متمردو الحركة قصفوها للمرة الثانية في أقل من (20) يوماً: "كادوقلي" .. دانات الميدان ورهانات السياسة..!
للمرة الثالثة تواصل فوهات قطاع الشمال قصفها لمدينة كادوقلي، والهدف واحد لا يتغير، وقد مثل اعتداء أمس سلسلة بدأت في اليوم السادس من الشهر السادس للعام الماضي كمحاولات من الحركة الشعبية – قطاع الشمال؛ لتحقيق أهدافها الميدانية على الأرض بما يفضي لتحقيق مكاسب سياسية في حال التفاوض. وشهدت مدينة كادوقلي وبعض المناطق حولها – حينها – هجوماً سقط جراءه عدد من الضحايا، وتكرر ذلك لمرتين، ثانيهما عقب توقيع اتفاقية التعاون المشترك بين دولتي الشمال والجنوب، وعمد فيها (القطاع) إلى تأكيد وجوده، بغض النظر عن دقة تنفيذ العملية العسكرية وقتها، التي فاجأت المؤتمرين في ملتقى كادوقلي للسلام، وتسربت أخبار عن أهداف العملية متمثلة في محاولة قطف شباك الفاعلين لـ (صيد ثمين) كان من المفترض حضوره الملتقى.. إلا أن مجريات الأحداث بدأت تدل على عمل يسعى (قطاع الشمال) لتحقيقه، يبدأ بكسر الروح المعنوية، وتحقيق وجود (ضاغط) في الميدان يجعله في مركز قوة في حال دخوله التفاوض مع الحكومة المركزية في الشمال، واعترف القطاع بمسؤوليته عن الضربة الثانية. وحينها، تحدث البعض عن ضرورة إيجاد حل سياسي مع الحركة الشعبية – قطاع الشمال، باعتبار أن لا معنى لتوصل الحكومة لاتفاق مع دولة الجنوب والحركة الشعبية الحاكمة فيها، دون تضمين حلول مع (قطاع الشمال)، الذي تتركز قوته في تلك المناطق سواء في جنوب كردفان أو النيل الأزرق، وبدا واضحاً اختيار هذا القطاع للتصعيد العسكري والسير في خيار العمل المسلح واستخدام أساليبه كافة بما فيها حرب العصابات أو عبر القصف الذي كان غير دقيق في أغلبه، أدى لسقوط ضحايا من المدنيين، والعمليات التي تجري على الأرض هي محاولات مستميتة لإثبات وجوده، وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، ولعل أبرز ما في هذا المشهد وتعقيده تلك التسريبات التي أكدت تلقي قطاع الشمال دعماً مالياً وعسكرياً ولوجستياً قوّى به شوكته، وجعل من وجوده مهدداً حقيقياً للأمن والاستقرار، من المحتمل أن يؤدي في خاتمة المطاف إلى استنزاف الموارد الاقتصادية في ظل الظروف الصعبة الحالية، كما أن المجتمع الدولي نفسه عمد إلى ممارسة الضغط على الحكومتين في شمال السودان وجنوبه من أجل التوصل لحلول سلمية، بدلاً عن خيار الحرب.
من ناحية أخرى يرى خبير عسكري – فضل حجب اسمه – اعتداء الأمس أمراً يستلزم المحاسبة للمقصرين هناك، ويرى هنالك تقصير واضح استطاع من خلاله (قطاع الشمال) الاقتراب أكثر فأكثر من مدينة (كادوقلي)، فـ (العدو) – كما يقول – استخدم صواريخ (الكاتيوشا) وهذه يصل مداها إلى (7) كلم، وحتى إن زاد مداها إلى (10) كلم، وكان ينبغي مراقبة العدو من بعيد، وتسد النقاط القابلة للاختراق، حتى لو استدعى الأمر اللجوء إلى زراعة الألغام، وما حدث – بحسب الخبير العسكري – يؤثر في سمعة السودان في المجتمع الدولي وفي المواطن السوداني نفسه.
وفي السياق، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان “محمد الحسن الأمين”، للصحافيين، أمس: طلبنا بياناً من وزير الدفاع حول تكرار الأحداث في كادوقلي، واعتبر ما تم بمثابة اختراقات أمنية، والعمل جارٍ لتطهير الجيوب وحسم التمرد. وأضاف أن الجيش لديه تعليمات واضحة لتطهير الولاية من المتمردين.
يذكر أن قوات الجيش الشعبي (قطاع الشمال) قصفت أمس مدينة كادوقلي بصواريخ (الكاتيوشا) للمرة الثانية في أقل من (20) يوماً. وبحسب شهود عيان، فإن (9) من الصواريخ سقطت في (حي المصانع) واثنان منها سقطا في (ميدان الدرجة الثالثة)، وبحسب مصدر في المدينة، فإن القصف بدأ الساعة التاسعة من صباح أمس واستمر حتى الثالثة والنصف عصراً، وقال الشهود إن القصف جاء من الناحية الشرقية والجنوبية الشرقية، فيما قامت القوات المسلحة والطائرات العسكرية بعمليات تمشيط واسعة، بينما خرج بعض المواطنين باتجاه مدينة (الدلنج).
من جهتها، قالت القوات المسلحة – وفقاً لوكالة (رويترز) – إن طفلين قتلا، وأصيب ثمانية في قصف للمتمردين لكادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، أمس (الثلاثاء)، وذلك في ثالث عملية قصف خلال الأسبوعين الماضيين.
وقال “الصوارمي خالد سعد” المتحدث باسم الجيش، لـ (رويترز)، إن متمردين قصفوا موقعاً تابعاً للجيش خارج كادوقلي، إلا أن بعض القذائف سقطت داخل المدينة.
وأضاف أن الهجوم أدى إلى مقتل طفلين وإصابة ثمانية مدنيين، وأن الجيش شن عملية لتطهير المناطق التي يوجد بها متمردون خارج كادوقلي قبل بضعة أيام، دون أن يذكر المزيد من التفاصيل.
إلى ذلك، قال المتمردون إنهم قصفوا المدينة الرئيسة في ولاية جنوب كردفان المنتجة للنفط، القريبة من حدود جنوب السودان، بعد أن تعرضوا لنيران المدفعية من جانب قوات الحكومة. وقال “ارنو لودي” المتحدث باسم الحركة الشعبية: (الحكومة وقواتنا تتبادلان القصف منذ الصباح).
ما يجري في (كادوقلي) يشير إلى تصاعد العمليات العسكرية بين الحكومة والتمرد في الأيام المقبلة، فهل ما يجري هو بداية لشرارة حرب قادمة؟!