أخبار

الأزمة الصامتة

منذ شهر وأغلب ولايات السودان بما في ذلك العاصمة الخرطوم، تعاني شحاً في الجازولين والبنزين، وتمسك السلطات الولائية والاتحادية عن توضيح أسباب شح الوقود، وبات منظر تزاحم البصات والحافلات وعربات النقل أمام طلمبات الخدمة مألوفاً، وعادت وأطلت تجارة الوقود من السوق السوداء بمضاعفة سعر جالون البنزين والجازولين وبيعه للمحتاجين سراً وعلناً، وتعطلت في بعض الولايات محطات المياه والطواحين.. ولجأ البعض لحفر الآبار وعودة (الدلو) لسد حاجة الحيوان من الماء.. كل ذلك والحكومة صامتة تنظر للأزمة أمامها ولا تحرك ساكناً في حلها.
في صحف الأمس قال رئيس اللجنة الفرعية للنفط والغاز بلجنة الطاقة بالبرلمان “إسحق بشير جماع” إن أسباب الأزمة الحالية ( شح الغاز والجازولين)، تعود لرفض أصحاب عربات النقل التعريفة المحددة لنقل المواد البترولية من بورتسودان إلى الخرطوم، لافتاً لاعتراض أصحاب عربات النقل بزعم أن التعريفة غير مجزية.. وإذا صحت تبريرات النائب البرلماني فأين شركات الحكومة وأسطولها لنقل الوقود؟ وهل للحكومة أسطول نقل يسد النقص الحالي ، والإضراب غير المعلن لملاك الشاحنات؟، إن صحت طبعاً مزاعم النائب البرلماني المنتمي لشركاء الوطني في حكومة الوفاق؟ الحكومة تملك أسطولاً ضخماً من الناقلات يتبع للشركات التي في ظاهرها شركات خاصة وفي أصلها شركات تتبع لجهات حكومية سواء كانت قوات نظامية أو غيرها من (جيوب الحكومة)، التي خرجت من السوق ،ودخلت في ذات الوقت، وإذا نظرت اليوم للسوق فإن كل ضروب النشاط الاقتصادي تسيطر عليه شركات الدولة وأذرعها غير المباشرة من النقل، إلى الصرافات والبنوك وحتى شركات النظافة ، هي في الأصل شركات حكومية، فلماذا لا تحرك الحكومة أسطول نقلها لسد النقص الحالي، إن كان الأمر مجرد خلاف في تعريفة النقل!!
ولكن أزمة نقص الوقود تبدو أكثر تعقيداً وتفاقماً مما عده النائب البرلماني أسباباً للشح الحالي في الجازولين والبنزين، خاصة في الولايات حتى القريبة من العاصمة الخرطوم، مثل النيل الأبيض وشمال كردفان، حيث تعطلت حركة نقل البضائع، وتبعاً لذلك ارتفعت الأسعار لأرقام خرافية، وخلال يوم أول أمس (الإثنين) وفي طريق عودتي من الدبيبات للأبيض، نفد وقود السيارة ولجأت للسوق الأسود، حيث يباع جالون البنزين بمبلغ (100) جنيه كاملة وعلناً دون خوف من رقابة حكومية.. وفي مدينة الأبيض تطاولت صفوف السيارات المنتظرة في محطات الخدمة ، وإذا كنت على عجلٍ من أمرك ولا تستطيع الوقوف في الصفوف لثلاث أو أربع ساعات، فإن حل مشكلتك في الذهاب للسوق السوداء، وشراء جالون البنزين بمبلغ (80) جنيهاً بدلاً عن مائة جنيه في الديبيات ، بجنوب كردفان.. وتظهر السلطات لحجز وقود الشركات في خزانات الوقود وعدم التصرف فيه إلا بموجب تصاديق تصدرها الحكومة لأصحاب الطلمبات.. فهل الأزمة التي تمتد من الخرطوم وحتى أطراف البلاد أسبابها النقل فقط من بورتسودان ، إلى مناطق الاستهلاك؟ أم أن هناك أسباب أخرى نحن لا نعلمها وتعلمها وزارة المالية وبنك السودان ،الذي جفف السيولة من الأسواق، وقيد حركة الصادر والوارد، كل ذلك من أجل خفض سعر الدولار بغض النظر عن تبعات ذلك على اقتصاد البلاد الكلي.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية