يبدو أن تراجع الأوضاع الاقتصادية يوماً بعد يوم أثر سلباً في كل شيء بما في ذلك ملامح العيد التي كانت في العادة تبدأ واضحة قبل منتصف شهر رمضان المعظم، حيث تفتح الأسواق من أوسع أبوابها ويسهر الناس حتى الصباح، بحثاً عن كسوة أو شراء مستلزمات أخرى للعيد تشيع الفرحة وسط الأسرة الصغيرة والكبيرة.
أيام قليلة تفصلنا عن العيد والأسعار تستعر وفي المقابل القوى الشرائية ضعيفة، ومعلوم أن السواد الأعظم من الناس تحمل تبعات الشهر الكريم بشق الأنفس وهم يوفرون ادنى المتطلبات شهر رمضان الفضيل، والذي يزيد متوسط الصرف على الأسرة وليس العكس كما يعتقد البعض.
طالعت الجولة التي أجراها الزميل “سيف جامع” في عدد الأمس وهو ينقل لنا صورة حية من حركة البيع والشراء، تعجبت وأنا اقرأ أن سعر فستان صبية صغيرة لا يتجاوز عمرها الحادية عشرة هو مبلغ (800) جنيه قابلة للزيادة إذا كان خيار الأسرة أن تشتري لبسة كاملة للطفلة، ولكم أن تتخيلوا كم هي تكلفة شراء كسوة لعدد (4) من الأطفال فقط؟، مؤكد أنها لا تقل عن مبلغ (4) آلاف جنيه، وهذا يعني أن الغالبية من أبناء الشعب السوداني سوف يعيدون دون كسوة، هذه المعادلات تحتاج لدراسة وقراءة متأنية، لأنها ترسم ملامح وضع متأزم يتطلب التدخل العاجل من قبل الحكومة.
مسألة ثانية.. قريباً من هذه المعادلة المختلة فقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي بياناً منذ بداية شهر رمضان، أشار فيه إلى أن قيمة زكاة الفطر المبارك (الفطرة) لهذا العام هي مبلغ (40)، يعني أسرة متوسطة مكونة من (7) أفراد تدفع مبلغ (280) جنيهاً مضافة للقيمة الكلية للبسة، البالغة (4) آلاف جنيه، ويبدو أن قيمة الفطرة ارتفعت هذا العام بسبب تحرك السوق وارتفاع سعر صرف العُملة.. السؤال الذي يفرض نفسه في ظل هذه الأوضاع المتشابكة والمعقدة .. من يدفع هذه الزكاة المعلومة ومن يستحقها؟
هذا السؤال يحتاج لإجابة حتى يهتدي بها أي صائم من ذوي الدخل المحدود، لأنه بحاجة أكثر من غيره لفتوى جديدة من هذا القبيل.
والله المستعان..