حوارات

رئيس اتحاد عام المسيرية "محمد خاطر جمعة" في حوار مع ( المجهر):

لم تستطع أبيي رغم المحاولات المتكررة للوساطة الأفريقية أن تجد لها مكاناً ضمن الـ9 بنود الموقعة باتفاقية أديس أبابا مؤخراً، بل وقفت حجر عثرة في قمة الرئيسين؛ الأمر الذي أدى إلى تكهن الجهات المعارضة بعودة التوتر مجدداً بين البلدين. وفي ظل تشبث كل من الطرفين بموقفهما، جنوب السودان يطالب بتصعيدها إلى مجلس السلم والأمن في حين تمسك الشمال ببروتوكول نيفاشا، وقف الملف بحساسيته في نقطة وسطية، فيما تنشط دهاليز مجلس الأمن في استقطاب محموم تتبنى فيه واشنطن مقترح الوساطة الأفريقية، الخاص بإجراء استفتاء بالمنطقة في أكتوبر المقبل، وهو ما رفضته الخرطوم بأديس أبابا مؤخراً، بينما تبنت الدول الأفريقية – بإجماع – في اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي الأخير مقترحات “أمييكي” بشأن أبيي. أما موسكو، فسبق أن أمنت على مقترح تقسيم أبيي بين السودان وجنوب السودان، وهو المقترح الذي ترفض جوبا، وفي الداخل رفضت قبيلة المسيرية أي تدخل خارجي بالملف، ودفعت بمقترحات عبر (المجهر) لإنهاء الأزمة العالقة بالمنطقة على لسان القيادي “محمد خاطر جمعة”..
{ حدثنا عن البداية لأزمة أبيي؟
– بدأت عندما أتى دينكا نقوك من بحر الزراف هرباً من مشاكل الحروبات بالجنوب، ووجدوا الترحاب من المسيرية، وحميناهم، وقدمنا لهم المأوى ثم استقروا معنا، والدينكا نقوك الأصليون يعلمون ذلك جيداً ولكن بعد الانفصال، وبعد انقضاء مهلة حول أبيي دون أن يُجرى الاستفتاء، سعت الحركة الشعبية لضم أبيي للجنوب بقرار إداري، وبسطت سيطرتها على المنطقة، وجلبت قبائل من أصول جنوبية، ووفرت لهم السكن لتأجيج الصرع، وانشقت شريحة من الدينكا متمردة من الأصول تطالب بضم أبيي للجنوب.
{ أسباب أطماع الجنوبيين في أرض أبيي؟
– الأسباب واضحة وجلية؛ لأن 90% من بترول السودان موجود بمنطقة أبيي، كما أن من خصائص الأراضي التربة الخصبة الصالحة للزراعة وتصلح لكثير من المحاصيل المهمة، والمراعي بها جيدة..
 { موقفكم من قضية أبيي التي تبدو الآن أكثر تعقيداً؟
– مازلنا نطالب بعدم تدخل مجلس الأمن في قضية أبيي ونعتبرها تخص قبيلتين، والقبيلتان قادرتان على حل المشكلة، ونأمل حسب ما تناقلته الأوساط الإعلامية، استئناف المفاوضات لصالح طي الملف والاتفاق النهائي في القضية.
{ مقاطعة.. وكيف ستحل القضية بين القبيلتين؟
– عن طريق الجلوس مع قيادات القبيلتين، وكل قبيلة تحاول تقديم نوع من المرونة والتنازل لنصل إلى اتفاق، وإذا كان أبناء الدينكا هدفهم المناصب الإدارية والسلطة فلا مانع لدينا من قيادتهم للمنطقة إدارياً وسياسياً؛ لأننا نهدف للتعايش السلمي فقط، ولكن إذا كان هدفهم الأرض، فلن نفرط في شبر من أرضنا.
{ مجلس السلم الأفريقي اجتمع لتقرير شأن أبيي، ورجح مقترح “أمبيكي”؟
– نرفض ذلك؛ لأن مجلس الأمن ينحاز للجنوب، والمسيرية يشككون في نوايا المجلس بضم أرضنا للجنوب دون أن يرف لهم جفن.
{ ما رأيك في خارطة “أمبيكي” التي رفضتها الخرطوم؟
– كانت واحدة من ستة مقترحات يشير إلى أن تبقى أبيي بوضعها الحالي ذات خصوصية شمالية وهوية جنوبية، وتكون هنالك جنسيتان، ودولة الجنوب رفضت المقترح وقبلت بمقترح “أمبيكي” أما نحن فنرفض التقسيم جملة وتفصيلاً كيف نقسم أرضنا.
{ ما هي المقترحات المتبقية؟
– أبرز هذه السيناريوهات الستة إصدار قرار من الرئاسة بضم أبيي إلى الجنوب مع منح مجموعات المسيرية من أبناء المنطقة حق المواطنة والمشاركة في الهياكل الإدارية والتنفيذية والتشريعية والسياسية للمنطقة، وتعمير مناطقهم ومدها بخدمات المياه والكهرباء والتعليم، إضافة إلى زراعة مراعي المنطقة لتمكين القبيلة من رعي ماشيتها مع حقها الطبيعي في مسارات الرعي الطبيعية جنوبا، إضافة إلى سيناريو ثانٍ بتقسيم المنطقة إلى اثنين، أبيي شمالية تابعة للمسيرية وأخرى جنوبية تابعة لدينكا نقوك، وثالث يعطى المسيرية ثلثي المنطقة، ورابع يقضي بإجراء الاستفتاء في موعده المحدد أو تأجيله لتعذر قيامه عملياً، وخامس يقضي بالقبول بحكم محكمة التحكيم الدائمة بلاهاي حول حدود المنطقة أو القبول بتقرير الخبراء الذي قضى بتبعية المنطقة لدينكا نقوك والسكان الآخرين دون تحديد هوياتهم أو إسناد المنطقة إلى إدارة دولية تابعة للأمم المتحدة للإشراف عليها.
{ دفع مجلس الأمن بمقترح جلب قوات أجنبية لحفظ الأمن المنطقة؟
– لن نقبل سوى بشرطة السودان، وأي تدخل أجنبي من شأنه أن يخلق نوعاً من الصراع مجدداً، ومن هنا نطالب السلطات بتمليك اتحاد المسيرية الحقائق كاملة.
{ أبيي أصبحت مصدر جدل وتنافس دولي؟
– على الجهات المختصة عدم تجاوز المسيرية في أي خطوة تخص المنطقة، والمسيرية يرفضون مقترح موسكو، كما يرفضون تبني واشنطن لمقترح الوساطة الأفريقية الخاص بإجراء الاستفتاء في أكتوبر المقبل وبتجاوز المسيرية في الاستفتاء.
{ وإذا تم تجاوزكم ؟
– (صمت لبرهة) عندها سوف نرد بطرقنا الخاصة.
{ وضح أكثر؟
– احتفظ بالرد لحين ذلك.
{ كيف تنظر لموقف “البشير” في التفاوض بشان أبيي؟
– اعتقد أن الرئيس وعد وأوفى بوعده معنا، وكان قد وعدنا قبل أن يذهب للمفاوضات بعدم الحديث عن ملف أبيي، وقد صدق في قوله متحفظاً على المقترح الذي تقدم به الاتحاد الأفريقي بتقسيم أبيي؛ لأنه يدل على عدم تجسيد لسيادة السودان بالمنطقة، والمعروف أن أبيي مازالت تتبع لرئاسة الجمهورية بحدود 1956.
{ ما هي النقاط التي تحفظ عليها الرئيس “البشير” ورفضها بالمقترح الأخير؟
– تحفظ على قانون الاستفتاء، الذي يشير إلى إمكانية إصداره بالجنوب ويجرى بالجنوب، وهذا مخالف للدستور، ولا يمكن أن يسن قانون بدولة ليطبق على أخرى، والمقترح الآخر أن يكون رئيس المفوضية أجنبياً من دولة الاتحاد الأفريقي، وهذا مخالف لسيادة الدولة.
{ هنالك خطوات على الأرض لتشكيل إداريات لم تكتمل؟
– هذه الخطوات كان من المفترض أن يسبقها مؤتمر ليتم فيه الاتفاق وإجازة الإدارتين، ولكن بدا مؤخراً في التراجع بعد القرارات الأحادية بفرض ضرائب على أبقار المسيرية.
{ والاجتماعات الشهرية التي تعقد فيما تخدم؟
– اعتقد أنهم يناقشون شؤون المنطقة بصورة عامة مع مناقشة المؤسسات التي مازالت تحت التكوين.
 { استفهام وراء خروج “دينق ألور” غضبان من المفاوضات؟
– المؤسف أن “دينق ألور” وُلد وتربى مع المسيرية، وكان المسيرية يدفعون له المصروف ليتعلم وأرسلوه إلى مصر واعتنق الإسلام، وسمى نفسه “أحمد”، وأصبح مؤذناً ثم ارتد بعد ذلك بعد استقطابه من قبل الحركة الشعبية، وكان الأحرى أن يكون أكثر حرصاً على أبيي؛ لأنه مسيري دينكاوي، لكن الحركة استطاعت أن تغير في ثقافة دينكا نقوك، والملاحظ قبل الانفصال كان الدينكا يقولون: نحن ضيوف المسيرية، بعد السلام تم منعهم من ترديد هذه العبارة ليضعفوا موقف الشمال في أحقية أبيي إلا أن حدود 56 تبيّن الحق بالمستندات.
{ هل تعتقد أن الصراع فيه أبعاد دينية؟
– نعم، فالمجتمع الدولي يستهدف الإسلام، ووجد منطقة أبيي النقطة المثلي للانطلاق بتبشيراتهم والملاحظ انه بعد الانفصال بدأت بعض المنظمات الأجنبية والحركة الشعبية في جلب أناس غير السكان الأصليين ومحاولة توطينهم بالمنطقة وإعطائهم أبقار للرعي وخيام للسكن.
{ ماذا عن اتصالاتكم مع قيادات دينكا نقوك حالياً؟
– لا توجد، ولكن إذا وجدنا الضوء الأخضر من حكومتي الدولة الشمالية والجنوبية ربما استطعنا التوصل إلى اتفاق بالجلوس معهم؛ لأن بيننا تصاهراً وعلاقات اجتماعية.
{ للقبائل نظار وعمد أين دورهم؟
– طبعاً هنالك الإدارات الأهلية المنوط بها تطبيق القوانين والأعراف، وتقام محاكم أهلية في حالة نشوب أي خلاف بين أفراد القبيلتين، وأغلب هذه المشاكل تكون بسبب السرقة والمسيرية منذ الانفصال يتعرضون لكثير من نهب الأبقار، وتكثر معاناة المسيرية في فترات الصيف لحاجتهم للسقاية أكثر من 10 ملايين رأس أبقار تحتاج لذلك..
{ ما أثر اتفاقية أديس أبابا على الأوضاع بأبيي؟
– الوضع عادي ليس به جديد يذكر.
{ أبيي بها بروتوكول، هل لكم مقترح جديد؟
 – البروتوكول لن تعترف به قبائل المسيرية.
{ والاستفتاء؟
– اتفاقية أديس أبابا قتلت الاستفتاء، وأرى أن الاستفتاء يعني تسليم أبيي للدينكا على طبق من ذهب؛ لأن كل الدلائل تشير إلى ذلك، والمجتمع الدولي سيسلمها لهم بأي طريقة.
{ وبعيداً عن البروتوكول؟
– نطالب بإعطاء الملف لقبيلة المسيرية والدينكا وسنقوم بحل المشكلة.
{ الترحيب الواسع للدولتين الذي أعقب التوقيع الأخير، هل تعتقد سيخدم قضية أبيي أم سوف يعقدها؟
– إذا طبق الاتفاق بصورة صحيحة بالتأكيد سيخدم مصالح الدولتين ويخلق نوعاً من تراضي النفوس.
{ يرى البعض أن الاتفاق الموقع بأديس رغم ترحيب الدولتين، إلا أنه مسكن للآلام وقد تعيد أبيي الألم؟
– مازلت أقول إن مواطني أبيي مازالوا سودانيين، وأن إدارة أبيي مازالت تتبع لرئيس الجمهورية مباشرة، بالإضافة للتمازج والتصاهر بين القبيلتين؛ لذلك فمصالح الدولتين لن تجهضها أي من القبيلتين.
{ كلمة أخيرة.
نناشد إخواننا وأصهارنا من قبيلة دينكا نقوك أن تعود العلاقات بيننا إلى السلم، وأن نترك المسائل الأمنية للدولتين بحلها، وأوجه صوت شكر لصحيفة (المجهر السياسي) ولرئيس مجلس الإدارة “الهندي عز الدين” ولرئيس التحرير “صلاح حبيب”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية