القرشيون الجُدّد
هل الانتماء لقريش سُبّة أم شرف يتباهى به المرء ويفتتن، وقريش التي حكمت الجزيرة العربية وتمددت دولتها والتي حاربت الرسول صلى الله عليه وسلم، تلاشت اليوم في أحشاء الممالك والمشيخات والسلطات العربية، وكل جماعة عربية تدعي وصلاً بقريش وشجرة النبي؛ لأغراض الاستغلال السياسي؛ حتى بكت حمامة “أبي العلاء المعري” بكاءً كالغناء، وغناءً كالبكاء، كما يقول الطيب صالح رحمة الله عليه.
في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي أصدرت جهة ما حكومية أو معارضة بياناً مزعوماً عن تنظيم (قريش) في السودان، ونسبت تلك الجهة بيانات باسم قريش (1) وقريش (2)، وذلك في خضم النزاع الذي تصاعد مع الحركة الشعبية حينذاك. وقالت الجهة المزعومة في البيان (اللقيط) إن قيادات بعينها هم رموز وآباء التنظيم القريشي، منهم كاتب هذه الزاوية، والوزير حينذاك “عمر سليمان آدم” والأمير “الحريكة عز الدين” وعدد كبير من القيادات (الإنقاذية)، وقليل من المعارضين مثل “عبد الرسول النور”، والقاسم المشترك بين أعضاء التنظيم المزعوم إنهم جميعاً من (البقارة) في غرب السودان.
الحركة الشعبية هي من التقطت المزاعم وروجت لها، وأخيراً أصدرت الحركة الشعبية كتاباً عن الصراع مع المركز، وزعمت أن (القريشيين) هم من يقودون المعركة ضدها.. والمرء في حيرة من أمره، وهذا البلد العجيب حينما انتقدنا موقف جماعة هيئة علماء السودان انسل أحدهم من صفه وتصدى متهجماً علينا، يرمينا بالتحالف مع الشيطان ويغمزنا بما في جعبته من مكاره، ولم ينس الدكتور العالم الفقيه “سعد أحمد سعد” أن يباهي بأنه عربي، جعلي، قريشي، سلفي، فأين أنا من هذه الصفات؟!
زعم السيد د. “سعد أحمد سعد” ولم أشأ الخوض في قضية الأنساب؛ إيماناً بأننا من آدم وآدم من تراب، ولكني توقفت كثيراً عند قريش التي تتهمنا الحركة الشعبية بالانتساب لتنظيم في السودان ينهض باسمها ويبعثها من مرقدها القديم، وقريش اندثرت حتى في جزيرة العرب، فكيف النهوض بدولة السودان؟!.. وما بين قريش الحركة الشعبية التي وثقت لها في كتبها وإصداراتها العنصرية وقريش “سعد أحمد سعد” تموت الحقائق تحت أحذية الساسة أصحاب الغرض.. وما السودان إلا مزيج لقبائل وسحنات، وأنا نصفي من عرب خزام ونصف من النوبة وجدتي لأبي دنقلاوية من آل المهدي وجدتي لأمي من الكواهلة وجدتي لوالد أمي من البرقو وشيء من المسيرية الحمر، فكيف أنتسب لقريش المزعومة؟!.. نعم أن يباهي د. “سعد أحمد سعد” بالانتماء لقريش حق له ذلك.. والغرض السياسي وحده وبث الأكاذيب وتصديقها تجعل قلم ينتمي للمؤتمر مثل “عمر قنديل” كان يعمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية (يصدق) افتراءات الحركة وترهاتها ومحاولات ضرب النسيج الاجتماعي بمواد مسمومة.