حوارات

المجهر تحاور الطالب المتسبب في الحادثة شوقي محمد علي (2 -2)

بعد 53 عاماً على حادثة معهد المعلمين وحل الحزب الشيوعي

* عند حادثة معهد المعلمين لم أكن منتمياً للحزب الشيوعي، فالحزب طردني قبلها لأنني كنت مصاباً بمرض الطفولة اليسارية !
*لن أعذر الذين هاجوا وخرجوا في مظاهرات ضدي لأن غضبتهم كانت مفتعلة وغير حقيقية !

* الكلام الذي قلته كلام ( كعب ورديء) و إذا قاله شخص أمامي اليوم سأغضب وأزعل !
* أبعث بهذه الرسالة لقرنق في قبره وأقول لسعاد الفاتح (الله يديك الصحة والعافية (!
حوار / سوسن يس

(*) لم يكن في بال أحد من الذين نظموا أو شهدوا ندوة المعلمين في ذلك اليوم الثامن عشر من شهر نوفمبر 1965 أن ذلك التأريخ و تلك الندوة سيكونان علامة فارقة في تأريخ البلاد، وأن حدثاً عابراً سيصدر من طالب صغير في تلك الندوة سيغير وجه الخارطة السياسية، ويقوم بإعادة ترتيبها بشكل درامي مثير .. ففي أثناء الندوة اعتلى الطالب شوقي محمد علي المنصة وأمسك بالمايكرفون وتناثرت من فمه عبارات أساء فيها لبيت رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، وكانت عباراته تلك هي التي أدت لحل الحزب الشيوعي، وقادت لغضبة الشيوعيين وتداعياتها، وكانت بمثابة الناسفة التي نسفت المشهد السياسي وأعادت بناءه من جديد، وما زالت تداعياتها على خارطة الأحداث السياسية مستمرة حتى اليوم ..
(المجهر السياسي) التقت الأستاذ شوقي محمد علي طالب معهد المعلمين الشهير المثير للجدل، ووثقت عبر هذا الحوار لتلك الحادثة .. فماذا قال شوقي محمد علي؟ إلى مضابط الحوار .

(*) أستاذ شوقي بصراحة هل مرت عليك لحظات ندمت فيها على الحديث الذي قلته في تلك الندوة وتمنيت لو أنك لم تقله؟
– والله أنا – الشيوعيون القيادة الثورية ما أعطوني فرصة لأندم .. احتضنوني وعاملوني أفضل معاملة .. فما شعرت بفراغ ولا تشردت ولا تسوَّلت ولا احتجت لأي إنسان .. القيادة الثورية كانت تقول إن الطريق البرلماني غير مجدٍ، وهذه الحادثة أثبتت صحة كلامهم .. لكن هم ليس لهم علاقة بما قلته، وأنا انضممت للقيادة الثورية بعد الحادثة، جاءني الأستاذ يوسف عبد المجيد بعدما خرجت من السجن، وانضممت للقيادة الثورية، لكن قبل ذلك أنا كنت متعاطفاً معهم، وكنت أصدر صحيفة بإسم القيادة الثورية اسمها المسيرة .

(*) هذا معناه أنك في وقت الحادثة كنت منضماً بالفعل للحزب الشيوعي؟

– وقت الحادثة ما كنت منضماً لا للحزب الشيوعي ولا للقيادة الثورية .. الحزب الشيوعي كنت قد خرجت منه .. طردوني.
(*) لماذا طردوك؟

– ما خلاص بقيت قيادة ثورية .. لازم يطردوني) .
(*) لكنك تقول إنك انضممت للقيادة الثورية بعد الحادثة وبعد خروجك من السجن!؟.
– أفكاري كانت أفكار قيادة ثورية وكنت أصدر صحيفة باسم القيادة الثورية اسمها (المسيرة) وأصحابي كانوا قيادة ثورية .. ما كنت انضممت للقيادة الثورية بشكل رسمي لكن الحزب الشيوعي شعر بأني أعمل دعاية للقيادة الثورية، وأن أفكاري هي أفكار القيادة الثورية، لذلك طردوني من الحزب الشيوعي، و بعد ذلك حدثت الحادثة.. يعني في وقت الحادثة أنا كنت مفصولاً من الحزب الشيوعي ومن رابطة الطلاب، و لم أكن قد انضممت بعد للقيادة الثورية (الكلام دا الناس ما دايرين يفهموه) ..

(*) لكنك في يوم الندوة قلت أنك تنتمي للحزب الشيوعي .. ألم تقل ذلك لسعاد الفاتح؟
– أنا ما قلت .. أنا عندما سألني القاضي وقال لي أنت قلت أنك عضو في الحزب الشيوعي؟ ( قلت ليها تعالي يا سعاد الفاتح .. هل أنا قلت أنا عضو في الحزب الشيوعي أم قلت أنا شيوعي؟) .. أنا شيوعي لكني في ذلك الوقت لم أكن عضواً في أي حزب شيوعي .. (فهم ما بيتحملوا وزري يعني) .

(*) شيوعي دون أن تكون منتمياً لحزب شيوعي؟
– كنت في رابطة الطلبة كشيوعي وكأمتداد منه أخدت مع الشيوعيين فترة وطردوني بسبب أفكاري (بقولو عليها أفكار الطفولة اليسارية .. مصاب بمرض الطفولة اليسارية) .. و بعدما خرجت من الحزب الشيوعي دخلت في القيادة الثورية بعدما خرجت من السجن .. أنا زعلت جداً لأن هذه الحقيقة (الناس ناكرنها ..ناكرنها الأخوان المسلمين وناكرنها الشيوعيين) .. الكلمة الوحيدة التي قلتها في المحكمة لسعاد الفاتح هي (هل أنا قلت ليك أنا عضو في الحزب الشيوعي أم قلت ليك أنا شيوعي؟) .. الفرق كبير .
(*) وبم ردت عليك سعاد الفاتح ؟
– ما ردت .. سكتت .
(*) و الحزب الشيوعي بعد الحادثة ألم يستدعيك أو يحقق معك أو يوجه لك أي سؤال؟
– لا لم يستدعني . يستدعيني على أي أساس؟ (ما عندو علاقة بي).. حققوا معاي ناس القيادة الثورية، وقبلوا عضويتي .. حقق معي حول الحادثة، يوسف عبد المجيد (الله يرحمه) جاءني في بحري في البابورات مع صديقي عز الدين صالح داؤود، وكتبت لهم الكلام كتابة .. أخذ الكلام مكتوباً وذهب وقبلوا عضويتي .
(*) أستاذ شوقي أنت قلت أنك بحثت عن الشيوعيين بحثاً لتنضم إليهم، وأن ما دفعك لذلك هو طريقة الأخوان المسلمين المستفزة التي حاولوا أن يجندوك بها للتيار الإسلامي؟
– نعم .

(*) الأخوان المسلمين الذين حاولوا تجنيدك لو كانوا اتبعوا معك أسلوباً أفضل من ذاك الذي اتبعوه معك .. هل كنا سنجدك اليوم في التيار الإسلامي؟
– ما كان ممكن أكون في التيار الإسلامي.
(*) لماذا ؟
– طبيعة تكويني هكذا .. أنا إنسان مجبول على الحرية.. أنا حتى في الحزب الشيوعي كنت متمرداً .. وفي القيادة الثورية كنت متمرداً .. وحتى عندما كنت مع جون قرنق كنت متمرداً .. والآن متمرد في هذه المدرسة .. متمرد على المدير .. أنا هي طبيعتي لا أحب القيود ..
(*) عندما خرجت المظاهرات بعد حادثة الندوة أين كنت؟
– كنت في حراسة القسم الشمالي .
(*) وسمعت بأن الناس خرجوا في مظاهرات احتجاجية ضدك كيف كان شعورك حينها؟
– هم ناس المظاهرات جاءوني وهاجموا الحراسة .. وأنا حاولت أخرج ليهم .. كنت عايز أخرج أقابلهم كنت قايل نفسي قوي يعني !..

(*) غضبت عندما رأيتهم يهاجمون الحراسة لذلك حاولت أن تخرج لهم؟
– أنا غضبت لكن ما أثر في حياتي أي تأثير .
(*) لو عاد بك الزمن هل كنت ستقول نفس هذا الكلام؟
– والله الكلام الأنا قلته كلام رديء .. كلمني بيهو الناس، أنا والله ما كنت عارف نفسي قلت شنو من شدة الزعل! الناس قالوا لي أنت قلت كذا وكذا .. كلام رديء وكعب .. (أنا لما أزعل بكون خارج الكون).

* تم فصلك من معهد المعلمين وحكموا عليك بالسجن 6 أشهر وخرجت المظاهرات تهتف ضدك .. هل كنت تشعر أن هذه العقوبة كانت قاسية؟
– أبدا والله ما شعرت بأنها قاسية .. قلت لك أنا بمجرد خروجي من السجن ناس القيادة الثورية احتضنوني، ولم أشعر بعزلة .. (و ما لقيت معاملة سيئة كلو كلو لا من الشيوعيين ولا من الإسلاميين) .

(*) أستاذ شوقي إذا تكرر مثل ذلك الموقف الآن أمامك وصدرت تلك العبارات التي قلتها من شاب في مثل سنك حينها، ماذا سيكون موقفك؟

– (والله بزعل، أنا كمعلم كنت بزعل وبغضب .. بغضب حقيقة و ما بقبل).
(*) لكنك كنت ستتعامل معه بحكمة ؟
– والله أحيانا لا أتعامل بحكمة .. ( في كل مرة أنا أقول لنفسي إذا استفزوك قل بسم الله، ومش عارف إيه وأقرر أن أتعامل بحكمة ، (ولكن أول ما تحصل حاجة أنسى دا كله) !

(*) إذن أنت الآن تعذر الناس الذين غضبوا و هاجوا وخرجوا في مظاهرات ضدك ؟

– والله ما بعذرهم .. لأنهم افتعلوها . كانت غضبة مفتعلة و ما حقيقية.. رتبت بعد أيام، و قبل قليل أنا حكيت لك عن علي عبد الله يعقوب . مشى لفلان وفلان و فلان، و أنا أحترم هؤلاء الناس الذين قالوا له هذه (حركات شباب صغار ومراهقة فما تعمل لينا دوشة).. وأنا طبعاً إنسان حر، بمعنى أني لا خايف من حاجة لا طمعان في حاجة في الدنيا دي لا بخاف من زول ولا بخاف من أي كائن ولا من أي قوة .
(*) إلا الله تعالى ؟
– صمت برهة ثم قال بصوت خفيض وبطريقته الطيبة: (إنت عايزة توديني في داهية يا بنتي)؟
(*) ثم بعد برهة من الصمت قال :
– أنا لا أخاف من أي قوة .. ربنا تعالى هو رب الكون، وأنا لا أقيس نفسي به، ولا أقيسه بأي قوة .. أنا أتحدث عن قوة في الأرض، هنا أنا لا أخاف أي قوة في الأرض وغير طمعان في أي شيء وهذا يعطيني إحساساً عميقاً بالحرية .. وأنا أريد لك أن تكوني حرة، وأريد أن يكون ابني حراً وأن يكون الناس أحراراً .. أنا ابني الآن من الإخوان المسلمين .. وابني الآخر في شباب المسجد .. أنا لا أفرض على أبنائي شيئاً، وأريد لهم الحرية الكاملة .. لا أريد أن يقمعني أحد لذلك لا أقمع أحداً .. أبنائي هذه هي اختياراتهم وأنا لا أناقشهم في اختياراتهم .
(*) أبناؤك هل حدث أن ناقشوك في حادثة معهد المعلمين؟
– ما حصل .. بيقروها مثلي ومثلك في الجرايد لكن ما حصل زول ناقشني .
وأنا ما بسمح لزول زاتو إلا الصحفيين .. لكن زول يسألني السؤال دا بتجاهلو .. ولو زاد بديهو على راسو لأنو حاجة ما بتخصو).

(*) إذا طلبنا منك أن تبعث عبر هذا الحوار برسالة لسعاد الفاتح ماذا ستقول لها فيها؟
– والله أدعو لها بالصحة والعافية .. ربنا يديها الصحة والعافية .. وسعاد الفاتح أختها علوية متزوجة من قريبي محمد عبد الحليم، ومحمد عبد الحليم كان هو المسؤول عن الخدمة المدنية و(هو الشغلني في بند العطالة) .. وبنته منى كانت مديرة في مدرسة الخرطوم العالمية، وأنا كنت أعمل بمدرسة الخرطوم العالمية .. هناك علاقة قرابة ونسب .. (هم أهلي يعني) .

(*) و رسالة أخرى الى من ترسلها و ماذا تقول فيها ؟
– أرسلها لجون قرنق في قبره وأقول له (الكفاح الكافحتو والنضال الناضلتو والتضحية الضحيتها في ناس في الشمال وفي الجنوب قضوا عليها .. وأنت خليت واحد اسمه سلفاكير رجل شبه أمي يحكم بلداً عظيماً و يضيع تراث 3 مليون شهيد في الشمال و في الجنوب) ! .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية