عصر الانحطاط .. !!
كما توقع الصحافي العربي المقيم في “لندن” الأستاذ “عبد الباري عطوان” بمقاله الذي نشرناه بهذه المساحة أمس، نفذ الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” وعيده بضرب نظام الأسد في سوريا، ولكنها وكمال قال الكاتب (ضربة استعراضية) لحفظ ماء وجهه، بعد أن ظل يرغي ويزبد ويهدد و يتوعد منذ الأسبوع الماضي، مستنكراً عدوان قوات “الأسد” على سكان مدينة “دوما” في ريفي “دمشق” بالأسلحة الكيمائية.
عند الساعة الثانية صباح أمس بتوقيت “غرينتش” أطلقت المدمرات الأمريكية الراسية على البحر المتوسط بمساعدة طائرات فرنسية من طراز “ميراج” وأخرى بريطانية من نوع “تورنيدو”، أكثر من (100) صاروخ “كروز” على مركز للأبحاث في “دمشق”، يشتبه بأنه معمل لصناعة الغازات السامة، وموقعين آخرين قرب مدينة “حمص”.
لكن الضربة الأمريكية – البريطانية – الفرنسية انتهت سريعا قبل أن تشرق شمس (السبت)، والأهم أنها لن تغير شيئاً في معادلة توازنات القوة في سوريا، ليبقى “الأسد” هو الحاكم ونظامه هو الباطش بشعبه المحمي بالجيشين الروسي والإيراني !!
هل كانت كل مشكلة “ترمب” وحليفيه الفرنسي “ماكرون” والبريطانية “تريزا ماي” هي استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي؟!
إذن في عرف الحلفاء الثلاثة، أنه يحق للأسد أن يقتل ويحرق ويشرد شعبه كل يوم، ولكن باستخدام المدفعية الثقيلة والصواريخ، وأن يبتعد عن غازات “الكلور” و”السارين”؟!!
هل هذا هو منطق القوى الغربية العظمى.. أن تقتل وتبيد وتشرد وتمزق الدولة ولكن بمنأى عن الكيماوي؟!
لقد ثبت أن كل هذه القوى الدولية وعلى رأسها “إسرائيل” لا تريد الإطاحة بالأسد، بل تريده باقياً ليجهز على ما تبقى من الدولة السورية.
إنها مهزلة العرب ومهانتهم في يوم قمتهم التي لم.. ولن تتجاوز مفردات الشجب والإدانة القديمة الرتيبة الماسخة!!
الطيران الأمريكي، البريطاني، الفرنسي، الإيراني، التركي والإسرائيلي يعبث بأجواء بلادهم العربية في سوريا والعراق ولبنان، وجند الفرنجة يجوسون على أرضهم، بينما هم مشغولون بالإساءة إلى بعضهم البعض على شاشات فضائياتهم وإذاعاتهم وصحفهم ثم يهرعون إلى أمريكا يخطبون ودها بالمال!!
إنه عصر الانحطاط العربي.. بامتياز.