استئذان الأزواج : صرامة الالتزام تتراخى أمام ضرورة الخروج!!
ما أن غادرت “شادية” منزلها بصحبة زوجها، حتى انبرت النسوة المُعزيات لعقد ندوة جدلية لمناقشة ما أطلقن عليه غرابة تصرفها، وذلك على خلفية انتظارها عودة زوجها من عمله ليأخذها لمنزل شقيقها الذي توفي للتو، وتساءلت السيدات: كيف لها بكل هذا الصبر والجلد و(المهلة) والتريث في مواجهة الخبر الفاجع؟ وهل يُعقل أن تأتي إحدانا بمثل تصرفها هذا يوماً ما؟ وبعد نقاش مستفيض و(تنظيرات) عميقة، وتداخلات متباينة، استنكرن فعلتها (الشنيعة) هذه، ونددن بها، وأدنها إدانة شديدة.
ثم بعد أن تفرق الجمع، وعاد الهدوء إلى طاولة (القطيعة)، دعوني أقول أن أكثر ما تبرزه عاداتنا وسلوكياتنا كسودانيين هي (صفة) المجاملة المفرطة، الناتجة عن التلاحم وترابط النسيج الاجتماعي. ورغم الانشغال الكبير بواقع الظروف القاسية، إلاّ أن هذه الخصلة الحميدة لا زالت تتبناها بعض النساء الأكثر مبادرة نحو هكذا مجاملات، وهؤلاء لا يتوانين لحظة في انجازها، فيسقط جراء ذلك دون قصد منهن حق شرعي وأخلاقي أصيل استئذان الزوج في الخروج إلى تلكم المشاوير، حتى تلك التي تأتي بغتة وعلى عجل، لكنهن في غالب الأمر لا يفعلن ذلك، بل (يتلفحن ) ثيابهن ويتنادين ويتداعين ثم ينطلقن إلى بيت (المناسبة) دون الاكتراث لأزواجهن، وفي المقابل هنالك أخريات لا زلن يتمسكن بأخذ الإذن أولاً، ومن ثم الخروج.
(المجهر) حاولت التعرف عن قرب، على مدى تمسك (النساء) باستئذان أزواجهن عند الخروج إلى المناسبات، عبر هذا الاستطلاع:
إذا اتصل فقط
عطفاً على قصة” شادية” التي انتظرت حضور زوجها لأخذها إلى بيت شقيقها المتوفى، وبعد أن تناهى إليها ما ثرثرت به جاراتها، ردت عليهن بتسريب يقول: أنا أخذ مثل هذه الأمور بعين الشريعة والدين، وأمتثل في ذلك لله ورسوله، ولم أتعود طيلة فترة زواجي التي فاقت الـ(15) عاماً، أن أخطو نحو عتبة الباب دون إخطار زوجي، واستطردت: ثم أن الميت هو شقيقي، ولا يستطيع أحد أن يلومني في واجبي، وأهلي أدرى بطبيعة زوجي، فضلاً عن كونهم زودوني بهذه الوصية، فلماذا يحشر الناس أنوفهم في خصوصياتنا وأسلوب حياتنا؟.
أما “عبير” المتزوجة من مغترب، فترى أنه من المفترض أن يسقط عنها الاستئذان، إذ ليس من المعقول أنها وكلما همت بالخروج تتصل بزوجها لتستأذنه، سيما وأن المجاملات في السودان لا تنتهي، وقد تضطر للخروج أكثر من مرة في الأسبوع، وكشفت “عبير” عن أنها قد تجبر على السفر أحياناً دون علم زوجها المغترب، ومع أول اتصال تخبره بوجهتها، ولم تجد اعتراضاً منه ولا ممانعة.
وأردفت: عندما يحضر في إجازته السنوية يكثر نقاشنا بسبب تجاهله لي وعدم إبلاغي بخروجه في كثير من الأحيان، الأمر الذي يزعجني، ويدخلني في حرج، خاصة عندما يأتي أحدهم لزيارته ويسأل عنه، ولا يجد عندي إجابة، فيعتقد أن بيننا شقاق ومشاكل.
من الأدب والحكمة
لا أتحرك قيد أنملة، ولا أتصرف في شيء دون مراجعة وإخطار زوجي، وهو أيضاً يفعل ذلك، هكذا ابتدرت “سلمى” إفادتها، قبل أن تواصل قائلة: من الضروري استئذان الزوج، وكلما هممت بمغادرة المنزل حتى ولو لأمر بسيط، لا بد وأن اتصل به وأخبره، وهو لا يرفض أبداً، لكن يظل مهماً جداً لأنه يُشعر الطرف الآخر، خاصة الزوج بقيمته ومكانته، بل ويوطد أواصر العلاقة الزوجية، ويعزز الاحترام بين الأزواج، وأضافت “سلمى”: في المقابل هو لا يتجاوزني في تحركاته، فكلما دعت الضرورة لتغيير مساره بعد العمل يخطرني بذلك، وإذا تأخر عني يتصل بي ويطمئنني، وهكذا تسير حياتنا دون ملل وضجر ومشاكل.
لا استأذن زوجتي أبداً
وفي الجانب الآخر، بالنسبة للرجل فالأمر مختلف تماماً، حيث استنكر الأستاذ “عوض عدلان” صحفي، مسألة الاستئذان قائلاً: هناك حريات في التعامل، كما أن هناك اختراعاً يسمى (الجوال)، فأنا أخرج حيثما أشاء وفي أي وقت، دون أن أخبرها، وإذا أرادت شيئاً مني فلتتصل بي، وهي أيضاًً من حقها أن تخرج أمام عيني ولا تطلعني على وجهتها، وأنا لن أسالها، لأنها قطعاً ستعود وبيننا الهاتف.
لكن الأستاذ “فائز” خالفه الرأي بقوله: لا بد لكليهما (الزوج والزوجة) من إخطار الطرف الآخر واستئذانه عند الخروج، وأضاف: لا أسمح لزوجتي أن تتخطاني وتخرج دون علمي، حتى وإن كانت وجهتها (البقالة) التي أمام المنزل، وكذا الحال بالنسبة لي، حتى أن حدث لي طارئ أثناء ساعات عملي وأضررت للخروج اتصل بها وأخبرها على الفور، وذلك ليس من باب التزمت أو التحكم في الآخر، وإنما لدواعي الاطمئنان ومعرفة تحركات كلينا.