بعد لقائهم مع رئيس جهاز الأمن .. القيادي بالحزب الشيوعي “صديق يوسف” يخرج الهواء الساخن في حوار مع (المجهر)
* ما تم مع جهاز الأمن لم يكن لقاءً ولكن كان استدعاءً!
* لم نحاول تبرير رفعنا لشعار إسقاط النظام ولكن قلنا أي معارضة في الدنيا كيف ستصبح حكومة إذا هي لم تسقط النظام؟!
خليني من ما قاله “برطم” هو عايش في المريخ ونحن “عايشين” في السودان!
الذين يسعون لفتات الموائد هم ناس “برطم” القاعدين في البرلمان ديل! وقولي هذا الكلام (…) لـ”صلاح قوش”!
* طلبنا من “قوش” تحسين أوضاع المعتقلات والآن سمعنا أنه قد تم تحسينها بالفعل (جابوا ليهم أكل كويس جداد وحركات وجابوا ليهم جرائد!)
حوار – سوسن يس
حاز اللقاء الذي جرى بين جهاز الأمن وقيادات الحزب الشيوعي في أعقاب صدور قرار الرئيس القاضي بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، حاز على اهتمام الأوساط السياسية ونثرت على إثره العديد من التساؤلات في الساحة وعده البعض لقاءً تصالحياً بين الحزب الشيوعي والنظام يمهد لبدء مرحلة جديدة في العمل السياسي بالبلاد، وكثف من هذا الاعتقاد ما بدا خلف كلمات البيان الذي أصدره الحزب بخصوص اللقاء، من محاولة الحزب الاعتذار أو التبرير لخطوة رفع شعار إسقاط النظام الذي يتبناه الحزب الشيوعي.
في هذا الحوار مع القيادي الأبرز بالحزب، الأستاذ “صديق يوسف” (المجهر) حاولت إجلاء المشهد ووضعت على طاولة الحوار مجموعة من التساؤلات حول أسباب ودواعي وأهداف ونتائج اللقاء المثير للاهتمام، وحاولنا إجلاء موقف الحزب.. فإلى مضابط الحوار:
} أستاذ “صديق” اللقاء الذي جرى بينكم وجهاز الأمن أثار تساؤلات في الساحة.. ما هدف اللقاء وهو جرى بمبادرة مِنْ مَنْ؟
– أولاً هو ليس (لقاء).. هو استدعاء.. ناس الأمن اتصلوا بي الساعة (7) مساءً و قالوا لي (رئيس الجهاز عايزك تجي الرئاسة الساعة 9).. كل الذي قلته لهم هو (يا جماعة ما ممكن أجي باكر الصباح؟).. قالوا لي (لا عايزك هسه المشكلة شنو).. قلت لهم (أنا ما بسوق بالليل).. قالوا لي (ح نرسل ليك عربية).. وجاءني ضابط أمن في البيت (فطوالي اعتقدت أن هذا اعتقال وقلت لزوجتي جهزي لي هديمات وباكر إن ما جيت رسلوها لي).. وركبت مع الضابط ونحن في الطريق قال لي رئيس الجهاز عايز قيادة الحزب الشيوعي.. قلت له أنا ما قيادة الحزب الشيوعي، قيادة الحزب جزء من أعضائها لديكم داخل المعتقل والجزء الآخر موجود خارج المعتقل.. ووصلنا مكاتب قيادة الجهاز و(بعد شوية جابوا ديل من كوبر، الخطيب وحارث التوم وصديق كبلو وعلي الكنين وصالح محمود، وجلسنا مع بعضنا في المكتب)، وبعد قليل جاء “صلاح قوش” وبعد التحية قال لنا إنه يريد أن يطرح لنا سياسة النظام الجديدة.. وقال لنا أولاً نحن سنطلق سراح المعتقلين السياسيين، فهناك قرار بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وإنه يرى أن اعتقال السياسيين لمجرد الرأي أمر ما سليم، وسيسمح للأحزاب بممارسة نشاطها ومن الممكن تخصيص مكان للأحزاب لمخاطبة الجماهير مثل الساحة الخضراء، وسياستنا ستركز على محاربة الفساد، ولكن أنتم قررتم إسقاط النظام.. فردنا كان هو (نحن قررنا إسقاط النظام، لأن النظام قفل السبيل أمام أي تحول ديمقراطي عن طريق صندوق الانتخابات، ونحن قاطعنا انتخابات 2010 وقلنا هذا الكلام في 2010 بعد الانتخابات.. وقلنا إننا لا نريد حرباً ولن نحمل سلاحاً ولن نعرض بلدنا للدمار، ولكن عندنا الطريق السلمي جربناه في أكتوبر، طريق الإضراب السياسي والمدني)، فقال لنا الآن هناك مناخ جديد، فقلنا له (البيان بالعمل، إذا كان هناك جو يسمح بالحوار نحن لا يمكن أن نكون ضد الحوار).
هذه تقريباً هي النقاط الأساسية التي طرحت، وطرحنا قضية الأوضاع داخل المعتقلات ورئيس الجهاز وعدنا بإصلاحها.. (والآن قالوا في اليومين ديل حصل تحسن بالفعل، قالوا جابوا ليهم سجاير وتمباك وأكل كويس جداد وحركات وجابوا ليهم الجرائد).
} هل هذا يعني أنه ما زال هناك معتقلون داخل هذه المعتقلات.. فالقرار الصادر قضى بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين كما هو معلوم؟
– طبعاً رئيس الجمهورية أصدر قراراً بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ونحن نفتكر أنه ما زال هناك معتقلون لم يتم إطلاق سراحهم ويجب إطلاق سراحهم، نحن نتكلم عن نوعين من المعتقلين، هناك معتقلون في مناطق الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة، أعداد كبيرة من المعتقلين أسماؤهم غير معروفة بالنسبة لنا ولكن التهم التي اعتقلوا على أساسها أن لهم علاقة وصلات بحاملي السلاح.. طيب حاملو السلاح ديل قضية سياسية وهم مقتنعون أن هذه قضية وطنهم وحملوا السلاح من أجل قضية سياسية وهم سياسيون…
} مقاطعة: كيف سياسيون وهم يحملون السلاح؟
– مقاطعاً: دعيني أكمل.. أنا اعتبر أن هذا عمل سياسي، كون أن أؤيد “عبد الواحد محمد نور” وأرى أنه (رافع شعار كويس)، أنا ما عسكري مع “عبد الواحد” ولكن في رأيي أنه (زول كويس).. طيب تعتقلني لماذا وتقول لي لأنك تؤيد؟ (أنا بفتكر ديل معتقلين سياسيين وهم طلاب البي يو أف يعتقلونهم من الجامعات ، لأن تنظيمهم مؤيد لعبد الواحد كما هو معروف).
} لكنهم طالما أنهم يؤيدون ويدعمون جهات تحمل السلاح وتقوم بعمل عسكري، فهم يعتبرون كوادر لجهات حاملة للسلاح، أليس كذلك؟
– كوادرها في ماذا؟.. كوادرها في العمل العام في أننا نريد أن نحل قضية دارفور، نريد أن نرجع لمناطقنا، نريد أن تصل المعونات لأهلنا، لا نريد منهم أن يضربوننا بالقنابل.. هل هم يرفعون شعارات غير هذه؟
أيضاً المعتقلون الذين اعتقلوا بتهمة تخريب الاقتصاد نحن نطالب بإطلاق سراحهم أو تقديمهم للمحكمة، فمهما كانت الأسباب أنت لست حكماً لتقوم بالاعتقال.. هناك مؤسسات قضائية وليست هناك سلطة فوق القضاء.
} أستاذ “صديق” من يقرأ بيان الحزب الشيوعي الذي أصدرتموه بخصوص ما تم في لقائكم بجهاز الأمن، يشعر بمحاولة اعتذار خلف الكلمات ومحاولة تبرير لرفعكم شعار إسقاط النظام؟
– نحن لم نضع تبريرات، نحن قلنا بالحرف الواحد (في الديمقراطية، في أي مكان في الدنيا، في مصر أو في إنجلترا أو في أمريكا أو في أي دولة، هناك حزب يفوز في الانتخابات ويصبح حزباً حاكماً وهناك أحزاب تكون في المعارضة، وأحزاب المعارضة تعمل جهدها لتغيير وإسقاط الحكومة لتأتي هي للسلطة.. هذا وضع طبيعي.
} هذا وضع غير طبيعي أن يكون هدف أحزاب المعارضة هو أن تعمل جهدها لتغيير النظام وإبعاد هذا الحزب الفائز من السلطة، هذا هدف ووضع غير طبيعي…
– مقاطعاً بسرعة: (أسمعي كلامي.. الأحزاب السياسية هي عايزة شنو؟.. الأحزاب عندها برنامج عايزة تطبقو، فإذا ما فازت ح تعمل جهدها عشان في الانتخابات القادمة هي تفوز وتجي هي تبقى الحكومة، معناها عايزة تسقط الحكومة وتجي هي في مكانها.. هذا هو العمل السياسي.. هذه هي السياسة.. إن هناك أحزاباً لديها برامج سياسية تسعى لتطبيقها ولا تستطيع تطبيقها إلا إذا وصلت للسلطة، ولذلك هي تسعى للسلطة، وهناك سلطة.. معنى ذلك أنها عايزة تسقط السلطة دي.. هذه في الظروف الديمقراطية بتتعمل عن طريق الانتخابات).. طيب إذا لم تكن هناك انتخابات ولا ديمقراطية . ماذا ستفعلين؟.. لو لم يكن هناك انتخابات ستبحثين عن سبل أخرى..
أي معارضة في الدنيا تريد أن تصبح هي الحكومة، فكيف ستصبح الحكومة إذا هي لم تسقط الحكومة؟
} المعارضة في كل دول الدنيا تصبح حكومة ليس عن طريق إسقاط الحكومات الموجودة ولكن عن… ؟
– مقاطعاً بسرعة: الإسقاط بمعنى ماذا؟.. بمعنى (أنا رئيس وزراء وأنت في المعارضة عايزة انتخابات عايزة تشيليني بيها أنا من السلطة وتجي محلي).. في الظروف الديمقراطية هذا يحدث عن طريق الانتخابات ويمكنك أن تحلي محلي عن طريق صندوق الانتخابات، (طيب إذا ما في انتخابات ومافي ظروف ديمقراطية أنت ح تصلي للسلطة كيف؟ ح تفتشي عن وسيلة أخرى غير الانتخابات ؟وهذا هو ما قلناه).. إن هذا النظام قفل طريق الديمقراطية لأنه سن قوانين لا تسمح بممارسة الديمقراطية ونحن قاطعنا انتخابات 2010 لأنه لا يمكن أن تجرى انتخابات في ظل عدم وجود الديمقراطية.. (طيب عايزين نصل للسلطة ح نصل كيف؟.. إذا مافي انتخابات ح نفتش عن وسائل أخرى، الوسائل الأخرى من الممكن تكون حمل السلاح ضد الحكومة ونحن في رأينا كحزب لن نحمل السلاح ولا نريد حرباً أهلية وهذا قلناه بالحرف الواحد للسيد رئيس الجهاز، لكن لدينا وسائل أخرى ومجربة، في أكتوبر أسقطنا النظام وفي (85) أسقطناه بإضراب سياسي، والربيع العربي أسقط أنظمة ديكتاتورية بدون سلاح بالطرق الديمقراطية السلمية، وهذا هو الطريق الذي سننتهجه لإسقاط النظام.
} لكن يا أستاذ “صديق” هل هذا الطريق آمن وسهل؟
– ما آمن ولا سهل! ونتعرض فيه للموت وللضرب وللاعتقال ومات مناضلون، في مظاهرات عام 2013 مات (200) شخص ومات ما يقرب من المليون ونصف المليون في دارفور وفي جبال النوبة و…
} هذا قبل أن تنجح الانتفاضة ولو نجحت وتم إسقاط النظام سيموت الناس بالآلاف المؤلفة بالتأكيد، وستتدمر البلاد لأن ظروف البلاد مختلفة، فهناك سلاح منتشر في أيدي الناس وهناك قبائل ومليشيات مسلحة و و… ؟
– هل ستتدمر أكثر من الدمار الحادث الآن؟.. لا يمكن أن يتصور أحد أن يصل هذا السودان لما وصل إليه الآن من سوء.. (الناس جعانة ما لاقية تاكل ما في أدوية، ما عندها حق العلاج، ما عندها حق التعليم، ما عندها حق المواطنة)، إذا تكلمت يدخلونك السجن ، هذا وضع يستحق التصفية حتى يزول هذا النظام وحتى يأتي وضع آمن يعيش الناس فيه في ديمقراطية واستقرار، في 4 يوليو 2012 أحزاب المعارضة اتفقت على ميثاق ووقعت عليه هو برنامج البديل الديمقراطي، ورفعنا شعار إسقاط النظام ليس من أجل إسقاط النظام ولكن لتطبيق هذا البرنامج.
فالعائق أمام تنفيذ هذا البرنامج هو هذا النظام، وإزالته تفتح الطريق أمام تطبيق برنامج التحول الديمقراطي.
} البعض يرى أن هذا طريق صعب وطويل وأن هناك طريقاً آخر أفضل، هذا الطريق الآخر أشار له النائب البرلماني المستقل “أبو القاسم برطم” في حوار أجرته معه ونشرته (المجهر)، “برطم” يرى أن المعارضة في السودان تنقسم لفريقين.. فريق ارتضى بفتات موائد حزب المؤتمر الوطني ويسعى لنيل الفتات الذي يقدمه له المؤتمر الوطني في كل انتخابات، و… ؟
– مقاطعاً بسرعة: (اللي هم ناس برطم القاعدين في المجلس دا ذاتهم.. هم اللي رضوا بالفتات القاعدين في البرلمان ديل).
} ناس “برطم” جاءوا بالانتخابات؟
– (انتخابات وين؟ ما ممكن زول يفوز في الانتخابات لو المؤتمر الوطني ما عايزو يفوز انت قاعدة في البلد دي؟ عايشة في البلد دي؟!.. أساس الانتخابات هو الحريات والديمقراطية وإذا مافي حريات ومافي ديمقراطية لن تكون هناك انتخابات ، لا نزيهة ولا حرة).. في تاريخ هذه الدنيا كلها ليس هناك نظام ديكتاتوري تم تغييره بالانتخابات.
} نعود للطريق الثالث أو الحل الذي أشار له “برطم”، وهو يرى أن المعارضة تنقسم لنوعين، نوع يسعى لنيل فتات موائد المؤتمر الوطني، ونوع آخر هو أنتم يا أستاذ “صديق”، لا يمد يده للفتات ولكنه يقف بعيداً عاجزاً ويائساً من خوض طريق التغيير الصعب، وفي نفس الوقت ينتقد الذين خاضوا الطريق ويتهمهم بأنهم منحوا الانتخابات المزيفة الشرعية، هذا بالإضافة إلى الفريق الثالث الذي لجأ للحل العسكري و…؟
– مقاطعاً: (طيب لو نحن واقفين بعيد وما قاعدين نناضل بيعتقلونا ليه؟.. جريدتنا دي بيصادروها لشنو، لأننا ساكتين ساكت؟؟ نحن ما ساكتين ساي والشعب السوداني ما ساكت، الشعب بيناضل يومياً ما قاعد ساي منتظر ينزل زول من السماء يشيل النظام، نحن نناضل عشان نشيلو ومافيش طريق آخر).
} الطريق الثالث الذي أشار له “برطم” هو طريق أقل كلفة من طريق إسقاط النظام، لكنه يحتاج لعزيمة.. هو طريق التصدي لتغيير النظام عبر الانتخابات وعبر حراسة وحماية الانتخابات من التزوير بإرادة وبجهد جماهير أحزابكم؟
– مقاطعاً: يا أستاذة نحن ما عايزين انتخابات؟!
} أنتم تريدون الانتخابات ولكنكم يائسون من جدواها في ظل الوضع الحالي؟
– يا أستاذة في انتخابات 2010 نحن طرحنا أنفسنا كحزب سيشارك في الانتخابات، ولكن صدر قرار أمني بمنعنا من إقامة الليالي السياسية.. كيف ستخاطبين جماهيرك إذا منعوك من إقامة ليلة سياسية وكيف ستلتقين بجماهيرك! (ح تخوضي انتخابات كيف!.. ما تقولي لي برطم قال.. برطم دا عايش في المريخ ونحن عايشين في السودان!.. انا ما بقدر أطلع في الشارع دا أعمل ليلة سياسية، فكيف سأخوض انتخابات وكيف سألتقي بجماهيري ؟!).
} في تقديرك ما هو الهدف من اللقاء الذي تم بينكم وجهاز الأمن؟
– والله اسألي ناس الأمن ما تسألينا نحن.. نحن مشينا مجبرين، نحن معتقلون.. (ديك جاءوا بهم من سجن كوبر ولغاية ما وصلوا وممكن تسأليهم، لغاية ما وصلوا مكاتب صلاح قوش هم ما عارفين نفسهم ماشين وين، مافي زول فيهم فاهم حاجة، وأنا من بيتنا جاني ضابط اعتقلني، رسلوا لي عربية.. نحن معتقلون).
} بعض المراقبين والمحللين اعتبروا لقاءكم بجهاز الأمن لقاءً تصالحياً بين الحزب الشيوعي والنظام؟
– (نحن ما بنتصالح مع هذا النظام.. ممكن تقولي لصلاح قوش ولغيره نحن ما بنتصالح مع هذا النظام.. نحن بنعمل لإسقاط هذا النظام ودا شعارنا)، هذا قلناه لـ”صلاح قوش” في الاجتماع وسنقوله اليوم وغداً ونؤكده.. هذا هو موقفنا وموقف حزبنا.
} النظام أعلن أن هناك صفحة جديدة تم فتحها وأن البلاد تستشرف مناخاً جديداً فإذا… ؟
– مقاطعاً بسرعة قبل أن أكمل السؤال: (أنا ردي ليك البيان بالعمل.. ما تقول أنا ح أعمل.. لما تعمل بعدين قول.. البيان بالعمل).
} وإذا تأكد لكم ببيان العمل أنه قد تم فتح صفحة جديدة بالفعل؟
– (يا أستاذة مافي زول ضد الانتخابات، مافي زول ضد الديمقراطية، يعني إذا في ديمقراطية في البلد ح نقول والله ما عايزنها؟!.. تقولي لي أعطيتك الحرية، أقول لك لا أنا لا أريد الحرية؟؟ ما ممكن!).