مبروك .. السودان والجنوب يوقعان اتفاق البترول والتجارة والامن
وقع الرئيسان “عمر البشير” و”سلفاكير ميارديت” رئيس دولة جنوب السودان في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، عصر أمس (الخميس)، بروتوكول تعاون لحل خلافات الدولتين حوى الملف الأمني، والملف الاقتصادي، والحريات الأربع (الإقامة، التنقُّل، العمل والتملك)، وقضايا ما بعد الانفصال، لكنه لم يشمل التوقيع على ملف أبيي المتنازع عليها وترسيم الحدود، وشهدت مراسم التوقيع مظاهر من الابتهاج وسط وفدي الطرفين، فيما تم ترحيل الملفات العالقة إلى جولة مفاوضات قادمة. ونظراً إلى عدم حل القضايا الخلافية الأخرى، ومن بينها وضع منطقة أبيي، فإن الاتفاق المبرم لا يعتبر اتفاقاً شاملاً. وسارع الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” بالترحيب ومباركة الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين السودان وجنوب السودان. ورحّبت واشنطن بالاتفاق. وحثت الدولتين على بذل المزيد من الجهد لحل أزمة أبيي والحدود والمنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان). وفي الأثناء استبقت قوى المعارضة تفاصيل الاتفاق. وأعلنت ترحيبها به لكونه يوقف الحرب بين البلدين الجارين.
الجنوب يعطل تمرير الاتفاق لـ(4) ساعات
ووقع الرئيسان اتفاقية التعاون بعد مفاوضات استمرت منذ الأحد في أديس أبابا. وتصافح الرئيسان عقب توقيع الاتفاقية وسط هتافات وفدي الجانبين. وغادر الوفد الحكومي برئاسة الرئيس “عمر البشير” أديس أبابا. وتعطلت عملية توقيع الاتفاق، التي كان محدداً لها الحادية عشرة صباحاً، إلى الرابعة عصراً؛ بسبب طلب من دولة الجنوب بإقحام تعديلات غير متفق عليها على الملف الاقتصادي؛ الأمر الذي رفضته الوساطة الإفريقية، وكاد يهدد بنسف التفاوض.
ووقع وزير الدفاع “عبد الرحيم محمد حسين” ونظيره من جنوب السودان “جون كونغ نيون” اتفاقية أمنية تمهد الطريق لإقامة منطقة حدودية منزوعة السلاح بعمق (23) كيلو متراً في منطقة (14 ميل)، إضافة إلى سحب الجيشين الشمالي والجنوبي إلى مسافة (10) كيلومترات شمالاً وجنوباً.
كما وقع رئيسا وفدي التفاوض “إدريس عبد القادر” و”باقان أموم” على اتفاقيات الحريات الأربع والتجارة والبترول، على أن يتم إرجاء تنفيذ الحريات الأربع لحين إجازتها من المؤسسات التشريعية في البلدين.
وشمل الاتفاق ترتيبات التجارة بين البلدين، واستئناف ضخ نفط الجنوب عبر أراضي ومنشآت النفط بجمهورية السودان، وهو الاتفاق الأهم بين جملة الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، ما سينعش اقتصادي البلدين خلال المرحلة القادمة.
“البشير” يؤكد الالتزام بتنفيذ الاتفاق
ووصف الرئيس “عمر البشير”، في ختام الحفل المحضور بممثلي الوساطة والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة وحشد دبلوماسي دولي، وصف ما تم التوصل إليه بالحلول المرضية، وأنه انتصار لإرادة السلام بين الشعبين. وأعرب عن شكره لرئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى “ثامبو أمبيكي” ورفيقيه “عبد السلام أبوبكر” و”بيير وبيويا”. وأكد التزامه بما تم التوصل إليه وإنزاله إلى أرض الواقع، كما جدّد تمسك السودان ببرتوكول أبيي، واستمرار التفاوض لتسوية ملف المناطق الخمس المتنازع عليها (جودة، المقينص، حفرة النحاس، كاكا التجارية و14 ميل).
“سلفا كير”: ما تم التوصل إليه سيجعلنا نمضي قدماً
من ناحيته، قال رئيس دولة جنوب السودان “سلفاكير ميارديت”، في ختام حفل التوقيع، (اليوم هو يوم عظيم في تاريخ منطقتنا وخصوصاً السودان وجنوب السودان، نحن نشهد توقيع اتفاق تعاون ينهي نزاعاً طويلاً بين بلدينا). وأضاف أنه وجه وفده المفاوض بالاستمرار في المباحثات حتى نهاية الشوط لإنفاذ الاتفاقية على أرض الواقع. وقال طلبت من وفدي المفاوض العمل على إعادة ترسيم الحدود بشكل واضح.
وأعرب “كير” عن أسفه لعدم التوصل لاتفاق حول أبيي، قائلاً: (قبلنا بمقترحات الاتحاد الأفريقي، لكن للأسف “البشير” رفض المقترح الأفريقي حول المنطقة برمته ما جعل الوسيط الأفريقي يحيل الملف إلى الاتحاد الأفريقي، ومن ثم إلى مجلس الأمن)، ووصف عدم التوصل إلى حلول بشأن أبيي والحدود بـ(المأزق)، مطالباً بالعمل على حل الملف عاجلاً وليس آجلاً، لكنه عاد، وقال: إن ما تم التوصل إليه من ملفات يجعلنا نمضي قدماً في التوصل إلى حلول بشأن الحدود وأبيي.
لكن وزير الاستثمار السوداني “مصطفى عثمان إسماعيل” القيادي البارز بالمؤتمر الوطني يرى الاتفاق خطوة في غاية الأهمية لبناء جسور الثقة بين البلدين. ولم يحدد أي موعد حول استئناف المفاوضات.
“كي مون” يهنئ بالاتفاق
من جانبه، هنأ “بان كي مون”، الأمين العام للأمم المتحدة حكومتي السودان وجنوب السودان على توقيع عدد من الاتفاقيات. وأوضح المتحدث باسمه، في بيان أصدره، مساء أمس، بنيويورك، أن الاتفاق يشكل اللبنات الأساسية المهمة لبناء أساس قوي لمستقبل مستقر ومشرق في العلاقة بين الدولتين.
وأضاف أن الأمين العام للأمم المتحدة أثنى على الرئيسين “عمر البشير” و”سلفا كير”، رئيسي السودان وجنوب السودان؛ لإثباتهما أنهما رجلا دولة محنكين الشيء الذي جعل التوصل إلى اتفاق شامل ممكن، ولأنهما مرة أخرى اختارا السلام على الحرب).
بريطانيا: الاتفاق خطوة مهمة لحل النزاعات
من جهة أخرى، أشار وزير الخارجية البريطاني “وليام هيغ”، إلى أن (الاتفاقيات التي توصل إليها الرئيسان بشأن استئناف صادرات النفط وإقامة منطقة منزوعة السلاح على الحدود بين البلدين، تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق هدف حل جميع النزاعات العالقة بين البلدين وإقامة علاقة بناءة بينهما؛ لأن استئناف صادرات النفط وترسيخ حقوق المواطنين والتنفيذ الفوري لتدابير أمن الحدود، سيكون لها فوائد كبيرة لكلا البلدين).
ورحّب الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” بالاتفاق التاريخي الذي توصلت إليه جمهوريتا السودان وجنوب السودان على عدد من القضايا الحاسمة.
وأضاف “أوباما”، في بيان صادر عن البيت الأبيض: (إن الاتفاق انطلاقة لقاعدة جديدة لدعم الرؤية العالمية لدولتين قابلتين للحياة تعيش كل واحدة منهما في سلام مع الأخرى كما يمثل تطوراً جوهرياً لحل القضايا الاقتصادية والأمنية البارزة بين السودان وجنوب السودان).
إلى ذلك، تأجلت عودة رئيس الجمهورية “عمر البشير” ووفده المرافق للخرطوم مساء أمس؛ بسبب رداءة الأحوال الجوية في ولاية الخرطوم، بعد توقيع السودان وجنوب السودان لمجموعة من الاتفاقيات في أعقاب القمة الرئاسية بين “البشير” و”سلفاكير”.
وقال السكرتير الصحفي للرئيس “عماد سيد أحمد”، إن رداءة الأحوال الجوية في الخرطوم أدت إلى تأجيل عودة السيد رئيس الجمهورية .