حوارات

الأمين العام لهيئة الدعوة الإسلامية الشيخ ميرغني محمد أرقاوي، يتحدث للمجهر ، عن قضايا الساعة ….

نحن لا نكفر أحداً وليست تلك مهمتنا كدعاة.. وهذا كل ما نريده من الغرب

نعم الضغط الاقتصادي سيؤثر على الأخلاق واستقرار الأسر ولكن …
نحرص على عدم انحراف الشباب وتهتكه أخلاقياً لذلك نهتم بالمنهج الوسطي
يجب أن يعلم السلفيون والمتصوفة أنهم يأخذون من معين واحد
حوار – يوسف بشير
الشيخ أرقاوي، الأمين العام لهيئة الدعوة الإسلامية؛ شخصية عركتها الظروف الاجتماعية، فغدا شخصية لطيفة يتقبل الاختلاف، مهما كانت درجاته ومداه .. هذا ما لمسناه في حوارنا معه، الحوار الذي بني فيه أسس للعلاقة الإنسانية مع الغرب قائمة على التعاون بالمعروف، وتطرق فيه إلى الاشتطاط الجاري في الساحة الدينية بين السلفيين والمتصوفة، ودعوته لمنهج وسطي بين التيارين، راسماً بذلك خارطة طريق للخروج من الأزمة الراهنة . فضلاً عن ذلك، أرقاوي تحدث عن انعقاد مجلس أمناء الهيئة، إضافة للدعوة والمعضلات التي تواجهها. تلك القضايا وغيرها، هي بعض من محور الحوار التالي:-

}ثمة مزاعم بأن المنهج الدعوي الحالي يدعم ويعزز الإرهاب؟
هذا كلام غير دقيق في تقديري بهذا التعميم.. ونحن نحرص على تقديم دعوة منضبطة معتدلة للشباب.. ولكن أحياناً الدعاة يقدمون مادة فيها كلام فيه حماسة غير مدروسة، أو كلام فيه نوع من التعميم، أو كلام لا يراعي ثقافة الشباب وعقليتهم؛ وهذا ربما يُولد تطرفًا.. نؤكد حرصنا على تقديم أشياء فيها قدر من الانفتاح، كما إننا نقدر طرق تفكير الشباب، فلا يمكن أن نقدم لهم مادة يمكن أن تكون بذرة للتطرف، ولكن كما قلت لك بعض الدعاة ربما لا ينتبهون لمثل هذه الدقائق.
} نشاط كنسي يزحف نحو الولايات ما دور الهيئة في ذلك؟
نحن غير معنيين بأي نشاط كنسي. فلدينا مجال عمل محدد لا يتسر لنا تجاوزه، والانتشار الواسع يضعف العمل، فالأفضل أن نخصص في هذا منظمات أخرى كمنظمة الدعوة الإسلامية.
}هل لديكم مشاريع دعوية في الجامعات؟
نعم، ولكني لست راضياً عنها، إذ يفترض أن تقوم به الجامعات بذاتها.. لدينا برامج عن توعية الطالبات خاصة، ولكنه لا يمضي بالطريقة المطلوبة.
} البعض يرجع الفساد الأخلاقي الرائج الآن إلى الوضع الاقتصادي المتردي؟
الحياة دائرة واحدة لا ينفصل بعضها عن بعض، فالوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي كلها منظومة متداخلة كل جانب منها يؤثر على الآخر.. الضغط الاقتصادي سوف يؤثر على الأخلاق واستقرار الأسر.. ولا ننسى عامل ضعف التربية الدينية المتأثرة بالوضع المالي للأسرة.
} كيف تقرأ واقع الاستقطاب الحاد بين الصوفية والسلفيين؟
السلوك الطائفي يعلي الذات على الآخرين ويكون فيه نفور من الآخر ويصنع رؤية أحادية. والأزمة في البلاد هي تحول الحركات الحية إلى الطوائف بعقلية مدمرة وعلاجها تبصيرها بسعة الدين. يجب أن يعلموا بأنهم يأخذون من معين واحد، ولا يمكن لجهة أن تحيط بالدين كله.. ويجب الاعتراف بأن كل جهة يمكن أن تقوم بدورها.. مثلاً: استفيد من الصوفي بتذكيري بالذكر والروحانية، واستفيد من السلفي بتذكيري بعدم الاشتطاط وعدم الخروج من الأطر الشرعية.. لو أن كل واحد أخذ من الآخر أحسن ما عنده لتوازنا.. ولكن لو أن كل فريق اشتغل منعزلًا عندها يضخمون ما لديهم؛ الصوفي لدرجة يشطح والسلفي يقوم “يقرضها” لدرجة التضييق على الآخرين.
} هل نشاطهم يستند إلى دراسات يقومون بها؟
نشاطهم يعتمد على معارفهم ومصادرهم العملية إلاّ أن الهيئة أسهمت وتسهم في إنجاز دراسات تفصيلية في معالجة توجه الشباب نحو العنف وقضايا التطرف عمومًا.. ونحن حريصون جداً على نزع فتيل العنف وأصول فكره.. ومن ناحية أخرى، نحرص على عدم انحراف الشباب وتهتكه أخلاقياً.. لذلك نهتم بالمنهج الوسطي.. لا تفريط ولا إفراط!
} رغم ذلك، تنظرون للغرب ككفار؟
نحن لا نكفر أحداً قط، وليست تلك مهمتنا كبشر ودعاة.. كل ما نريده من الغرب عدم فرض منهج حياته علينا، وبدورنا لا نفرض عليه منهج حياتنا.. بيننا تعاون مع الغرب (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم). فالعلاقة الإنسانية سالكة على الأقل من جانبنا، بأننا لا نؤسسها على المسألة الدينية، ولكن على التعاون الإنساني بيننا وبينهم على البر والمعروف والتقوى بمعانيها العامة
ما دور الهيئة في معالجة ظاهرة الفاقد التربوي التي سببتها الحرب؟
هنالك دورات مهمة جدًا هي دورات التدريب الحرفي. وهو تدريب على حرفة توجه المتشردين والفاقد التربوي ومسرحي الحركات المسلحة، حيث تقام لهم مخيمات ونقدم لهم جرعات علمية تثقيفية ويدربون على مهن كالكهرباء والنجارة وغيرها.. ولدينا نماذج طيبة خرجت إلى المجتمع يكتسبون قوتهم بعد تأهيلهم، مع تلقيهم معارف دينية وتأهيل دعوي.
} هل هذا كافٍ؟
نعمل بالتنسيق مع الجهات الاجتماعية لإعطاء حقيبة حرفة لكل شخص منخرط في برامجنا. ونحن نولي هذه القضية أهمية كبيرة. فالفاقد التربوي والفئات المشابهة خميرة العمل المضاد وطنياً وسياسياً ودينياً، إن لم يجدوا الاهتمام الكافي.
– هذا يجعلني أتساءل عن دور هيئتكم، سيما وأن هناك خلط في المسميات؟
نحن هيئة أهلية اتحادية من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الدعوة.. نشأت في 1990م يمتد نشاطها إلى ولايات السودان كافة .. هدفها غرس القيم الفاضلة وإشاعة ثقافة السلام والتسامح ورتق النسيج الاجتماعي ومحاربة العصبيات القبلية والنعرات الطائفية والجهوية، وتعنى بصورة خاصة بالمناطق الريفية ومجتمعات الرحل .. وقطاعات عملها الرئيسة هي الدورات التدريبية و القوافل الدعوية و تزكية مجتمعات الرحل.
}وماذا تقدمون للخلاوي؟
الخلاوي أيضاً لها جهات تعني بها كوزارتي الإرشاد والتربية والتعليم، ولا تسمح ميزانيتنا الراهنة بـ”تصليح” الكون كله.. فضلاً عن ذلك؛ العمل المتخصص يساعد على تجويد الأداء وإتقانه، ولا بأس من التنسيق معهم.

}حدثنا عن انعقاد اجتماع مجلس أمناء الهيئة المرتقب؟
مجلس الأمناء ينعقد مرة كل عام، وعدد أعضائه (50) شخصاً، يصلون لـ(150) بالمراقبين الذين لهم علاقة بالمجال الدعوي، ومن بينهم جهات رسمية وأخرى تدعم أنشطة الهيئة.. ويتوقع أن يشرفه راعي الهيئة؛ النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء القومي، الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” أو من يكلفه، إضافة لكلمة لرئيس مجلس إدارة الهيئة وأخرى للأمين العام، بجانب فيلم مصور عن نشاط الهيئة طوال عام، فضلاً عن القرارات والتوجيهات التي يراها المجلس.
} هل يوجد في مجلس الأمناء أعضاء من الولايات؟
نعم، في مجلس الأمناء أعضاء من الولايات، ووجودهم ضروري لأنهم في الميدان الفعلي لأنشطة الهيئة وما يقدمونه من رؤى ضرورية لتطوير العمل وتجويده.
هو مجلس مختص بوضع السياسات الكلية.. وانعقاده مناسبة لإحياء العمل الدعوي وتوثيق العلاقات بين الهيئة والجهات الدعوية الأخرى، وتوثيق العلاقات وإحكام التوثيق من أهم القضايا التي تواجه الدعوة عموماً والهيئة على وجه الخصوص.
} هل ثمة مؤسسات أخرى، تشارككم الاهتمام بأمر الدعوة؟
نعم توجد مئات المؤسسات لديها نشاط دعوي متخصص أو مصاحب لمهامها الأساسية كالدفاع الشعبي والشرطة وجمعيات القرآن الكريم في مختلف المؤسسات.. واجتماع مجلس الأمناء فرصة لإبراز عمل الدعوة لهذه المؤسسات لتبادل الخبرات.
} يتردد ان الدعم المالي يشكل هاجساً للجهات العاملة في ميدان الدعوة . كيف تتعاملون مع هذه الاشكالية ؟
التمويل الدعوي معضلة كبري تواجهها المؤسسات الدعوية عموماً، وهناك جهات داعمة متعددة كوزارة المالية وديوان الزكاة، وتسهم الشركات مع الجهات الأخرى في مجال الدعوة في تخفيف العبء المالي عن الهيئة.
توجهنا لبناء برج ضخم قرب المطار، من سبع طوابق، عبارة عن شقق فندقية، بتمويل من بنك جدة الإسلامي، ونأمل اكتماله في ظرف تسعة أشهر، فبه نضمن التمويل المستقر.
} لماذا توقفت الهيئة عن توطين الدعاة؟
كان توطين الدعاة هو المشروع الرئيس للهيئة عند النشأة ولكن متغيرات الظروف السياسية والتحول للحكم الاتحادي أثر على تمويل المشروع سلبًا مع وجود عقبات أخرى. وقد حقق المشروع جزءاً من أهدافه قبل توقفه.. والآن تحققت الأهداف الكلية للمشروع عبر برامج أخرى.
} ما هي تلك البرامج؟
الآن، اتجهنا لإقامة دورات تدريبية عبارة عن إقامة مخيمات دعوية تزكوية علمية في الولايات.. وهو توجيه لتوطين الدعوة كمؤسسات لا أفراد من الدعاة، تحقيقًا لأهداف الهيئة. مع العلم أننا نستهدف فئات منتقاة بعناية لأثرها في المجتمع كالشباب، المرأة، الإدارة الأهلية، الخدمة المدنية والعسكرية.. وكل جهة تقدم لها موادها التي تتلاءم مع نشاطها. إضافة للقوافل التي تذهب للأصقاع النائية.
} ماذا عن تجربتكم في مناطق الرحل؟
هذا أهم نشاط نقوم به، الرحل نسبتهم عاليه ويسهمون في الدخل القومي بصورة كبيرة. وهو قطاع منسي دعوياً، ونحن الجهة الوحيدة التي تنشط في الدعوة داخل مجتمعاتهم، وتصاحبهم في حركتهم المستمرة.
} لماذا يظل منهج الدعوة نقطة خلاف بين الكثير من الدعاة؟
المنهج يضعه أساتذة مختصون، وهو منهج يُجدد كل فترة، جزء منه مشترك لكل الفئات كحد أدني.
والجزء الآخر لفئات حسب حاجتها الخاصة كالقوات المسلحة، الإدارة الأهلية، الحكامات، الشباب، المرأة والخدمة المدنية وغير ذلك.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية