أخبار

ناقوس خطر

محمد إبراهيم الحاج

{ ربما أكثر المتشائمين لم يكن يتوقع أن يمضي المجتمع السوداني في بعض فئاته إلى هذا المنحدر المقلق، ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي تقدم كل يوم خرقاً لكل القيم والعادات التي توارثها الناس.
{ ربما لا يدرك كثيرون مآلات تلك القروبات وتأثيراتها القوية جداً في سوق أدمغة الشباب إلى ما يمكن تسميتها بالكارثة.
{ هذه القروبات تضم في جوفها مئات الشباب الذين يتفاعلون مع الصور المنشورة ويتفاعلون مع (البوستات).. تعليقات.. وصور.. ومفردات تدعو بعضها صراحة إلى مالا يمكن تخيل أنه سيصدر من شباب سودانيين، لكنهم للأسف ينتمون إلينا يتنفسون بيننا ويتحركون ويأكلون مع الناس ويخالطونهم في أفراحهم وأتراحهم.
{ لا يتورع مديرو القروبات ولا (الفانز) عن إطلاق صفات ونعوت مسيئة وصادمة ومقززة بحق بعضهم البعض.. إنهم يغذون ثقافة الكراهية وينتهجون ثقافة إباحية جديدة بنشر صور الفتيات وتداولها، وهناك بعض القروبات تفعل كل شيء من ترتيب للقاءات وتبادل للأرقام الهاتفية، بل إن بعضها يحفز على تعاطي المخدرات بتصويرها شكلاً جديداً من أشكال التحرر و(الشفتنة) وهو أمر لعمري يتجاوز مرحلة الانفلات الأخلاقي إلى ما يمكن أن نسميه (انحلالاً) كامل المواصفات.
{ الأمر ليس مجرد قروبات تم تكوينها عبر (فيسبوك) فقط، لكنه يتعدى ذلك بكثير، فالكم الهائل من التفاعل الذي تجده منشورات هذه القروبات الشبابية يكشف إلى حد كبير عن حجم المعاناة النفسية والجسدية التي يعاني منها شبابنا.
{ معاناة تجسد القهر النفسي والعصبي الذي يتعرضون له.. وانعكس ذلك واضحاً في طريقة تفكيرهم ونظرتهم تجاه كثير من الأمور التي كان ينظر لها خلال وقت سابق بعين الاستهجان والاستغراب والاستنكار، وصار الآن يتعامل معها بشكل طبيعي وعادي كأنها من الأمور العادية التي لا تلفت انتباه أحد.
{ سبق أن حذرنا في هذه المساحة بالذات من مغبة تصوير بعض اللحظات الخاصة التي تجمع بعض الفتيات بصديقاتهن وإن كان الأمر يتم بصورة عفوية.. ومن خلق علاقات إسفيرية مع أناس لا تعرف نواياهم ضدك.
{ من المآسي أن بعض الناس قد يلجأون إلى تصوير لحظات رائعة تجمعهم بأصدقائهم أو أقربائهم.. وبعض الفتيات يتعاملن مع الكاميرا بحسن نية ولكن تقوم إحداهن بتصوير (جلسة مغلقة) لأولئك الفتيات، يكشفن فيها عن أحلامهن بطريقة جريئة وهن متأكدات أن ما يتحدثن به لن يخرج من مجتمعهن الصغير، ولكن.. للأسف يجدن أنفسهن ذات صباح وقد ملأت صورهن التي كن قد التقطنها في وقتها بصورة عفوية وبريئة المواقع الإسفيرية.. فينقلها بعض ضعاف النفوس بسرعة البرق سخرية وتعليقاً.
{ والمجتمع الذي كان فيه الأخ (ابن الحي) يتلطف ببنات منطقته ويتعامل معهن معاملة الأخ لأخته قد تداعى بفعل الهجمة الشرسة لوسائل التواصل الاجتماعي، وغرزها كثيراً من أنيابها في جسد المجتمع ونهشه بلا رأفة.
{ وكثير من أفراد المجتمع الذين كانوا ينظرون إلى الفتاة كأخت وزميلة ومربية فاضلة تغيرت نظرة كثير من فئاته، وأصبحت الفتاة هدفاً لأصحاب النزوات النزقة والنفوس الضعيفة.
{ أصبح الأمر الآن أكثر صعوبة من ذي قبل.
{ وخصوصيات الأسر تنتهك إلى الحد الذي أصبحت فيه أدق أسرارها معروضة على قارعة الأسافير و(القروبات).
{ مرة أخرى.. احذروا الفيديوهات واحذروا تصوير أنفسكم أو أصدقائكم أو أهل بيتكم، لأن ضعاف النفوس منتشرون في كل مكان.. في البيت.. والشارع.. وأماكن العمل.. ولا يتورعون عن إيذاء الناس متى ما أتيحت لهم السانحة لذلك، ووقتها لن ينفع الندم ولن تجدي الدموع على اللبن المسكوب.
{ ألا هل بلغت.. اللهم فأشهد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية