عدد التلاميذ الفقراء المحرومين من إفطار الصباح ستة ملايين تلميذ، فإن ذات العدد أو يقل في المدارس الثانوية والجامعات.. وبالإحصاءات التقديرية فإن عدد الطلاب والتلاميذ المعدمين يبلغ على الأقل نحو خمسة عشر مليوناً من جملة عدد السكان التقريبي الذي يقارب الـ(30) مليون نسمة وبذلك يصبح نصف الشعب السوداني من الفقراء الذين يستحقون الزكاة!!
والجهود المعنية التي يقودها الشيخ “علي عثمان محمد طه” بعد أن (أبعدوه) من واجهة الجهاز التنفيذي السياسي لن تفلح وحدها في تخفيف حدة الفقر، وديوان الزكاة إذا أنفق كل ميزانيته السنوية على الطلاب الفقراء لوجد هناك فجوة تحتاج لجهود أخرى من المجتمع العريض ومن مدارس المال وأهل الخير.. والمجتمع أغنى من الدولة.. وبذرة الخير وأعمال البر والإحسان هي التي تحفظ لهذا المجتمع عفته وطهره.
أما المظاهر الدعائية لبعض المسؤولين الذين يختارون زيارة بعض الأسر في شهر رمضان فقط فهؤلاء يباهون بما لا يملكون.. وتحبط الدعاية والمن أعمالهم.. وكبار المسؤولين عندما يقدمون بعض المساعدات للمحتاجين تجدهم حريصين على كاميرا التلفزيون لإظهار نوازع الخير والإنسانية في دواخلهم.. ولكن ديوان الزكاة وبنك الطعام يقدمون للفقراء ما يحتاجونه في صمت.. ولا يجرحون مشاعر صاحب حاجة لكن الفجوة كبيرة ما بين المتاح من المال والمطلوب لتخفيف حدة الفقر الذي تمدد في المجتمع وارتفعت نسبه في السنوات الأخيرة.