شهادتي لله

لماذا لا نتعلم منهم؟!

عمَّر المصريون الصحراء، فبنوا مدن القاهرة الجديدة بعيداً عن النيل، العمران على مد البصر.. “مدينتي” “الشروق”.. و”أكتوبر” و”الشيخ زايد”، وزرعوها خضرة وأزاهير .
ورغم أنها قامت على الصحراء، فإنها لا تعاني إطلاقاً من مشكلة مياه.. للشرب أو لسقاية الحدائق الغناء والأسوار الخضراء المحيطة بتلك المجمعات السكنية الضخمة! ولذا تجدني متعجباً من القلق المصري المستمر من إمكانية نقص مياه النيل بقيام أي سد على مسار نهر النيل العظيم.
عندما تتوفر العزيمة تتوفر المياه، ويتحقق المستحيل، حيث لا مستحيل تحت الشمس.
بالمقابل يسوءنا جداً أن تعطش مدن الخرطوم وهي ترقد على مرمى حجر من النيل.. فيصدق عليها قول الشاعر: كالعير في البيداء يقتلها الظمأ.. والماء فوق ظهورها محمول!!
لماذا تعطش الخرطوم والأبيض ونيالا والفاشر وكسلا وبورتسودان، بينما تنفجر المياه بقوة في الطابق الـ(30) في فنادق وبنايات القاهرة سواء القريبة من النيل أو البعيدة في قلب الصحراء خارج العاصمة؟!
ولماذا يبني المصريون (عاصمة إدارية جديدة) على بُعد أكثر من (50) كيلومتراً من أطراف العاصمة القديمة، بينما ما تزال مباني الوزارات والمؤسسات والشركات عندنا تتكدس في وسط الخرطوم؟!
لماذا لا نتعلم منهم ونستفيد من تجاربهم في توفير مياه الشرب، وفي تشييد بنيات أساسية راسخة ومتينة.. طرق وجسور طائرة.. وشبكات مياه وشبكات صرف صحي؟!
لن نفعل.. لأن حكومتنا مثلنا.. يدعي القائمون على أمرها المعرفة والحكمة، وهم في الحقيقة لا يعرفون ولا ينجزون، وأمامكم ما يحدث في كباري الخرطوم التي يغلقونها لمدة (6) شهور بدعوى الصيانة، ثم يفتحونها بعد أن يضيقوا مساراتها ويضعون عليها ألواح من “الزنك” وقليلاً من “البوهيات”!! حدث هذا في كبري النيل الأبيض “أم درمان القديم”، ثم في كبري شمبات، ثم القوات المسلحة “بري – كوبر”، ثم كبري النيل الأزرق!!
لا يمكننا أن نتقدم في مجال البنى التحتية ما لم نستقدم شركات مقاولات كبرى مصرية أو تركية أو انجليزية كما فعل الإماراتيون، ولكن الاعتماد على شركات (الاستهبال) و(المأكلة) المحلية، يعني المزيد من النزيف وإهدار المال العام، المزيد من الفساد والبقاء في محطة (محلك سر).. حيث تعطش المدن على ضفة النيل!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية