الديوان

السوميت..حكاية (جاليري) تحول إلى (كافيه)

مالكه صنع منه (دوحة للتراث والمنحوتات الفنية)

الخرطوم- نهلة مجذوب
الدهشة وحدها تحلق بك في عوالم المكان، تتداعى أشياؤه لتفيق إنك لست في محل قهوة أو كافيه عادي، ولكنك في واحة من العراقة والجمال في حضرة التراث الذي يزين المكان، ويتيح لك أن ترى كل ثقافات السودان حولك..حقاً إنها قصة قهوة سوميت بالرياض الخرطوم.
والتي كما رواها العامل الشاب أحمد بالكافية وسمح لنا بالتصوير، إن المحل هو ملك لفنان تشكيلي يعيش خارج السودان، يهتم كثيراً بالفن والتراث، يجمع معظم تراث السودان ولديه مقتنيات خاصة كثيرة، وتزين جدران القهوة، لوحاته التشكيلة التي تحكي عن الثقافة السودانية وحركة إيقاع الحياة اليومية الجميل البسيط.. وأوضح أن المكان كان في السابق جاليري للفن، وتحول برغبة الكثيرين من مرتاديه إلى كافيه..
ساقتني قدماي دون قصد إليها، ففي نهارات العمل الصحفي تحتاج أن ترتاح قليلاً من موعد ملغي أو رهق مهنة المتاعب ولكن هي بلا شك مهنة المتعة بعد لذة العناء.
توقفت كغيري عند المكان، مدخله جاذب، عليه حامل معلقة فيه أوراق، توجهت صوبها ما قرأت شد من رغبتي في الدخول إليه لمعرفة ما يحتويه.
يقول أحد العاملين فيه : قررنا أن يكون سوميت بيئة خالية من التدخين، بجانب أسطر تدعو للالتزام بالهدوء وعدم الصراخ والغناء بصوت مرتفع، ومراعاة خصوصية الآخرين والجيران، إضافة للالتزام بالآداب العامة للمجتمع وأخلاقياته وعدم التسبب بالفوضى، مما يثير حفيظة الجيران، ويوجه زبائنه بأنه جزء من هويتنا، ويرجو المحافظة على محتوياته وعدم العبث بها.
بالمكان قبو تراثي وأثري، وعند النظر للأعلى يتخذ السقف الشكل البلدي التقليدي المكون من المواد المحلية من القش والحطب .. وتستمتع إلي الأغاني السودانية التي تدار وتأتيك عبر راديو قديم معلق على الجدران وأنت جالس على كرسي من طراز كلاسيكي قديم ويتسم بالحداثة.
ويقدم المقهى القهوة السودانية والأنواع الأخرى، منها الأمريكية الإثيوبية والتركية والنسكافيه، بجانب العصائر، وفيه معالم وآثار الثقافة التي تحكي العادات والتقاليد المتجذرة، وكان المكان واجهة سياحية حقيقية وأكثر من ذلك، فهي تقدم مزاج القهوة وسط طقوس التراث.
ويستخدم سوميت الأدوات التقليدية الصحية في تقديم الطلبات، والتي هي مصنوعة من القرع والجلد والقش، فمثلا السكر على الوقاية التي تضع فيها القهوة لدى الحبوبات في السودان، وما تبقى من مبلغ يرجع للزبون في إناء من الجلد بدلاً عن ملف المنيو المعروف.
واللافت أن زوار المحل معظمهم من طلاب الجامعات، بجانب الأجانب الذين يحبذون النظر للمقتنيات التراثية، ويفضلون تناول القهوة السودانية والتركية لذيذة المذاق بحسب العامل، كما أن الأسعار عادية وفي متناول الجميع.
كما يذخر المكان بالكثير من المصنوعات الجلدية واليدوية المزدانة بالودع والسكسك وإكسسوارات وحلي للزينة والتحف من أخشاب الأبنوس ولوحات تشكيليه لفنانين من مختلف الدول.. إضافة لبعض المقتنيات التركية والمغربية والمصرية كالابراق والمشغولات اليدوية.
وتحوي أرففه مجموعات آنية من النحاس الخالص والمنحوتات التي تجسد إنسان وتراث الممالك القديمة، وتوجد مجموعة متميزة لحضارة كوش، بجانب مقتنيات قديمة كالراديوهات وغيرها من أدوات المطبخ السوداني القديم، كالفندق والمدق وغيرها..
وفي القالري صحف قديمة توثق لأهم الأحداث منذ نشأة الصحافة بالسودان، إضافة لساعة قديمة الصنع بجانب ضمه لتراث القبائل العريقة بالسودان، فتجد الرحط والبرش والشملة وغيرها.. كما متاح بالقهوة بيع اللوحات والتحف وتتراوح أسعارها ما بين ال12 مليون إلي 150 جنيه سوداني.
ويقول العامل أن الزوار والزبائن كثيرا ما يستفسرونه عن محتوياته وعن ما يضمه من تراث، ويقوم بتعريفهم ويؤكد أن هذا هو الهدف الرئيسي من قيام الكافية ليكون مقهى ومكان لمعرفة الثقافة السودانية المتجذرة والتراث القيم الجميل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية