صيف “معتز”
أيام معدودة ويطل الصيف.. ترتفع درجات الحرارة في كل أنحاء البلاد حيث ينقضي الشتاء في الخامس عشر من مارس الجاري.. ومع دخول الصيف تبدأ دورة جديدة من معاناة المواطنين السودانيين في المدن والريف.. لتضاف إلى المعاناة الحالية التي يعيشها الشعب الصابر.. غلاء فاحش وندرة في السلع.. وعودة صفوف الخبز والجازولين والبنزين.. وصفوف المواطنين أمام الصرافات ينتظرون دورهم في الحصول على أموالهم التي أودعوها للمصارف وتمنعت المصارف عن إطلاقها لأصحابها في سابقة تاريخية لم تشهدها بلد في العالم إلا السودان.
مع دخول فصل الصيف تختبر عملياً تعهدات وزير الكهرباء د.”معتز موسى” بصيف خالٍ من القطوعات الكهربائية وتيار مستمر، وفي حلقة صدى الأحداث الإذاعية نثر الوزير الأحلام الوردية عن تدابير اتخذتها وزارته لمجابهة الصيف القادم بإقامة محطة تركية عائمة في البحر الأحمر بطاقة (150) ميقاواط، وزعم الوزير مضاعفة ساعات المحطات التحويلية بنسبة (100%) طبعاً الوزير تفادى ذكر سعات المحطات ابتداءً ومن البشريات التي أطلقها الوزير “معتز” أن الوحدة الرابعة من مشروع ستيت للشبكة القومية.. والوزير يقول في البرنامج إن الحكومة بصدد التوقيع على عقود لاستجلاب محطات تستخدم الطاقة الشمسية بطاقة (5) ميقاواط يتم تركيبها في مدينتي الفاشر والضعين بجانب (15) ألف وحدة للمنازل وثلاثة آلاف وحدة لآبار المياه.. وهذه أرقام متواضعة جداً كان حرياً بالوزير السكوت عنها.. وقد أثارت الوزارة من قبل جدلاً في البرلمان وزعمت أنها تتجه إلى الطاقة الشمسية وفي الميزانية التي قدمت وأجازها البرلمان اعتماد مالي كبير جداً يصل لـ(150) مليار جنيه للطاقة البديلة.. وسكت الوزير تماماً عن محطة كهرباء الفولة التي أصبحت وصمة عار في جبين الدولة.. وشاهداً على إهدار الموارد.. وضياعها والمحطة التي بدأت الحكومة الصينية تشييدها كمشروع للأمل بوصول الكهرباء لدارفور والاستفادة من الطاقة المهدرة من الغاز المنتج من آبار البترول، توقف العمل في المحطة بعد نكوص الصين عن قروضها وتعلية خزان الروصيرص.. وبعد الانفصال وتدني إنتاج البترول.. رفض الصينيون المضي قدماً في تنفيذ تلك المشروعات، وكان حرياً بالحكومة ووزارة الموارد البحث عن بديل والاتفاق مع دولة أخرى لإكمال تشييد المحطة التي أصبحت أطلالاً.. مثل المحطة الحرارية المقترحة بجبل أولياء.
إن مشكلة نقص الكهرباء وتدني الإنتاج في الصيف مسألة لا تحتاج لنفي من الوزير.. وخلال شهر فبراير الماضي حينما ارتفعت درجات الحرارة ليومين فقط.. دخلت البلاد في نفق القطوعات الشاملة.. ولف البلاد الظلام.. حتى عجزت بعض الصحف في الخرطوم عن الصدور ولم تقدم وزارة الوزير تبريراً مقنعاً للرأي العام عن أسباب انقطاع التيار الكهربائي في كل السودان.. ولا تكلف شركات الكهرباء نفسها مشقة الاعتذار للمواطنين الذين يشترون الخدمة مسبقاً وهي خدمة محتمل أن تقدم إليهم ومحتمل أن تعجز الوزارة أو الشركات عن تقديمها وحصنت الوزارة نفسها من الملاحقة القانونية وجعلت من العقود التي بينها والمستهلك عقود إذعان لا يملك المواطنون حيالها إلا رفع أيديهم لرب السماء أن تضررت ممتلكاتهم جراء قطوعات التيار الكهربائي.. ولا تقف مشكلة الصيف عند نقص الكهرباء وحدها، بل هناك مشكلة رديفة هي قلة المياه.. وتفشي الأمراض من حصبة وإسهالات.. وسحائي.. ولو كان بالبلاد برلمان رقيب على أداء الجهاز التنفيذي.. لمارس دوره في استدعاء الوزراء لمعرفة التدابير التي اتخذت لمجابهة مشكلات الصيف؟ ومن بينها بطبيعة الحال قضية نقص الكهرباء خاصة في الشبكة القومية.. وبكل أسف أصبحت المدن التي تستخدم المولدات أفضل حالاً من المدن الكبرى، ولكن مع مشكلات نقص الوقود وشحه في الوقت الراهن، فإن المدن السودانية جميعاً مهددة بالظلام في الصيف الذي لم يتبقَ منه إلا يومين فقط.