(المجهر) ترصد نبض الشارع وأصحاب المركبات يحكون مآسي الحصول على جالون جاز
صفوف البنزين والجازولين تعود بصورة أكبر.. وأزمة مواصلات حادة
خبير اقتصادي يتوقع تفاقم هذه الأزمة..
طالبة: نعاني من ارتفاع تسعيرة المواصلات
لم تمض أيام على تطمينات الحكومة بأن أزمة المحروقات التي تم احتواؤها لن تعود مرة ثانية، إلا وعاد مسلسل صفوف الجازولين والبنزين مستمرة في العاصمة المثلثة (بحري_أم درمان_ الخرطوم) أصوات شكاوى سائقي المركبات العامة والخاصة انطلقت من داخل الطلمبات حيث إن الندرة ضربت الجازولين بصورة كبيرة خلال هذه الأيام، تبعه البنزين.. (المجهر) وقفت على حجم المعاناة وتقصت في سبل معالجة الأزمة وتأثيراتها واستطلعت عدداً من السائقين وأصحاب المركبات آراءهم حول هذه الأزمة..
تحقيق: رباب الأمين
تصوير: يحيى شالكا
خلال جولة (المجهر) شاهدنا فوضى في صفوف الجازولين والبنزين، بحيث تتداخل السيارات الكبيرة مع بعضها البعض مما يؤدي إلى تعثر الحركة في الشوارع الرئيسية للطلمبات، الأمر الذي يزعج السائقين فيشتبك بعضهم البعض وسيما أن الطقس الصيفي يجعلهم في حالة ضجر مستمر.
منذ أن أشرقت الشمس وبدأ المواطنون يتوافدون إلى محطات المركبات العامة لكي يتجهوا إلى أماكن عملهم ودراستهم المختلفة ليصطدموا بصعوبة المواصلات، بعض المركبات تمركزت في محطات البنزين، أما صف الجازولين قد أصابه شح وانقطع أمل سائقي الهايسات والحافلات بأنهم سيحصلون على جازولين ولم يتحرك الصف منذ يوم (الجمعة) ببعض المحطات.
(المجهر) وضعت بعض التساؤلات للسائقين، ولكن الضجر والانزعاج كان يسيطر عليهم، حيث إن الصف امتد من صباح (الجمعة) ومايزال مستمراً حتى مساء أمس، بعض من السائقين اتخذوا من الصف منزلاً لهم، حيث إنهم أصبحوا يمسون وينامون ويصبحون على ذات الصف من أجل الحصول على بعض الوقود.
من داخل الصف:
“حسن أحمد” شاب في مقتبل العمر كان يقف على هذه الصفوف ذكر في حديثه لـ(المجهر) بأنه منذ يوم (الجمعة) لم يعد إلى المنزل حتى أنه نام في الطلمبة وأمسى عليها وتوقع بأن ينام لمدة يومين مع هذه الأزمة فالصف لم يتحرك نسبة لانعدام الجازولين، الأمر الذي جعل بعض من المركبات العامة تزيد تعرفة المواصلات، مضيفاً زيادة التعريفة قد يعود بأذى للمواطن، الجهات المسؤولة لم تأخذ موقفاً قاطعاً بشأن فوضى التعريفة وأصبحت جهات صامتة لا تريد بأن تسعف الأمر، لافتاً بأن المحليات تعلم هذه الفوضى ولكنها تأخذ من السائقين مبلغاً من المال.
لم يكن رأي “حسن” وحده الذي ناشد خلاله الجهات المسؤولة بأن تطرق الحلول العاجلة، فالموظفة “أسمهان النور” اعربت عن غضبها فكيف أنها موظفة لها دوام معين وأم لأطفال بأن تقف في هذه الصفوف التي تعطل شؤون حياتها واعتبرت أن أزمة الصفوف أصبحت تلازم المواطن ابتداءً بصفوف الخبز وانتهاءً بصفوف البنزين، مشيرة أن هذه الصفوف ليست منتظمة ويتم فيها شجارات واصفة أن هذه الصفوف يتم فيها الخداع حيث تتداخل السيارات مع بعضها البعض وأن المرأة ليست ذات حنكة في التعامل مع مثل هذه الصفوف، قائلة: (نحن كنساء إلا نأخذ معانا محرم عشان ما يغشونا).
من جانبه رأى الشاب “طه يعقوب” أن الأزمة ستمضي في تزايد وتفاقم كل يوم، مشيراً إلى أن هذه الحالة حرمته من الذهاب إلى الجامعة لأنه يقف مع أبيه في الصف حيث ذكر في حديثه لـ(المجهر) أن الشباب يتحملون صعوبة الصفوف من أجل الجاز ولكن كبار السن لا يتحملون الجلوس لفترات طويلة، مضيفاً أن بعض من السائقين يصرفون على أسرهم من خلال المركبات العامة، فمثل هذه الصفوف تعطل حركة معيشتهم اليومية.
مفارقات بين الصدق والكذب:
الوضع يختلف قليلا لبعض سائقي التاكسي والأمجاد حيث استنكر البعض وجود أزمة مشيرين إلى أن تفاقم الأزمة من قبل الأشخاص، من جانبه نفى “عبد الله إبراهيم” لـ(المجهر) وجود أزمة بنزين وأن البنزين متوفر في جميع الطلمبات مع وجود ندرة في الجازولين لبعض الطلمبات مما يؤدي إلى ارتفاع التسعيرة لبعض الخطوط، مضيفاً أنه توقف الصباح مبكراً في إحدى الطلمبات في شارع عبيد الختم فكان الصف (6) تاكسي وتمت عملية شحن البنزين بسرعة فائقة ومنها انطلق لعمله مباشرة.
اتفق معه سائق الأمجاد “قسم الله” الذي تحدث لـ(المجهر) أن أسعار البنزين مستقرة وفي متناول جميع السائقين في الطلمبات وأن اللتر (30) جنيهاً.
أما “مصطفى حسن آدم” أشار أن لتر البنزين وصل إلى (87) جنيهاً نافياً وجود صفوف للبنزين وأنه لا يعاني من البنزين ولم يقف في الصف بتاتا.
ما خلفته الأزمة:
لعل أزمة الوقود تخلف وراءها العديد من المشاكل التي تعود للمواطن بالضرر حيث انتشرت في الآونة الأخيرة أزمة للمواصلات وارتفاع التسعيرة للمواطن في ساعات معينة الأمر الذي يجعل الركاب في اشتباك مستمر مع سائقي المركبات العامة، حيث تصل تكلفة تعريفة المواصلات الحافلة في خطوط أم درمان الشنقيطي صابرين (3) جنيهات أما في أم درمان شارع الوادي الجرافة (4) جنيهات لكن عند الساعة الخامسة مساءً تتحول التعريفة من (5) إلى (8) جنيهات.
تذمر المواطنين يزداد يوماً بعد الآخر عقب فوضى زيادة أسعار المواصلات التي خلفتها أزمة الوقود، وكانت لـ(المجهر) وقفة مع المواطنين لكي تتعرف على آرائهم واستطلاعاتهم.
حديث المواطنين:
زحمة تدهشنا كل يوم ونحن ننتظر المواصلات.. بهذه الجملة بدأت الطالبة “بثينة إسماعيل” حديثها لـ(المجهر) حيث إنها تقف ساعات طويلة من أجل المواصلات، مضيفة بأن السائقين يزيدون التسعيرة ويكون ردهم حين تسألهم هو (عدم وجود وقود) وأنهم يقفون في الصفوف، مبينة أن أكثر الشرائح الذين يتأثرون من صعوبة المواصلات هم الطلاب، وعلى الجهات المسؤولة مراعاة الجوانب التي تهم الطلاب لأنهم أجيال المستقبل، يجب على الدولة أن تضحي بأن تجعل معظم خدماتها متوفرة في حوزة الطلاب.
الطالب “حيدر جعفر” ذكر في حديثه لـ(المجهر) أنه يعود إلى المنزل بعد الساعة 10 مساءً ويقضي وقته مع أصدقائه أفضل من أن يقضيه واقفا في ازدحام المواصلات، ومع الازدحام تنتشر السلوكيات غير الأخلاقية مثل (السرقة)، موضحاً أنه كل ما يذهب في وقت متأخر فيحفظ نفسه وماله، غاضباً بأن زيادة التعرفة ليست عادلة لأن الظروف الاقتصادية أصبحت صعبة واختتم قائلاً (الفينا مكفينا جابوا ليها زيادة في التعرفة).
فرغم أن المواطنين وجدوا معاناة كبيرة في المواصلات عند الصباح إلا أن الأزمة تفاقمت بصورة أكبر ورصدت (المجهر) في المساء حالة المواقف الرئيسة التي تنتشر فيها العربات، حيث تعذر على الكثيرين الحصول على مقعد إلى منزله، وامتد وقوف المواطنين على أرجلهم لساعات طويلة دون أن تفلح الظروف في الحصول على مقعد، وقد تصدرت أم درمان حالات الأزمة حيث إن الحافلات اختفت بشكل كبير ولم يعد هناك من سائقين على الطريق إلا من قلة.
توقعات اقتصادية:
الخبير الاقتصادي “محمد الناير” في حديثه لـ(المجهر) توقع أن تزداد الأزمة الحالية في مقبل الأيام إلى اسوأ، ورأى أن الدولة تستهون بأزمة الوقود ولم يضعوا الحلول السريعة لمعالجة هذه المشكلة، مبيناً بأنها ستتفاقم ويصعب التحكم عليها.
وشدد “الناير” في حديثه لـ(المجهر) على معالجة هذه الصفوف وانهاء حالة الشح في البنزين والجازولين، موضحاً أن عائدات السودان من النفط لا تقل عن (10 دولارات).