أمريكا دنا حوارها
{تستقبل الخرطوم صباح اليوم وفداً أمريكياً رفيع المستوى، تقوده “ساندرا جولي” مفوضة اللجنة الأمريكية للحُريات الدينية ويضم وفدها شخصيات من الكونغرس للقاء المسؤولين في البرلمان ومجلس الولايات وزعماء الطرق الصوفية وقساوسة من الكنائس علاوة على المباحثات مع الخارجية وما تم إنفاذه من اتفاق بين وزيري خارجية البلدين في لقاء برلين الأخير.
وكان الوفد الأمريكي قد أجل زيارته بصورة مفاجئة قبل شهور عديدة.. قبل أن يعاود رئيس البرلمان السوداني بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” اتصالاته بقادة الكونغرس ودعوتهم لزيارة الخرطوم.. ومن المفارقات تركيز الوفد الأمريكي على الحريات الدينية في السودان.. رغم تناقص عدد المسيحيين لأقل من (5%) من جملة عدد السكان بعد انفصال الجنوب.. وتجئ زيارة الوفد الأمريكي بعد لقاءات وفد الحكومة بالإدارة الأمريكية (المالية) على هامش اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد بواشنطون.. وقال وزير المالية الفريق “الركابي” إن المباحثات ركزت على قضيتي رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وإعفاء الديون واستفادة البلد من المنح والقروض.. بيد أن اللغة المتفائلة لوزير المالية بشأن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب يبدو تفاؤلاً في غير مكانه.. فالقضية الجوهرية بين الخرطوم وواشنطون قضية سياسية محضة ولا يستطيع محافظ البنك المركزي الأمريكي ولا وزير مالية “ترمب” اتخاذ قرار بشأنها حتى ولو (باع كلاماً معسولاً لوفد الحكومة)، إلا أن القضية تحتاج لتفاهمات بين أعلى مستويات الدولة.. وحوار يستند على ما جرى من قبل وأفضى لرفع العقوبات الاقتصادية.. وانتظر أهل السودان أن يثمر رفع العقوبات عن نمو في الاقتصاد وتحسن في مستوى الدخل.. ولكن حدث ما كان غير متوقع ارتفعت الأسعار وجفت أو جففت السيولة.. وطحنت المواطنين أزمات معيشية لم تشهدها البلاد في تاريخها منذ المهدية وحتى اليوم.
وقال الوزير “الركابي” وهو يمضي أيضاً في (دروب) الأماني بأن لقاءه الأسبوع الماضي بمساعد وزير الخزانة وهو موظف صغير جداً ما كان لوزير ماليتنا أن يلتقيه قد ناقش رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. فهل مثل هذا القرار يملكه مساعد وزير الخزانة الأمريكي أم يتم الحوار حول هذا في المستويات العليا في الإدارة الأمريكية؟.. وهل رفع السودان من تلك القائمة يحقق للمواطنين العاديين ما يطمحون إليه؟ في جلسة بالسوق العربي قال أحد أبناء الشرق وهو يحتسي كوباً من القهوة أمام حاجة “فاطمة” بالقرب من بنك النيل الرئاسة ” لو رفعت أمريكا اسم السودان من قائمة الإرهاب سترتفع الأسعار مرة أخرى مثلما حدث عندما رفعت الحظر الاقتصادي يا جماعة خلونا في إرهابنا دا”
المفاوضات التي تقودها “ساندرا جولي” اليوم ربما ساهمت في إعادة الحوار السوداني الأمريكي مرة أخرى بعد أن تعثر وتجمد في نهاية العام الماضي وعودة السودان بصورة مفاجئة لأحضان المعسكر الشرقي بعد الزيارة الشهيرة للرئيس “البشير” لروسيا وقد مارست الولايات المتحدة سياسة النفس الطويل ولم تبدِ غضباً أو ردة فعل لذلك تركت الحبل على اليد (مرخياً) ليعود الحوار إلى بداياته اليوم في الخرطوم، فهل من ثمرة؟