أخبار

لقاء السحاب

تماهت مصطلحات ولغة كرة القدم في السياسة.. وأصبحت تعابير مثل لقاء ولقاء السحاب ومواجهة الكبيرين تعبر خطوط المرمى ومدرجات المشجعين إلى فضاء السياسة.. حينما يلتقي في السياسة الرئيس الروسي “فلادمير بوتن” والأمريكي “ترمب” فإن ساعة العالم تتوقف وتتجه الأبصار إلى قصر الكرملين أو مكان اللقاء.. ولا يزال تأثير الزعماء في الغرب والشرق والجنوب والشمال كبيراً وحاسماً.. حينما ينازل برشلونة غريمه ريال مدريد يترقب النزال القاطنون في الحي اللاتيني في باريس والمنتظرين رحمة السماء في مدينة كيسمايو الصومالية التي تتنفس تحت زخات الرصاص.. واليوم يترقب السودانيون في قوز كبرو وقوز دنقو وقوز أبو ضلوع والقوز ومحلية القوز وكل قيزان البلاد لقاء “البشير” و”السيسي” في القاهرة.. وكذلك يترقب المصريون في القنطرة والقنال.. وسيناء والجيزة، ما يسفر عنه لقاء السحاب بين كبير السودانيين وكبير المصريين.. وعند لقاء الكبار يصمت الصغار.. تخرس أبواق الإعلام الذي ينفخ في (قربة) الفتنة.. وتتوارى حسناوات القنوات اللاتي يخدشن العلاقة الأزلية كما يزعمون بالكلام الذي يفرق ولا يجمع.
إذا كان الرئيس “عبد الفتاح السيسي” يتجه هذه الأيام للشعب المصري لينال ثقته.. ويمنحه بطاقة بقاء في السلطة وشرعية تغطي عورة وصوله للحكم بانقلاب عسكري، فإن بعض من السودانيين يقودون مع المصريين حملة إعلامية من أجل (الرصين) “السيسي” وقد غنت المطربة السودانية “ندى القلعة” لمصر ولـ”السيسي” ووجدت من يطرب للحنها هناك.. ولا عجب أن وقف المصريون مع انتخاب “البشير” في قادم الأيام، فلماذا يحترب النظاميون وكلاهما يبحثان عن موقع لدولتيهما حتى شمس الديمقراطية وتنمية البلدين متى كانت الأيدولوجيا سبباً في خصام الشعوب؟ مصر التي اختارت بمحض إرادتها نظاماً علمانياً والسودان الذي اختار نظاماً إسلامياً يملكان فرص التعايش والتعاون والتكامل.. والسودان اختار الحزب الحاكم أن يجعل من الشيوعيين الصينيين أقرب إليه من حزب النور السلفي في مصر.. و”السيسي” الذي يداعب النظام الإسلامي في تركيا.. ويتطلع إلى التعاون واستثمار لتركيا في مصر وهو “السيسي” نفسه الذي تنتابه هواجس ومخاوف غير مبررة من الإسلاميين في السودان الذين إذا ذهبوا من السلطة في السودان لغرقت المنطقة برمتها في فوضى تدق أبواب القاهرة قبل أي من دول الجوار.
لا يشكل النزاع حول منطقة حلايب سبباً في توتر العلاقات وتدهورها.. وحلايب يعود جذور النزاع حول ملكيتها إلى ستينيات القرن الماضي.. ولم ترق فيها الدماء المصرية أو الدماء السودانية ولا ينبغي أن تصبح حلايب قضية تذهب بالعلاقات إلى الجحيم.. أما الإدارة المشتركة أو جعلها منطقة تكامل أو تقسيمها بإرادة الطرفين أو تجميد النظر فيها لمدة عشرين عاماً.. وإطلاق أي قيد لحركة المواطنين لحلايب دخولاً وخروجاً حتى يتم التوصل لاتفاق نهائي حولها.
مصر تعلم أن الوجود المصري في السودان مثل الوجود السوداني في مصر.. ولا نشاط معلن للمعارضة المصرية في الخرطوم مثلما تفعل المعارضة السودانية في القاهرة برضاء ورعاية المخابرات المصرية، ورغم ذلك يتهم السودان بإيواء مصريين مطلوبين هناك.. مثل هذه القضايا يحسمها مديرا جهازي الأمن في البلدين.. ومنذ عودة “صلاح قوش” لرئاسة جهاز الأمن هنا.. بدأت بوادر انفراج لاحتقانات مع بعض دول الجوار خاصة مصر وفي الطريق اريتريا.. أما الإعلام فالواقع الآن يقول هدأت العاصفة.. والتزم الإعلام على الأقل في السودان بتوجيهات الدولة.. ولذلك يترقب السودانيون هنا.. والمصريون هناك قرارات من الرئيسين تضع قطار التكامل في قضيب يعبر من حلفا إلى السويس.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية