شهادتي لله

من هو خليفة "علي عثمان"؟!

{ لا شك أن الجميع من أعضاء (الحركة الإسلامية) في السودان، أو المشفقين على الوطن بحرصهم على قوتها وتماسكها، من خارج العضوية، متفقون على ضرورة استمرارها وتطورها وتجديدها لتكون (سياجاً) حامياً للدولة، خلال فترة حكم ذراعها (السياسي) حزب (المؤتمر الوطني).
{ تجديد (القيادة) أو (الأمانة العامة) للحركة الإسلامية، عملية إستراتيجية مهمة ومطلوبة، للدفع بطاقة إضافية فكرية، روحية، ومعنوية، في شرايين (كيان) الإسلاميين (الخاص)، في ظل تبعثر مفردات، وتراخي ولاءات عضوية الذراع السياسي (الفضفاضة).
{ ومن المفيد أن تكون (الحركة الإسلامية) هي (المرجعية) الأساسية الحاكمة للدولة، والضابطة للحكم، والموجهة للرئيس أياً كان، تماماً كما قال بذلك الشيخ “عبد الجليل النذير الكاروري” الذي وصلتنا رؤيته بعنوان (بين الإمامة والرئاسة.. مفكرة لا تحتاج لعشرة).. وصلتنا متأخرة اليوم، فلم يعد مناسباً نشرها في (المجهر) بعد أن تميزت بنشر جزء منها الزميلة (أخبار اليوم) بعدد أمس (الأحد).
{ لا أظن أن هناك خلافاً كبيراً حول (رؤية) الشيخ الجليل “الكاروري” الهادفة إلى (ترفيع) مقام (الأمين العام) للحركة الإسلامية، عن صغائر (المنافسة) اليومية في مضمار السياسة ودواوين الحكم، وتفاصيلها.
{ غير أنني لم أتبين بوضوح موقف الشيخ “الكاروري”، الذي تعجبني مدرسته الجامعة بين الدين والسياسة والبحث العلمي ما يجعله الأقرب إلى منهج الشيخ “الزنداني” في اليمن، لم أتبين رؤيته حول (أجل) ولاية (الأمين العام) للحركة الإسلامية، وحدود سلطاته وصلاحياته، فهل تكون (مفتوحة) دون عدد محدد من (الدورات)، على أن تقيد بشرط (العجز) عن القيام بأداء مهامه، كما في حالة ولاية (الفقيه) أو (المرشد الأعلى) للثورة في إيران الذي ينتخبه (مجلس خبراء) النظام، ليكون بعدها صاحب الحق – وفق الدستور – في عزل رئيس الجمهورية، وتعيين القائد العام ورئيس أركان الجيش وقائد حرس الثورة، ويكون له (ألفا) مندوب في الوزارات والمؤسسات والسفارات الإيرانية!!
{ إن (التداول) في مقعد (الأمانة) أو (الإمامة)، شأنه شأن التداول في كرسي (الرئاسة)، فقد عاد من مطلوبات وأساسيات (الحكم الرشيد)، وسبباً من أسباب إقامة العدل والاستقرار وبسط الحريات بين الناس.
{ دعونا نمضي إلى الأمام – كما عودناكم – ونبحث في أجندة وتفاصيل مهام المؤتمر العام الثامن للحركة الإسلامية المقرر الشهر المقبل.
{ سينتخب المؤتمر عبر شوراه أميناً عاماً (جديداً) للحركة، لاستيفاء الأمين العام الأستاذ “علي عثمان” (دورتين) على هذا المقعد، والدستور لا يقر الترشح لدورة (ثالثة).
{ إذن سيكون هناك (مرشحون) آخرون على هذا المنصب المهم للجميع (إسلاميين) وغيرهم.
{ بدأت تلوح أسماء مرشحة لهذا الموقع، مثل البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر”، البروفيسور “عبد الرحيم علي”، الدكتور “غازي صلاح الدين”، والدكتور “كمال عبيد”.
{ في رأيي كمراقب ومتابع، فإن (استبعاد) ترشيح الأولين “إبراهيم” و”عبد الرحيم” سيتم سريعاً، وهذا أوفق، أولاً لأن الأول غير راغب، كما أنه متقدم في السن – متعه الله بالصحة والعافية – على الأمين السابق، ونحن في ظل مطالبات محلية ودولية بإفساح الأماكن للأجيال الشابة، أما المرشح الثاني، فهو يرفض بإستمرار هذا الترشيح وغيره من الترشيحات، فطبيعته أقرب إلى (الفكر) والبحث والأكاديميات، والخلوة، بعيداً عن (مقارعات) السياسة، وتبعات (التوجيه) المطلوب من مقام (الأمانة) أو (الإمامة).
{ أما الدكتور “غازي صلاح الدين” فقد كان مرشحاً (قوياً) في مواجهة الأمين الحالي الشيخ “علي عثمان”، ويومها كانت مفاوضات “نيفاشا” تدخل إلى عمقها العميق.
{ يبدو د.”غازي” مقبولاً لدى قطاع واسع من الشباب والطلاب باعتباره – وفق أوصافهم – مثقفاً ومفكراً، يمثل عندهم أشواق الفكرة و(الصفوية) والخطاب المصقول.
{ لكن “غازي صلاح الدين” لم يحالفه التوفيق في الكثير من المهام و(الملفات) التي أوكلت إليه ومن بينها (ملف دارفور).
{ ودون حاجة إلى الإغراق في تفاصيل ما ذهبنا فإنني أخلص إلى أن د.”غازي” – وفق رؤيتي – (مثقف موسوعي) أكثر منه (مفكراً)، حيث لا أثر لأفكاره على صعيد ممارسته السياسية الواقعية اليومية منذ أن تقلد المناصب الوزارية، والأمانات في بدايات عهد (الإنقاذ).
{ لا يكفي أن تكون (قارئاً) جيداً ونهماً وملتهماً للكتب، لتكون (قائداً) ومفكراً في بلد متقلب الطقس مثل السودان.
{ لا أظن أن د.”غازي” سيتقدم للترشيح، لأنه يعلم أن ما بينه وبين القيادة الحالية للدولة (ليس شخصاً ولا شخصين) مسافات متباعدة حول العديد من القرارات والمواقف، ما سيجعل (أمانة) الحركة الإسلامية – في حالة فوزه بها – هدفاً سهلاً للهجوم، وأرضاً خصبة لإثارة (الخلاف) بين سلطات (الحركة) و(الحزب) و(الحكومة).
{ تبقى الدكتور “كمال عبيد”.. أظنه مقبولاً إلى حد ما، وسط أقطاب الدولة الحاكمة (الرئيس)، و(مسؤول الحزب) و(مسؤول الحركة).
{ كما أنه مقبول وسط قدر من القواعد. يتميز د.”كمال” – الذي سيفاجأ بهذا المقال ويفزعه – أنه رجل طاهر.. عفيف.. لم تحم حوله أية شبهات فساد أو إفساد، رجل ما زال يسكن في سكن جامعة أفريقيا العالمية، لا في عمارات الطائف، والرياض والمنشية والجريف.
{ من المهم جداً أن يكون (أمين) الحركة ورعاً، تقياً ، و”كمال” من صفاته هذه الفضيلة.
{ وهو صاحب شخصية (قوية)، له رأي، وموقف، ليس تابعاً، ولا (إمعة)، وقد تجلى ذلك في قيادته الصلبة لفريق المفاوضات بشأن منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وهو زاهد في السلطة، ولم يكن ناقماً عند إقالته من الوزارة، كما يفعل آخرون من ذات (الحركة الإسلامية)!!
{ إنه رأي يحتمل الخطأ.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية