بعد وصول السفن الحربية الإيرانية إلى بورتسودان : السودان وإسرائيل.. سياسة الحرب المكشوفة !!
رست سفن حربية إيرانية أول أمس على ميناء بورتسودان المطل على البحر الأحمر، وحسب ما تناولته وكالات الأنباء فمن المقرر أن يلتقي قادة الأسطول مع قادة القوات البحرية في السودان. ومن جانبها أكدت طهران أن زيارة البوارج العسكرية الإيرانية للسودان تأتي كرسالة سلام وصداقة للشعب السوداني ولدول المنطقة، كما تأتي في إطار حماية خطوط الملاحة الدولية من القرصنة التي تتعرض لها السفن التجارية، وقالت الوكالة الإيرانية إن حاملة طائرات الهليكوبتر “خارك” والمدمرة “الشهيد نقدي” تحملان “رسالة سلام وصداقة إلى الدول المجاورة وتضمنان أمن خطوط الملاحة في مواجهة الإرهاب البحري والقرصنة.
فيما نفى السودان أن تكون لمصنع اليرموك العسكري، الذي تعرّض لقصف إسرائيلي الأسبوع الماضي، صلة بأي طرف خارجي، بينما أوضح الجيش أن رسو فرقاطتين إيرانيتين في بورتسودان يأتي في إطار العلاقات الودية والنوايا الحسنة “.
وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية العقيد “الصوارمي خالد سعد”: (إنه وفي إطار العلاقات الودية والنوايا الحسنة للبحريات العسكرية الدولية ومهامها الأمنية والدبلوماسية، تزور ميناء بورتسودان في الفترة من 28-31 من أكتوبر الجاري سفينتان من البحرية العسكرية الإيرانية “فرقاطتان).
وأكد “الصوارمي” أنه سيتم خلال الزيارة مناقشة العديد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين القوات البحرية السودانية والقوات البحرية الإيرانية وتبادل الخبرات.
وأوضح أن زيارة السفن الإيرانية تعتبر فرصة ثمينة للتعرّف عن كثب على هذا النوع المتقدّم في التسليح والأجهزة البحرية الحديثة بهذه السفن.
وسائل الإعلام الرسمية في إيران كانت قد أعلنت أن قوة مهام تابعة للبحرية الإيرانية رست (الاثنين) في السودان، حاملة معها “رسالة سلام وأمن للدول المجاورة”.. ووفقاً للإعلام الرسمي الإيراني، فإن القوة البحرية تشمل السفينة الحربية “الشهيد نقدي” وهي مركبة من طراز “كورفيت”، وسفينة الإمداد “خارك” التي بمقدورها حمل ثلاث طائرات هليكوبتر.
ونقلت الوكالات عن مصادر البحرية الإيرانية قولها إن هدف الزيارة “تبليغ رسالة سلام وصداقة للدول المجاورة، وضمان أمن خطوط الحركة والشحن الملاحي في مواجهة الإرهاب البحري والقرصنة.”
وهذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها الدولتان عن نيتهما في مناقشة العديد من الموضوعات بين القوات البحرية في البلدين، كما كان ملفتاً أن يصدر هذا الإعلان من أجهزة رسمية، في السودان من الناطق باسم الجيش، كما كان هناك حديث من قبل إيران حول مواجهة الإرهاب والقرصنة التي تطال الملاحة البحرية، فهل قررت الدولتان اللعب مع إسرائيل وأمريكا على المكشوف، وكيف سيكون رد بعض الدول العربية خاصة السعودية؟.
كذلك هذا التوضيح الذي صدر من السودان وإيران دعا مختصين عسكريين إلى الربط بين هذه السفن وقصف إسرائيل لمجمع أسلحة اليرموك في السودان الأسبوع الماضي، وتحدثوا عن أن هذه السفن أرادت عبرها إيران إرسال رسالة مكشوفة لإسرائيل وحلفائها مفادها أنها ستخوض المعركة حال الاعتداء على حلفائها الذين تربطها بهم علاقات إستراتيجية ، لكن هل فعلاً توجد علاقات متميزة بين السودان وإيران؟
ووفقاً للدبلوماسي الأسبق “الرشيد أبو شامة” فإن العلاقات بين السودان وإيران شهدت تطوراً كبيراً في حكومة الديمقراطية الثالثة حيث كانت علاقات “الصادق المهدي” بإيران متميزة، لكن هذا الأمر أدى إلى توتر علاقة السودان ببعض الدول العربية التي كانت غاضبة من هذه العلاقة، وعندما جاءت حكومة الإنقاذ حاولت كسب ود هذه الدول وتدعيم موقفها عربياً، فقامت بافتعال مشكلة وقطع علاقاتها مع إيران واستدعاء السفير، ويشير “أبو شامة” إلى أن هذه الخطوة كان واضحاً أنها مفتعلة وبمرور الزمن صارت العلاقات بين السودان وإيران متميزة على المستوى السياسي والثقافي لكن لم نر تقدماً على مستوى العلاقات الاقتصادية، وأكد أن العلاقات العسكرية إن وُجدت ففي الغالب لا تكون معلنة ولم يستبعد “الرشيد” أن يكون وصول هذه السفن الحربية بمثابة قاعدة إيرانية؛ الهدف منها تحذير إسرائيل عقب حادثة مصنع اليرموك للأسلحة بالسودان إلا أن بعض التقارير أشارت إلى أن القطع البحرية الإيرانية غادرت ميناء “بندر عباس” بجنوب إيران في سبتمبر الماضي متجهة إلى المياه الدولية. وكانت إيران أعلنت مؤخراً عن زيادة سفنها العسكرية في المياه الدولية لمرافقة سفن شحن النفط والسفن التجارية.
من ناحيته اتفق السفير “عثمان السيد” مع ما أشارت إليه هذه التقارير حينما قال لـ(المجهر): “إن هذه السفن تحركت منذ شهر سبتمبر لذلك أعتقد أنها حركة (عادية) ومسألة معلنة وميناء بورتسودان شأنه شأن الموانئ الأخرى لذلك لا أرى سبباً للربط بين هذه السفن الحربية وحادثة مصنع اليرموك).
وحول العلاقات بين السودان وإيران يرى “السيد” أن السودان دولة مستقلة لها كاملة السيادة والحرية في إقامة علاقات مع إيران، وقال: (هناك تعاون دبلوماسي وسياسي وحسب علمي العلاقات منحصرة في الجانب السياسي والثقافي والاقتصادي لكن هذا لا يعني عدم وجود زيارات متبادلة بين وزيري الدفاع في البلدين).
بدوره أكد البروفيسور “حسن الساعوري” وجود علاقات تجارية ودبلوماسية بين السودان وإيران، ونفى وجود علاقات عسكرية، وقال لـ(المجهر): “العلاقة لم تصل إلى المستوى العسكري وإلا كان سيكون هناك اتفاقيات عسكرية بين الدولتين وهذا ما لم يتم إعلانه)، وقلل من الاعتقاد بوجود علاقات إستراتيجية بين البلدين، وأكد أن إيران ظلت منذ 20 عاماً تطلق (وعوداً) للسودان دون أن تفي بها، وأشار الى أن أي علاقة عسكرية مع إيران ستعكر صفو العلاقة مع دول الخليج وبعض الدول العربية مثل الإمارات والسعودية.
وفي الإطار ذاته قال “عثمان السيد”: (لا نستطيع ولا ينبغي إقامة علاقة مع إيران تضر بعلاقاتنا مع الدول العربية خاصة التي لها أزمة مع إيران ، وعلينا أن نقيمها على أساس المصالح المشتركة وأن لا تكون علاقة إيران على حساب الدول العربية أو تؤثر علاقتنا بالدول العربية في علاقتنا بإيران فهي دولة لها تاريخها في العالم الإسلامي، ومنذ عهد شاه إيران كانت هناك علاقات بينه والرئيس الأسبق “جعفر نميري” وتنسيق وتبادل مشترك).
وبالعودة إلى السفن الحربية الإيرانية التي وصلت بورتسودان ورأي المختصين الأمنيين، اعتبر ‘الخبير الأمني عميد أمن . م “حسن بيومي” أن مجييء السفن في هذا التوقيت خطوة غير موفقة، وقال: (إذا كنت مسؤولاً لاعترضت على ذلك لأن وصولها يؤكد ما أطلقته إسرائيل من إتهامات بعد ضربها مصنع اليرموك للأسلحة)، وأشار إلى أن ما تم يؤكد ممارسة السياسة دون وعي أمني وقال بيومي لـ(المجهر): (العمليات الإسرائيلية التي انطلقت بتهمة تهريب السلاح بدأت بالحدود بين مصر والسودان ثم دخلت إلى بورتسودان ولا أستبعد أن يُوجه الهدف القادم إلى الشخص الذي يتخذ القرار وهذا العمل يُعتبر من صميم السياسة الإسرائيلية وأسلوب اتبع تجاه القيادات الفلسطينية أمثال “الشيخ أحمد يسن” و”المبحوح”، حيث يقوم على ضرب البلد ثم القيادات)، وأبدى تخوفه من وصول العمليات إلى الخرطوم حينما قال: (الخرطوم تمثل العمود الفقري للأمن القومي ووصولها يعني الوصول إلى أي شخص في مكانه).
رسو السفن الإيرانية واعتراف الدولتين إذا قرأناه في سياق ما يدور في السودان وإيران والتحالفات التي بدأت تتبلور بعد التصعيد في سوريا ولبنان وربما السودان قد يشير بوضوح إلى إمكانية الإعلان عن تحالفات في قادم الأيام وحرب فرقاطات فوق أسطح مياه البحار.