السوق .. فليتصدى الولاة لمسؤولياتهم
كشف التحقيق الذي نشرته (المجهر) أمس عن أسعار السلع الاستهلاكية بين المصانع وتجار الجملة وإلى تجار القطاعي عن مفارقات عجيبة، تماماً كما وصفتها محررة التحقيق .
الفرق بين سعر المصنع وسعر التجزئة في جركانة الزيت مقاس (36) رطلاً – مثلاً – أكثر من (100) جنيه، حتى لو كان المصنع في المنطقة الصناعية بحري والبقالة في بحري على بُعد أمتار من المصنع !!
وعلى هذا النموذج قس بقية السلع بما فيها المستوردة، وستجد أن هامش الربح يزيد أحياناً عن (100%).
إذن المشكلة تكمن في تمدد حالة الفوضى التي ضربت الأسواق في بلادنا تحت غطاء شعار (السوق حُر) .. حُرية استباحة مال المواطن المسكين كيفما يشاء البائع، فلا رقيب ولا حسيب .
وفي ظل هذا الاجتياح الغريب والاستغلال غير الأخلاقي لحال أهل السودان، يتوجب على الدولة أن تتدخل لتفرض قواعد وأسس تعرف بها للذين لا يعرفون ولا يريدون أن يعرفوا، معنى مصطلح (السوق الحُر)، لأن ما يحدث اليوم في الخرطوم، مدني وبورتسودان، الأبيض، نيالا، الفاشر وغيرها من مدن وقرى السودان، هو محض فوضى ولصوصية مقننة لا علاقة لها بنظريات الاقتصاديات وأعراف التجارة في العالم .
أسعار اللحوم ترتفع في الخرطوم حاضرة دولة (130) مليون رأس من الماشية، فتصبح أغلى منها في بلاد ترعى في بواديها أقل من مليون رأس !!
هناك سلسلة من الحلقات المترابطة تعمل على أذية الشعب، بعضها تجاوزات وبعضها جبايات متناسلة، وبعضها جشع وغياب ضمير .
والوضع بهذه الصورة المأساوية، يتوجب على ولاة الولايات أن يتصدوا لمسؤولياتهم الدينية والأخلاقية قبل أن يلتزموا واجباتهم الدستورية في خدمة البلاد والعباد .
لقد بلغ الضيق بالناس مبلغاً، فأسعوا إلى التوسعة عليهم، خففوا عنهم ضائقات الاقتصاد وفشل القائمين على أمره بالرقابة والتدقيق والسعي لتوفير السلع الأساسية بأسعار تتناسب ومتوسط دخل الفرد في السودان .
جمعة مباركة.