انحناءة رئيس
أذعن الرئيس الجنوب سوداني “سلفاكير ميارديت” للضغوط الكثيفة التي تعرضت لها حكومته واستهدفته شخصياً من قبل الترويكا الأوروبية ودول الهيئة الحكومية للتنمية (ايقاد) وقبل مكرهاً مقترحاً بالجلوس مع غريمه وعدوه اللدود الأول وليس الوحيد في جنوب السودان الدكتور “رياك مشار” لإعادة احياء اتفاق قديم وقعه الزعيمين يقضي بتقاسم السلطة بين الرجلين خلال الفترة الانتقالية قبل اجراء انتخابات عامة لاختيار رئيس منتخب لدول جنوب السودان التي تعرضت للخديعة من الدول الغربية وتعرضت للخيانة من جيرانها الافارقة الذين قتلوا رمزها وقائدها “جون قرنق” قبل أن يجلس على كرسي النائب الاول في الدولة الموحدة طمعاً في استقلال الجنوب أو انفصاله عاد “سلفاكير” اليومين الماضيين إلى أثيوبيا حاسر الرأس ضعيفا/ً للقبول بمقترحات (الإيقاد) التي رفضها الاسبوعين الماضيين .. وتحت الضغوط والتخويف وسيف العقوبات الأمريكية المشرع في وجه الرجل.. ادرك ضابط سلاح المظلات السابق أن ايامه في السلطة أخذت تتناقص والرجال الذين من حوله يؤثرون مصالحهم الآنية ولا يحفظون له سراً ولا يقدمون نصائحاً تعينه على الخروج بالجنوب الذي انهكته الصراعات ومزقته الحروب. .اقبل “سلفاكير” على أثيوبيا ليقدم بين يدي رئيسها الجديد الشاب آبي احمد موافقته على لقاء من يكره ويبغضه دون شروط . والرئيس الاثيوبي في عمر اكبر ابناء “سلفاكير”. وتم تحديد العاصمة الاثيوبية أديس أبابا مقراً للقاء المرتقب بين “سلفاكير” و”رياك مشار” على أمل أن يرتقي الزعيمين الجنوبيين إلى المسؤولية التي تجعلهما يشعران بالآم الشعب الجنوبي وتطلعاته في العيش الكريم.. ووقف نزيف الدم وإحلال السلام والوئام الاجتماعي بعد حرب حفرت عمقياً في وجدان الشعب الجنوبي .. ومزقت روابط الدم والنيل والأرض ونكأت جراحات قبلية قديمة بين مكونات الدولة وخاصة القبائل النيلية الدينكا والنوير والشلك.. فهل لقاء “مشار” و”سلفاكير” لوحده كفيل بعودة الاستقرار المفقود لدولة الجنوب ..
بالطبع الحرب تمددت وتعددت اطرافها والخلافات عميقة بين “سلفاكير ميارديت” من جهة وما يعرف بأبناء الراحل “جون قرنق” من جهة أخرى وهؤلاء يمثلهم “فاقان أموم”.. “ودينق ألور”.. وسالت الدماء بين “سلفاكير” وأبناء عمومته من الوجهتين الجنوبين أمثال “ملونق” حاكم بحر الغزال السابق ورئيس أركان “سلفا” الذي أزهق آلاف الأرواح في سبيل ان تبقى سلطة “سلفاكير” حصينة ومنيعة ولكن “سلفاكير” لم يحافظ على الود مع أبن عمه . ولم يرع العشرة عزله من السلطة ووضعه قيد الاقامة الجبرية. وأخيراً طرده من جوبا وقتل ابنته وجنوده في أويل وقوقريال .. وهناك خلافات بين “سلفاكير” والنخب السياسية التي يمثلها السياسي الناعم “كوستيلو قرنق” .. ود. “فرانسيس دينق” .و عطفاً على “لام أكول والسفير “ميتناق” ومئات القادة الهائمين على وجوههم في العواصم الغربية والأفريقية بعد أن طردهم “سلفاكير” وبطش بهم وأذاقهم العذاب في سبيل أن يبقى في السلطة دكتاتوراً يمشى على خطى موبوتو في زائير . و”منقستو هيلا مريام” في أثيوبيا ..
إن شروط (الإيقاد) التي أملتها على سلفاكير لن تحقق السلام في دولة جنوب السودان و”سلفاكير” الذي خان اتفاق السلام السابق مع “رياك مشار” لا أمان له وقد درج على مد يده اليمنى للمعارضين بينما يخفي في يده اليسرى مسدساً لقتل من يصافحه فهل الأيدي الملطخة بدماء الجنوبيين تملك ارادة غسلها قبل أن تزرع السلام المستحيل في الأرض الخراب.