رئيس الجمهورية يخاطب الهيئة التشريعية القومية معلناً الحرب على الفساد في كل مكامنه
"البشير" يحذّر قوى (نداء السودان) ويضعها أمام خيارين لا ثالث لهما
الرئيس: غير مسموح بالجمع بين العمل العسكري والعمل السياسي!
“البشير” يتعهد بتطبيق قانون الثراء الحرام و”من أين لك هذا؟” بصرامة
كتل برلمانية تعلن مساندتها لرئيس الجمهورية في حربه على الفساد
الخرطوم – وليد النور
شهد الطريق المؤدي إلى المجلس الوطني، أمس (الاثنين)، حراسة أمنية مشددة، حيث أحاطت الشرطة العسكرية بزيها المميز بمبنى البرلمان على طول شارع الموردة بأم درمان.. وداخل قبة البرلمان على غير العادة، كان حضور النواب كثيفاً حيث لم يظهر سوى عدد قليل من المقاعد الشاغرة ربما تغيب أصحابها بسبب المرض أو السفر عكس الجلسات العادية، التي يتغيب النواب عنها وتظهر المقاعد الشاغرة، حتى تلك الخاصة ببعض رؤساء اللجان. بيد أن النواب أبدوا حرصاً استثنائياً على حضور الجلسة الافتتاحية التي شهدها أمس، أيضاً، عدد كبير من الإعلاميين ضاقت بهم الشرفة المخصصة لهم، ليتحول عدد منهم إلى الشرفة الشمالية المخصصة للضيوف. وكان الدخول إلى شرفة الإعلاميين سهلاً عكس المرات السابقة، وكان وزير رئاسة مجلس الوزراء ووزير الدفاع من أوائل أعضاء الجهاز التنفيذي حضوراً.
بعد استقبال الرئيس في الحادية عشرة صباحاً اصطف على يمين المنصة الرئيسية رؤساء المحكمة الدستورية والقضاء والمحكمة القومية العليا ومساعدو رئيس الجمهورية الذين غاب منهم كبير المساعدين “محمد الحسن الميرغني”، وحضر كل من دكتور “فيصل حسن إبراهيم” و”موسى محمد أحمد” واللواء “عبد الرحمن الصادق المهدي” والشيخ “إبراهيم السنوسي”. وجلس في مقاعد الوزراء وزير رئاسة الجمهورية دكتور “فضل عبد الله فضل” و”أحمد سعد عمر” ووزير الدفاع الفريق أول “عوض بن عوف”، وجلس على شمال المنصة الرئيسية رؤساء البرلمان السابقين “محمد الأمين خليفة” و”أحمد إبراهيم الطاهر” و”الفاتح عز الدين المنصور”. وبعد استقبال الرئيس دخل إلى القاعة السادة نواب رئيس البرلمان ورؤساء اللجان ثم دخل عضو البرلمان ومدير عام جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول أمن “صلاح عبد الله محمد صالح” (قوش) الذي دخل بالبوابة الرئيسية، وجلس في مقاعد التنفيذيين بدل مقعده السابق.
{ (نداء السودان) بين خيارين
بعث رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية للهيئة التشريعية القومية دورة الانعقاد السابعة أمس (الاثنين)، بتهديدات صريحة إلى قوى (نداء السودان) بعدم الدمج بين العمل العسكري ضد البلاد من جهة وممارسة النشاط السياسي من جهة أخرى. وخيّر الأحزاب السياسية المتحالفة مع قوى (نداء السودان) بين حمل السلاح أو العمل السياسي، مؤكداً أن حمل السلاح سيواجه بالحسم اللازم والعمل السياسي يتطلب من قوى (النداء) الإعلان صراحة عن نبذ العنف وترك السلاح والانخراط في العملية السياسية.
من جهته، قال رئيس الهيئة التشريعية القومية البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر”، لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية للهيئة التشريعية القومية، أمس (الاثنين)، إنه خلال الدورات الست الماضية أنجز مجلسا الهيئة (البرلمان ومجلس الولايات) العديد من التشريعات التي تصب في إطار تنفيذ برنامج إصلاح الدولة، وعدداً من التشريعات الأخرى، واستمرت اللجان خلال عطلة المجلسين تقوم بدورها الرقابي، وساهمت الهيئة ممثلة في قياداتها وأعضــائها، بزيارات لبعض الولايات لدعم خطة الدولة لجمع السلاح، بحسبانها مشروعاً قومياً ووطنياً يدعم السلام، في سعي مستمر بإذن الله لدعم جهود الدولة لتعزيز السلام والأمن والاستقرار في ربوع البلاد.
وقال بروفيسور “إبراهيم” إن مبادرة الحوار الوطني دعت إلى تجاوز الخلافات ونبذ الفرقة والشتات والعصبية والجهوية، ودعت الفرقاء بمن فيهم حاملو السلاح للجلوس إلى الحوار، وهيأت الضمانات السياسية لكل الفرقاء للمشاركة في الحوار الوطني، وجددت بشكل مستمر ومنتظم وقف إطلاق النار لتهيئة البيئة الصالحة لبناء الثقة بين أبناء الوطن الواحد حتى تذهب بلادنا إلى آفاق أرحب، وهي آفاق تعظيم الوطن وجمع صفه وتوحيد كلمة أبنائه، لينهض في وجه التحديات الجسام التي تعلمونها ويعلمها شعبنا جيداً.
واستطرد قائلاً مخاطباً الرئيس إن اعضاء الهيئة التشريعية القومية يقفون داعمين لجهودك ومؤازرين بالفكرة والرأي السديد إن شاء الله، لا يبخلون بعطاء أو جهد، يقفون معكم، في النهوض بدورهم لسن التشريعات، التي تسعون بها لتنفيذ برنامج إصلاح الدولة، وتسعون بها لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وفاءً للعهد والوعد الذي قطعتموه أمام أبناء شعبكم.
وجدد البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر”، التزام الهيئة التشريعية التي حمل أعضاؤها أمانة التكليف ومسؤولية النيابة أعضاءً في المجلس الوطني ومجلس الولايات، بالقيام بدورها التشريعي والرقابي كاملاً، وفي إطار من التعاون والتكامل بين الجهازين التشريعي والتنفيذي، وقال: (سنصدقكم النصح في كل دورة تقدمون فيها خطابكم لهذه الهيئة).
{ الأمن بقوة القانون
من جانبه، قال الرئيس وهو يواصل ما بدأه من تحذير وتهديد لقوى (نداء السودان): (سنفرض الأمن بقوة القانون، ومن أراد أن يعيش في أوهامه ويظل في غيبوبة سياسية ويكابر فليجرب ونحن له بالمرصاد). وأضاف: (كل من يعتقد أنه يمكن له ذلك، فهو واهم وفاقد بصر وأعمى بصيرة أو مغرر به ولا خيار له إلا أحد أمرين إما حمل السلاح، وعندها سنواجهه ولن يعترينا أي تردد في تنفيذ مقتضيات أمن مجتمع وتأمين الدولة، أو العمل السياسي)، وشدد على أنه لن يسمح بالجمع ما بين العمل العسكري والعمل السياسي، تحت أي مسمى، وأضاف: (نعلنها بوضوح لا لبس فيه، لا تخويفاً، ولا ترهيباً، بل التزاماً دستورياً بإعمال مقتضيات القانون بأننا لن نسمح مطلقاً بالجمع ما بين العمل العسكري المضاد للدولة والعمل السياسي تحت أي مسمى جاء)، وزاد: (لا يمكن لدولة مسؤولة أمام الله ومن ثم أمام دستورها أن تسمح لقوى تروع مواطنيها وتسلبهم وتقتلهم بأن تكون لها ذراع سياسية في داخل البلاد وتشارك في العملية السياسية). وقال “البشير”: (لن نسمح للتنظيمات الطلابية في الجامعات السودانية أن تكون أيادي لحركات تحمل السلاح).
{ دستور الدائم
أطلق الرئيس مبادرة رئاسية للدستور الدائم للبلاد، وقال إن المشاورات ستمضي لتشكيل الآلية الوطنية لوضع الدستور الدائم للبلاد، لافتاً إلى أنه سيطرح للاستفتاء الشعبي وبمشاركة القوى السياسية كافة.
{ إصلاحات هيكلية داخل بنك السودان
أعلن “البشير” عن إصلاحات هيكلية داخل بنك السودان، وقال إن هناك عمليات تقويم للبنوك الحكومية والخاصة على رأسها بنك السودان المركزي. وأضاف: (نجري إصلاحات هيكلية في بنك السودان)، وأعلن ما سماه الحرب على الفساد في كل مكامنه لاسترداد أموال الشعب المهدرة.
{ كتل برلمانية تساند الرئيس
أعلنت مجموعة من الكتل البرلمانية تأييدها لرئيس الجمهورية في حربه على الفساد، وقال عضو البرلمان عن حزب الأمة “فتحي مادبو” إن حزبه يؤيد الرئيس في حربه على الفساد، وأضاف: (موقف البشير من الفساد يجد من حزب الأمة كل الدعم).
وقال الناطق باسم كتلة الحزب الاتحادي الديمقراطي “الطيب المكابرابي” إن الاتحادي يساند “البشير” في حربه على الفساد، مشيراً إلى أن الرئيس أعلن عن حربه على الفساد بعبارات واضحة وصريحة.
{ الحوار مع أمريكا
قال “البشير” في خطابه أمام الهيئة التشريعية القومية إن الحكومة تترقب الانتقال إلى المرحلة الثانية من الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية توطئة لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأضاف إن البلاد حققت في الفترة الماضية اختراقات مهمة على الصعيد الأوروبي- الآسيوي- الأمريكي، بعد إلغاء العقوبات الاقتصادية الأمريكية على السودان، لافتاً إلى أن جميع الأجهزة الأمريكية المعنية أكدت أن السودان لا يرعى الإرهاب وله دور إيجابي في مكافحته.
{ الحرب على الفساد
تعهد رئيس الجمهورية بتطبيق قانون الثراء الحرام ومن أين لك هذا؟ بصرامة للكشف عن المال الحرام والمشبوه، مؤكداً أن الحرب على الفساد في بدايتها ولن يفلت أحد من العقاب وسنتابع إجراءاتنا ومعالجتها حتى نسترد أموال الشعب المنهوبة، وأضاف إنها حرب على الفساد في كل مكامنه ومخابئه، وهي حرب في بدايتها، ولن تقف إلى أن تحقق أغراضها لتنتهي فيها عمليات تهريب الذهب والمضاربة في العملة واحتكار السلع الضرورية، وقطع بملاحقة المتلاعبين بأموال الشعب داخل وخارج البلاد حتى يسترد الاقتصاد عافيته.
وقال “البشير”: (لقد بذلنا في الفترة المنصرمة عناية خاصة لتعزيز علاقات بلادنا مع دول الجوار باعتبارها مجالنا الحيوي والإستراتيجي، حيث وظفنا دبلوماسية الرئاسة في تحقيق نقلة نوعية في علاقاتنا مع الشقيقة مصر على قاعدة الوضوح والشفافية والمصالح المتبادلة وحماية السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ونأمل أن تشهد مقبل الأيام جهوداً مكثفة للانتقال بالعلاقة بين البلدين إلى مستوى يكافئ عمق الروابط الأزلية بين الشعبين). وأضاف: (كذلك واصلنا جهودنا لتنمية علاقاتنا مع تشاد وأفريقيا الوسطى من خلال جهود مشتركة لتحقيق الأمن على الحدود بمشاركة الأطراف المعنية، وحددنا موقفنا الثابت عبر مختلف وسائل التواصل واللقاءات بأننا مع الإيقاف الفوري للحرب اللا إنسانية في دولة جنوب السودان، وطالبنا بضرورة حل الخلافات بحوار جاد تحت رعاية إيقاد والاتحاد الأفريقي وبمشاركة كل أطراف النزاع، ولا تزال جهودنا متصلة لتحقيق ذلك، واتجهنا لدول القرن الأفريقي بمبادرة بناءة لإطلاق تجـمُع اقتصادي لدول القرن الأفريقي ستلتئم قمته في الخرطوم قبيل نهاية شهر أبريل 2018م لحشد جهود هذه الدول من أجل التنمية المشتركة لمجتمعاتها، كما نجحت الجهود التي اضطلعت بها دبلوماسية الرئاسة في بناء علاقات إستراتيجية من أجل التنمية مع الصين وروسيا وتركيا، ومنظور أن نصل إلى هذا المستوى الإستراتيجي من العلاقات مع بقية دول البركس، لا سيما الهند).
{ بقاء الجيش في اليمن
أشار “البشير” إلى أن علاقاتنا العربية قد شهدت تطوراً ملحوظاً نحو تحقيق الغايات المشتركة ودفع جهود الاستثمار في البلاد وقال: (أرجو أن أجدد هنا استمرار قواتنا الباسلة في تنفيذ مهامها ضمن قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن إلى أن تحقق أهدافها النبيلة بمشيئة الله).. ودولياً– قال: (حققنا في الفترة الماضية اختراقات مهمة على الصعيد الأوروبي والآسيوي والأمريكي بعد قرار إلغاء العقوبات الاقتصادية الأمريكية على السودان، ونحن نترقب الانتقال إلى المرحلة الثانية من الحوار الأمريكي توطئة لرفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ونرجو أن ننجح في ذلك بمشيئة الله بعد أن أكدت جميع الأجهزة الأمريكية المعنية أن بلادنا لا ترعى الإرهاب بل لها دور إيجابي في مكافحته)، وقال إن سياستنا الخارجية ظلت وستظل قائمة على عدم الاعتداء على الآخرين وعدم الرضوخ للاعتداء أياً كان، ونرجو أن نجدد حرصنا على الانفتاح على دول وشعوب العالم كافة لتنظيم الشراكات والمنافع على قاعدة التوازن بين المصالح والمبادئ مع جميع الأطراف ليظل السودان بلـــداً فاعلاً متفاعلاً في محيطه الإقليمي والدولي من أجل شراكات التنمية وحفظ الأمن والسـلم الإقليمي والدولي.
{ مشاهدات
} “نافع”
الدكتور “نافع علي نافع” جاء مبكراً إلى البرلمان، والتف حوله عدد من النواب يلقون عليه التحية واحداً تلو الآخر قبل أن يدخل إلى قاعة البرلمان.
} “ابن عوف”
وزير الدفاع الفريق أول “عوض محمد أحمد بن عوف” جاء هو الآخر في العاشرة صباحاً وصافح عدداً من النواب ومازحه الصحافيون: (يا سعادتك أقيف ناخد ليك صورة لأنك إنت ما بتتكلم)، فوقف والتُقطت له لقطات.. واتجه مسرعاً إلى الباب المؤدي إلى مكتب رئيس البرلمان.
} الحزب الناصري
حضر الأمين العام للحزب الناصري دكتور “معتصم محمود” وأخذ مجلسه بين الحاضرين، لكنه أصر على أن لا يصرح للصحافيين.