تطاول المدة جعل الكثيرين منا ينسون استحقاق (المشورة الشعبية) الذي نصت عليه اتفاقية السلام الشامل في 2005 في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وهو أن يتم استفتاء لا يترتب عليه انفصال أو وحدة كما في حالة جنوب السودان الواردة في الاتفاقية، استفتاء في الرأي يوضح مدى رضا المواطن عن ما قدم له من تنمية خلال الفترة الانتقالية للاتفاقية، وتبيان مواقع الخلل لمعالجتها.
تذكرت (المشورة) وأنا أطالع حديث القيادي بحزب المؤتمر الوطني البروفيسور “الأمين دفع الله” في حوار مع الزميلة بالصحيفة “هبة محمود” باعتباره مسؤول المشورة الشعبية بتكليف من رئيس الجمهورية.
أهمية الاستحقاق أنه يتيح لأهالي الولايتين التعبير عن ما إذا كانت الاتفاقية قد حققت الغايات المطلوبة من تحقيق التنمية المتوازنة، ويكون واجب الحكومة النظر للنتائج والتعامل معها لمعالجة أوجه القصور. وحسب ما أفاد البروف فإن المشورة واستنطاق الآراء تمت في ولاية النيل الأزرق إبان وجود واليها الأسبق “مالك عقار أير”، ورغم ذلك فإنه لم يترتب أي شيء على تلك النتائج، والمواطنون في انتظار الفرج بعد أن أوضحوا رؤيتهم الكلية.. وفي المقابل فإن ولاية جنوب كردفان وهي الأكثر تأثراً بالحرب لم يتم فيها إجراء أية مشورة للمواطنين، والسبب في ذلك حسبما نقل سعادة البروف “الأمين دفع الله” هو عدم تشكيل مجلس تشريعي في ذلك الوقت يقوم مقام الجهات المعنية بعمل المشورة.
لا أعرف لماذا صمتت الحكومة عن هذه المكاسب الكبيرة التي ربما تكون بمثابة معالجات حقيقية لاختلال التنمية التي أعادت الحرب مرة أخرى، وهي تعلم أن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من شأنه أن يخفف على الحكومة حالة التوتر وعدم قبول الآخر في الولاية.
أتوقع أن تكون هذه المعلومة (المشورة) التي كانت طي النسيان، مؤشراً جيداً للكثيرين من قيادات الولاية أي جنوب كردفان، بأن هناك مكاسب ما تزال عالقة بسبب الأوضاع الحالية.
فبذات القدر الذي يجعل أهالي النيل الأزرق في حاجة لتدابير تعينهم في تنفيذ ما اتُفق عليه، فإن أبناء جنوب كردفان بحاجة للبدء من الصفر للوصول إلى مرحلة الرأي.
لا بد لأبناء جنوب كردفان أن يكونوا على أهبة الاستعداد للضغط على تنفيذ هذا الاستفتاء (المشورة)، والاستفادة من المطالب التي وردت خلال اتفاقية السلام الشامل.. والله المستعان.