تقارير

الهدوء الذي يسبق الضجيج: أفواج المعيدين بالولايات تبدأ رحلة الرجوع إلى العاصمة

بدأت الحركة تدب رويداً رويداً أمس في شوارع  الخرطوم، بعد أن كسا شوارعها هدوء مؤقت امتد طيلة أيام عطلة عيد الأضحى المبارك،  وفيما خلت شوارعها الرئيسة من زحام طوال العام، كانت حركة الأحياء أعلى بقليل، بسبب حركة المعيدين الذين يجوبون أرجاءها في تواصل لا يجدون إليه سبيلاً في الأيام العادية. وكشفت جولة الصحيفة،  مغادرة نسبة عظيمة من سكان العاصمة في رحلة العودة المؤقتة إلى الجذور في أرجاء السودان المختلفة في رحلة موسمية ثابتة عند حلول عيدي الفطر المبارك والنحر، وبالأمس بدأ الخارجون من الخرطوم العودة إليها ويقدر تعدادهم بالملايين.
نصبنا كاميرتنا في موقف (شندي) لاصطياد القادمين، وبالطبع الحديث إليهم، وكان أول من التقيناه قادم من مدينة (بربر) عرفنا بنفسه بالقول: أنا “منصورعبد الحميد عوض” أعمل مهندس إنتاج، عدنا للتو إلى الخرطوم، بعد أن ذهبنا لقضاء عطلة عيد الأضحى مع الأهل، لقد أتينا ببص سياحي قيمة تذكرته (55) جنيهاً. بدا (منصور) متعجلاً بعض الشيء، لم أشأ أن أسأله كثيراً، وبخاصة عندما لمحت أحد القادمين، فعرفني بنفسه قائلاً اسمي “قاسم السر موسى”، أعمل معلماً بمدارس (كمبوني) بالخرطوم، أنا قادم لتوي من (أبوحمد)، ذهبت إلى هناك لقضاء العيد مع خالي، وبصراحة العيد هناك جميل. سألته عن المواصلات، فقال سعر التذكرة أبوحمد – الخرطوم ستون جنيهاً، ثم أخرج نصفها المتبقي معه من جيبه، وأعطاني إياها، وزاد (مش مكتوب عليها 60 باعوها لينا بي 100). ومن (شندي) قدم “منير الدسوقي محمد” يحمل حقيبته ويرافقه إخوته، وقال: (العيد في شندي ومع الأهل له نكهته الخاصة). سألته عن القادمين، وإن كانوا يواجهون أية صعوبات. فأضاف (زحمة شديدة)، واليوم عمدت نقابة البصات إلى توفير بعض التذاكر، ولكن القادمين عددهم كبير، سألته إن كانت ثمة زيادات طرأت على أسعار التذاكر. فأجاب، ارتفع ثمن تذكرة العودة من (20) إلى (30) جنيهاً.
وفي طريقنا التقينا به حاملاً عوده بيد وبالأخرى حقيبة، الفنان الشاب وابن مدينة (ودمدني) “منتصر حسن بابكر” كان عائداً لتوه من مدينة الحديد والنار (عطبرة)، ابتسم. وقال: (أنا أصلا مشيت غنيت في حفلة)، ثم ابتسم مرة أخرى لسؤالي. وأجاب:  (العداد ما بطال، وأنا فوجئت بتجاوب الجمهور معي).
تواصلت جولتنا للقاء العائدين إلى العاصمة الخرطوم، ما بين حامل لحقيبة أو رافع لكيس، أو غيرها.. تعددت المشاهد والمعنى واحد المئات بدأوا رحلة العودة “عوض الله عبد الرحيم محمد صالح” كان قادماً من (بربر)، وبعد أن استوقفته بدأ يجيب عن أسئلتي تباعاً، أنا مستقر بالخرطوم، ولكن الأهل في (بربر) حيث (البيت الكبير)، العيد هناك ذو طعم خاص، والمناسبات عديدة، وأجمل ما في العيد هناك هو (لمة الأهل)، في طريق عودتي لم أجد صعوبة في المواصلات، (ركبت طوالي). ومن (قندتو) و(السلمة) عادت أسرة “منير محمد سيد أحمد”، هذه الأسرة تقطن مدينة (جياد)، وهي الآن في طريقها إلى هناك، يقول “منير” أوجد زيادة في سعر تذكرة الحافلة التي أقلتنا في رحلة العودة، (13) جنيهاً نقدناها لصاحب الحافلة. ويضيف: عموماً يوجد زحام شديد بالنسبة للعائدين إلى العاصمة، لا توجد عربات.
ومن الجزيرة الخضراء، عاد قاطنو العاصمة.. فبالنسبة لـ”الشفاء محمد أحمد” التي ذهبت إلى مدينة (ودمدني- حي المنصورة). وأمضت أيام العيد هناك، هاهي تحدثنا عن رحلة العودة بقولها، حقيقة هنالك صعوبة في المواصلات، وقد شهدت في رحلة عودتي معاناة واضحة للحصول على مقعد في بص قادم إلى الخرطوم، (من مرقة كباية شاي الصباح)، هكذا حددت الزمن الذي بدأت فيه رحلتها للظفر بمقعد خال، إلا أنها كما تقول ظفرت به بعد ساعات، فيما نحن التقيناها وهي واصلة لتوها عند الساعة الخامسة والنصف. وتضيف، (مافي بصات، الحسنة الوحيدة سعر التذكرة أقل من عيد رمضان بي (21) جنيهاً بدل (25) جنيهاً، ارتاحت قليلاً بعد أن سألتها عن العيد في (أرض المحنة)، فابتسمت. وقالت (العيد في مدني سمح شديد، وأنا أصلاً ساكنة بورتسودان، لكن مشيت عيدت مع جيراني هناك)، ومن (المسلمية – مدني) قدم “حامد أحمد عثمان” حاملاً حقيبته، وذكرياته الجميلة لأيام مضت كالبرق، قال عن المواصلات (صعبة يا خي، السوق الشعبي مدني زحمة شديدة، ومواصلات ما في، البصات قليلة، تصدق أنا جيت الموقف من الساعة عشرة صباحاً، ما ركبت إلا الساعة واحدة الضهر)، طلبت منه أن يحدثني قليلاً عن العيد في (المسلمية) قبل أن يفارقنا ويبدأ رحلة عمله من صباح الثلاثاء. فابتسم، وقال: (العيد في المسلمية سمح شديد وسط الأهل)، أخيراً سألته عن أسعار الخرفان هناك، فأجاب أسعارها وسط فهي ليست غالية، كما أنها ليست بالرخيصة (معقولة يعني).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية