الإرهاب والتطرف العنيف في قبضة اتفاقية بين “الخرطوم” ومؤسسة دولية
وكيل وزارة الخارجية: نقلنا تجربتنا في الحوار الفكري مع المتطرفين لأمريكا وأوربا
مدير الهيئة الوطنية للإرهاب يعترف: هناك تحقيقات كانت تغلق بسبب نقص المعلومات
الخرطوم – ميعاد مبارك
بحضور وكيل وزارة الخارجية السفير “عبد الغني النعيم” وسفير الاتحاد الأوربي “جان ميشيل ديموند” وسفراء المجموعة الأوربية، استضافت وزارة الخارجية أمس (الثلاثاء)، جلسة توقيع مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الإرهاب بين الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب والمؤسسة الدولية الأيبيرية – الأمريكية للإدارة والسياسات العامة(FIIAPP)، حيث وقع عن جانب السودان مدير الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب دكتور “محمد جمال”، ومن جانب المنظمة مديرها “بيدرو فلوريس أوربانو”.
المذكرة التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين الجانبين في مجال تبادل الخبرات ورفع كفاءة الأجهزة العدلية ومؤسسات إنفاذ القانون الوطنية في النواحي ذات الصلة بمحاربة الإرهاب والتطرف العنيف والتي تستمر لعامين، نالت مباركة ودعم الاتحاد الأوربي، حيث أبدى سفير الاتحاد الأوربي في الخرطوم، “جان ميشيل” تخوفه من انتقال داعش إلى مناطق أخرى، في القرن الافريقي واليمن ، خاصة ، بعد هزيمتها في العراق وسوريا.
}بعض التحقيقات تغلق بسبب نقص المعلومات
افتتح الحديث مدير الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب دكتور محمد جمال” والذي قال (نحن الآن نحتفل بالتوقيع على هذا الاتفاق في ظل الظروف الخاصة التي يمر بها العالم)، مشيراً إلى أن الإرهاب لا يفرق بين دين أو رجل أو امرأة أو طفل ويدمر كل شيء ويسبب عدم استقرار في العالم.
وأضاف (عبر توقيع هذه الاتفاقية نسعى لرفع قدرات الشرطة ورجال القانون في القرن الأفريقي واليمن، ونحن في السودان سنكون مبادرين للحصول على هذه الخبرات لتقوية نقط الضعف في المؤسسات العاملة في هذه المجالات)، مشيراً إلى أن بعض التحقيقات يتم إغلاقها بسبب نقص المعلومات، وأضاف (حان الوقت لأن نقول لا لأي طريق يمكن هؤلاء من الفرار من السجن وتنفيذ العدالة)، مؤكداً أن السودان يسعى لتدريب كوادره ويسعى لتعزيز الشراكة من أجل تأمين المجتمع.
وقال “جمال” في تصريحات صحفية عقب التوقيع على المذكرة (إن الاتفاق تم من أجل رفع كفاءة المؤسسات الأمنية والسياسية والاجتماعية فيما يختص بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف)، مشيراً إلى أن هذه المؤسسة لها وحدة مستقرة في نيروبي تعنى بكفاءة مؤسسات إنفاذ القانون والنيابات والقضاة بالتنسيق والتعاون علي المستوى الوطني والإقليمي فيما يختص بإجراء تحقيقات فنية تساعد في عدم إفلات المجرمين من العقاب، مشيراً إلى أن كثيراً من الإجراءات التي تتم يكون فيها نقص في الجانب القضائي أو الجنائي وغيرها.
وأضاف (الوحدة في نيروبي تعمل بالوكالة وتعمل بالإنابة عن الاتحاد الأوربي لتجسيد العلاقات بين مؤسسات إنفاذ القانون كالأجهزة الأمنية والشرطة والجيش، بالإضافة للنيابة العامة والسلطة القضائية، مشيراً إلى أنه كل ما كانت الإجراءات سليمة لن يفلت المجرمون من العقاب.
وزاد (نحن في السودان استطعنا إعداد خطة لتأسيس نقطة ارتكاز تعنى بالنيابة والسلطة القضائية، وهي نقطة ارتكاز إقليمية)، مشيراً إلى أن الاتفاقية تقوم على التدريب المباشر لكل مكونات الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب وفي وزارة الخارجية والداخلية والدفاع والعدل والمجتمع المدني ونقابة المحامين والصحفيين وحتى القطاع الخاص، لافتاً إلى أنه مشروع كبير ومدفوعة عليه أموال كثيرة.
وأضاف (نحن في السودان لم ندفع شيئاً سوى المساهمة بالأفكار والكوادر التي ستذهب للتدريب في هذا المجال، وستكون هناك تدريبات على المستوى الوطني والإقليمي)
}داعش مخاوف تتكرر
من جانبه أبدى سفير الاتحاد الأوربي “جان ميشيل ديموند ” سعادته بحضور التوقيع على مذكرة التفاهم، الذي أتى في وقته على حد قوله، مشيراً إلى أن الجميع محاطون بتحديات الإرهاب، وأبدى تخوفه من أن هزيمة داعش في (سوريا والعراق) قد تتسبب في تحركهم نحو أفريقيا.
سفير الاتحاد الأوربي أشاد بالدور الذي يلعبه السودان في مكافحة الإرهاب والمساهمة في استقرار الإقليم، مؤكداً استعداد الاتحاد الأوربي لاستمرار الحوار مع السودان في القضايا الإقليمية والشراكة.
“ميشيل” قال إن الحوار مع السودان هو الطريقة الأفضل لرفع العقوبات المفروضة على السودان، لافتاً إلى أن الاتحاد سيساعد السودان في رفع العقوبات.
وأضاف (الاتحاد الأوربي وقع من قبل اتفاقاً مع السودان في مكافحة الهجرة غير الشرعية، والبرنامج الذي يتم التوقيع عليه اليوم، خطة عملية لرفع القدرات في مجال القانون ومحاربة الإرهاب وغسل الأموال والأمن وحماية المدنيين من الإرهاب، نريد أن نبني القدرات ليس في المجال القانوني فقط، ولكن لرفع وعي المجتمع).
وزاد السفير (نحن جميعاً ملتزمون بهذا البرنامج وسنساند السودان وندعمه في حربه ضد الإرهاب).
وختم سفير الاتحاد الأوربي حديثه قائلاً (نحن نطمح للتقدم في هذا الامتحان الصعب في حربنا ضد الإرهاب والتعاون الإقليمي والتفاهم المشترك بين الاتحاد الأوربي والسودان، والاتحاد الأوربي ملتزم بدعم الاتفاقية الموقعة وجميع الشركاء في هذا الاتفاق الذي سيستمر للعامين القادمين).
أما مدير المؤسسة الدولية الأيبيرية – الأمريكية للإدارة والسياسات العامة فقد قال إن توقيع الاتفاقية هو مجرد عملية إستاتيكية لتفعيل التزامنا بهذا البرنامج وبداية جيدة للشراكة في مجال رفع القدرات في مجال القانون والأمن.
وزاد معرفاً بمؤسسته (لدينا مشروعات لبناء القدرات في حوالي 100 بلد وننشط في تقديم الخبرات ومشاركة المعلومات لدينا تركيز على التحديات العالمية في الإقليم ورفع القدرات والكفاءة).
وأشار إلى أن المؤسسة للمبادرة والتقدم في المجالات الأمنية والقانونية ترجمت كل مواد البرنامج للعربية.
مؤكداً أن السودان ليس نشطاً في الجوانب الأمنية فقط، ولكن في بناء الإقليم.
وأوضح أن البرنامج نموذج مهم للربط بين برامج الأمن والتنمية، لافتاً لصعوبة البرنامج ولسعيهم لتأدية الواجب على أكمل وجه.
وأشار إلى إمكانية بداية تعاون قوي بين الدول الأفريقية والاتحاد الأوربي.
من جانبه قال وكيل وزارة الخارجية السفير “عبد الغني النعيم” إن توقيع هذه الاتفاقية هو حدث مهم في حرب الحكومة ضد الإرهاب في هذا التوقيت الصعب مع تفاقم تأثير الإرهاب، وأضاف (نحن في السودان نحارب الإرهاب من أجل أمننا الخاص وعلى المستوى العالمي كذلك)، مشيراً إلى جهود السودان الإقليمية في هذا المجال وعبر (السيسا).
مؤكداً استعداد الحكومة للاستمرار في مواجهة تحديات الإرهاب.
وقال الوكيل (نحن نحارب الإرهاب ليس لأن الدول الأخرى تفعل ذلك ولكن نحن ملتزمون بذلك لأنها قضيتنا)، مشيراً إلى أن الإرهاب لا دين له ولا وطن.
وأضاف الوكيل (نقلنا تجربتنا في النقاش والحوار الفكري مع المتطرفين للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية والعالم، وهي تجربة فعالة جداً باعتبارها من الأساليب الناجعة، بجانب المعالجات الأمنية المعروفة).
وزاد (أعلم أن البرنامج له أجندة معينة ولكن يجب ألا ننظر للمشكلة من جانب واحد، بل من كل الاتجاهات لنرى الصورة كاملة، فمكافحة الفقر والعمل على التنمية مهم جداً، لأنه يساهم في حل مشاكل الهجرة غير الشرعية، ومن وجهة نظرنا تنمية المجتمع مهمة جداً).
وقال الوكيل في تصريحات صحفية عقب التوقيع: (رحبنا بتوقيع الاتفاقية في الوزارة، باعتبار أن هذا هم أساسي لها وهو هم قومي، وأكدنا أن موقف السودان مكافحة الإرهاب موقف مبدئي وأن الحكومة معنية بذلك من الدرجة الأولى)، مشيراً إلى أن الإرهاب ظاهرة تتجدد عبر الأزمان وعلى الجميع أن يتكاتفوا لمحاربتها، ليس في بعدها الأمني فقط، ولكن في بعدها الفكري، فضلاً عن الاهتمام بجوانب الإنعاش بالتنمية والإعمار وفض النزاعات، باعتبار أنها يمكن أن تؤدي إلى هذه الظواهر الخطيرة.
وقال الوكيل أن السودان له مساهمات مقدرة وتعاون مشهود على المستوى الدولي شهد به الكثيرون، مشيراً إلى أنه آن الأوان لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب لما هو معروف عنه من إنجازات مقدرة وأن السودان سيظل يواصل تعاونه مع المجتمع الدولي لمواجهة الظاهرة.
وأضاف الوكيل (أن المذكرة الموقعة بدعم من الاتحاد الأوربي يتمثل في رفع القدرات والتدريب وتبادل المعلومات والتعاون المتصل بين الأجهزة في المنطقة والاتحاد الأوربي ودول القرن الأفريقي واليمن)، مشيراً إلى أن ثقافة السودان تقوم على الوسطية والسلم والمصالحة.
وقال الوكيل (إن مكافحة الإرهاب ليست عملية قتالية فقط، إنما تحتاج لجهد فكري وثقافي لفض النزاعات وإنها عملية متكاملة، وهذه النظرة حرصنا على أن نرسلها للشركاء في الاتحاد الأوربي بأن علينا أن نوسع نظرة مكافحة الإرهاب.