الديوان

تصنع الأكلات الشعبية الخاصة بدولة (جنوب السودان): "جوليا" أكثر روادها شماليون ويفضلون أكلة (الباسيسو)

لم يشغل صنع الطعام السيدة (جوليا) عن المواظبة على أداء صلواتها في محراب أسقفية الخرطوم بحري بمنطقة (الحاج يوسف) كل يوم (أحد). (جوليا) المتخصصة في الأطعمة الشعبية الخاصة بدولة (جنوب السودان)، تبدأ يومها عند السابعة صباحاً نشطة ومبكرة، تعد الأكلات الشهية لزبائنها من الدولتين اللتين كانت إلى وقت قريب دولة واحدة
فطور وغداء، وساعات عمل تمتد إلى السادسة مساء، إلى أن يحين المغيب، فتحزم (جوليا) أشياءها وتعود إلى منزلها، راضية وسعيدة.
(المجهر) التقت بها ودردشت معها، وطلبت منها أن تكشف عن طريقة صنع مأكولاتها الشعبية الخاصة بالجنوبيين.
{ الشماليون.. الأكثر إقبالاً
تقول (جوليا) التي تبلغ من العمر (43) سنة، نزحت إلى (الشمال) (جمهورية السودان) وعمرها لم يتجاوز العامان، ولم تزر الجنوب إلا مرتين فقط بعد الانفصال، وأن من أكثر المترددين على مطعمها الصغير أمام سفارة الجنوب شماليين، خاصة في شهر رمضان، وأنها خلقت معهم علاقة وثيقة من الود والتعاون، ورغم أنها نددت في ثنايا حديثها بالسياسات التي جعلت الجنوب يصبح دولة قائمة بذاتها، إلا أنها قالت لي: (هذه مشيئة الرب وإرادة الله، وعلينا أن نتقبلها).
{ ستظل الخرطوم لنا جميعاً
مطعمها الصغير القائم على قارعة الطريق، ليس سوى كراسٍ متناثرة تحت ظل الأشجار، وأربع (مواقد) تقليدية، تضع عليها (حلل) كبيرة تصنع فيها الطعام المتنوع، والمديدة الخاصة بدولة جنوب السودان.
كشفت (جوليا) أنها وبعد انفصال الدولتين قامت بترحيل أبنائها الأربعة إلى الجنوب، أما زوجها فمقيم بالسعودية، وعزت “جوليا” سبب إقامتها في جمهورية السودان حتى الآن إلى أن لديها منزلاً مؤثثاً بالحاج يوسف، وأضافت: (رغم أنني حزمت أمتعتي، لكنني لا زلت قيد انتظار المنظمات لترحيلي إلى جوبا عن طريق (كوستي الرنك)، واستطردت: ( خلقت صداقات مع الشماليين وسأظل أذكرها دائماً، ولن تنقطع علاقاتي مع أهلي في (الخرطوم) مهما بعدت عنهم، ولا زلت اعتبر أن الخرطوم مدينة لكل أهل السودان شماله وجنوبه).
{ ملاح اليوريث:
مضت (جوليا) قائلة: (من أهم الأكلات الشعبية الجنوبية (ملاح اليوريث)، ولصنع هذا (الملاح) أقوم بتجفيف (اللحمة) بوضعها في صندوق من (النملي) الشفاف بعد (سلقها) قليلاً في النار و(مسحها) بالملح والزيت، وفي اليوم الثالث عندما يجف ماؤها تلقائياً، أقوم بصنع الطعام منها، بإضافة الطماطم والدكوة ثم (الكمبو)، ويقدم هذا (الملاح) ساخناً مع العصيدة.
{ السمك المجفف
تستطرد (جوليا): (هذا إلى جانب وجبة السمك المجفف، حيثُ أقوم بتجفيفه قبل طبخه على (سلك من النملي)، ويدفن في الأرض ليوم واحد حتى يجفف وينفصل اللحم عن الشوك، ما يسهل أكله ويطيب طعمه، هذه الوجبة – تضيف “جوليا”- تُحمر لها البصلة أولاً، ثم يوضع عليها الماء والملح والطماطم، وقبل أن تذوب (البصلة) نضع السمك على كل هذا الخليط، ثم نضيف إليه ملعقة (كمبو) لتصبح الوجبة شهية ذات رائحة زكية وتقدم ساخنة).
{ ملاح الباسيسو:
أما ملاح (الباسيسو) أو (الباسيكو)، فهو من الأكلات الشعبية المحببة، خاصة في شهر رمضان ويقدم مع العصيدة، وعنه تقول “جوليا”: (يصنع (الباسيسو) من ورق اللوبيا الأخضر والسمسم، تضاف إليهما لحمة مجففة (شرموط)، مضاف إليه (الكمبا)، ثم نترك كل هذه المحتويات (تستوي) على نار هادئة، قبل أن نضيف إليها الطماطم والبصل الأخضر.
إلى ذلك أشارت “جوليا” إلى أن ملاح (الكمبو) يحتل مكانة سامقة إلى جانب الأطباق الأخرى المذكورة آنفاً، وأنه مرتفع الطلب لدى معظم الزبائن لما يحتويه من مواد غذائية متنوعة ( لوبيا مجففة، ورق لوبيا مجفف، لحمة أو سمك مجففين، ودكوة). 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية