أخبار

نجومية بـ(وضع اليد)

محمد إبراهيم

* المطرب الكبير الراحل “خضر بشير”، يتنقل ابنه كما السيف المسلط على رقاب مرددي أغنيات والده، ومنصباً من نفسه حارساً على كل من تسول له نفسه ترديد أغنيات ملك الحضور المسرحي وقاطعاً بذلك أي أثراً لأغنيات مثل: (برضي ليك المولى الموالي) و(الأوصفوك) و(عسعس الليل) و(وقوم بينا نلاقي منظر) و(الفجر لاح) و(إيه يا مولاي) وغيرها من الأغنيات التي جملت الوجدان وأصبحت بمثابة الثروة القومية التي احتكرها ابنه خالصة لوجهه.
*عاد أمس الأول من خلال قناة النيل عبر برنامج (100) دقيقة إلى تأكيد ما مضى فيه خلال السنوات الماضية.
*و”محمد خضر بشير” يطلق تحذيره من مغبة ترديد أغنيات والده لأنه يؤكد لنفسه أنه وحده الذي سوف يحميها من التشويه.. هكذا دون أن يهتز له رمش، بل إنه منع الفنان صاحب الحنجرة العاتية “صلاح بن البادية” من ترديد (الأوصفوك).. ولكم أن تتخيلوا حجم المقارنة بين ابن البادية بكل سطوته الغنائية وسلطنته وحنجرته التي تتزايد مع الأيام تعتقاً وتطريباً وتشحنها الأيام نداوة وطلاوة مع ابن الراحل “خضر بشير” الذي لم يستطع أن يحقق أي نجومية طوال فترة (حراسته) و(امتلاكه) كنز والده الغنائي الراحل.
* (أبناء الفنانين) يمثلون حلقة (قطع) لكثير من الأعمال الفنية التي ناضل آباؤهم كثيراً من أجل وجودها بشكل يكفل سرمديتها وخلودها.. ولكنهم – أي أبناء الفنانين- يحيلون هذا الإرث الإنساني إلى وسيلة للكسب المادي، ولا يتورعون عن حبسها ومنعها ومن ثم انقطاعها عن أجهزة الإعلام والقنوات وقتلها بدم بارد دون أن يطرف لهم رمش.
*أغنيات خالدة ساهمت في تشكيل وجدان الناس خلال عقود مضت، وكان من الممكن أن تسهم في تشكيل وجدان الناس خلال عقود قادمة، كما أنه كان من الممكن لها أن تعيد للساحة الفنية بعضاً من توازنها جراء هجمة الأغنيات منزوعة القيمة وسيطرتها على المشهد الغنائي برمته، ولكن تلك الأغنيات الرائدة ممنوعة.. ومقطوعة.. ومسحولة بأمر أبناء الفنانين الكبار.
*”محمد خضر” يتدثر بذات ناموسية (عز الدين أحمد المصطفى) الذي يشهر أدوات منع أغنيات “أحمد المصطفى” عميد الغناء بالبلاد، وغيب أغنيات مثل (الوسيم) و(نحن في السودان) و(زاهي في خدرو) و(بنت النيل) و(ظبية) و(يا ناسينا) وغيرها لا تزال حبيسة الأدراج وحبيسة لمزاج ابنه “عز الدين”، الذي لم يستطع أن يقنع الناس بتقمص شخصية والده الراحل، وانتصب مانعاً لكل الأجهزة الإعلامية والمطربين من نقل إرث والده إلى الأجيال القادمة.
مسامرة أخيرة..
حلمنا.. وعملنا أن يكون لنا -زي خلق الله- وطن ماهل وأنيسه روح تغني… (يا سلام لو أي زول يوم تضيق الدنيا.. يقدر يلقى وسط همومو زول حنين يسأل عليهو)…. ولكن ما تبقى من المليون ميل ضاق بنا وبأحلامنا الصغيرة… وأصبحت الأنيسة بقايا ذكريات.. ومجرد حلم تغنينا به ساعة أمل…. ضاعت مع زحمة الناس وزحمة الحاجات….وتساقط الآخرون واحداً تلو الآخر.. فهل لم يبقَ لنا سوى أن نمضي مع دعوة “عاطف خيري” وهو يردد:
كانت بلادك أم
صار السفر والدين.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية