أخبار

واقع حال

لم أجد تعبيراً بليغاً عن حالنا وحال حكومتنا في معالجة مشكلاتنا من بيت في شعر الدوبيت يفيض حكمة وتمتلئ جوانحه بالبلاغة في وصف عجز العاجزين وانصرافهم عن المشكلات التي أمامهم بغيرها.. أبلغ من القول (الواجعو راسو ما بربطولو كراعو).. ونحن الشعب السوداني نعيش واقع أزمة غير معهودة.. ولا يعرف متى تنقشع وتتبدد سحبها.. ورفضت حكومتنا (مصارحتنا) ومكاشفتنا عن أسباب ما نحن فيه من ضيق عيش وعنت.. وغلاء وشح في الدواء والغذاء وإمساك ولي الأمر لأموال الغلابة في المصارف بلا سند قانوني ولا خوفاً من في الأرض أو من في كل مكان وليس السماء وحدها كما هو شائع من أخطاء الأقوال والمأثور من الكلام التراثي!!
في الوقت الذي ينتظر الشارع معالجات وقرارات في الجبهة الاقتصادية لحكومتنا بعد تبدى عجز وزراء القطاع الاقتصادي وفشلهم وبؤس تقديراتهم، التي أورثت البلاد هذا الواقع الشاحب والضيق الخانق الذي لم يرخِ سدوله على البلاد مثلما هو الآن حتى في سنوات الحرب الضروس والجوع العبوس.. وتوقع الناس عقد اجتماعات طارئة لمجلس الوزراء وتكوين غرفة لإدارة الأزمة واجتماع طارئ للمكتب القيادي للمؤتمر الوطني وآخر طارئ للمكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي وللشعبي وبقية الأحزاب الحاكمة.. والنظر لحال المحكومين ووطأت نقص كل شيء على الرعية.. واتخاذ قرارات بإعفاء المتقاعسين وطرد المخفقين من مواقعهم.. و(مصارحتنا) نحن الشعب بأسباب ما حدث!! ومتى تنقشع الأزمة وكيف؟.. ولكن الحكومة لا ترى في ما نرى مشكلة ولم تكلف نفسها حتى مشقة النظر للشعب بعين الإشفاق وبقلب رءوف رحيم.. لكنها ذهبت باتجاه تعديل الدستور أو حياكة دستور جديد من أجل انتخابات ينتظر إجراؤها عام 2020م، ولم يسأل عرابو الدستور هل سيبقى في السودان من ينتخب حاكماً أو نائباً برلمانياً إذا ما ظلت أوضاعنا على ما هي عليه اليوم أو انحدرت إلى أسفل؟
والشعب ينتظر إعفاء وزير المالية ووزير البترول وتعيين وزير خارجية جديد إلا أن الحكومة كانت (تفكر) في شيء آخر.. وتبحث عن حلول لأزمة أخرى غير الأزمة التي نعيشها.. الشعب ينتظر قرارات تخفف عنه الغلاء.. وشح الوقود.. وانعدام وسائل النقل، إلا أن الحكومة كانت تنظر في قضية الحج والعُمرة.. وسماسرة الشعائر الدينية والمغانم السنوية التي تذهب لجيوب المنتفعين من الفريضة.
أعلنت الحكومة عن إعفاء الموظف “المطيع محمد أحمد” وسارت بالخبر الصحف والقنوات ومواقع التواصل الاجتماعي.. وذبح بعض المتضررين من الموظف المقال العجول في وسط الخرطوم مثلما نحر “الطيب مصطفى” الثيران فرحاً بانقسام السودان ورقص على ما تبقى من الوطن والسودانيين يذرفون الدموع على السودان الذي كان!!
ذهب “المطيع” وجاء “شمس العلا” وبقيت مشكلة تجار الحج والعُمرة وسماسرة الوكالات والمنتفعين من هذا القطاع (يتصارعون) ويتهافتون حول الغنائم.. وغداً تنهال التهاني من الوكالات إلى المدير الجديد تقرباً وتزلفاً.. وتشغل الحكومة نفسها بالسنن وتترك الفرائض.. وتربط للشعب أرجله بينما الشعب ينتظر أن يربط له رأسه جراء آلام الصداع التي ما برحت تعاوده حينما يجف البنزين من محطات الخدمة.. وتتوقف (طواحين الذرة) وتصبح زجاجة البنزين أغلى من زجاجة الدم بالمستشفى!! فمتى يشفى الشعب من ما يعانيه من أسقام؟ ومتى تخاطب حكومتنا جذور مشكلتنا بدلاً من الصمت المخزي الذي تتخذه الحكومة الآن سلوكاً لها.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية