الذباب يطل على الشاشة والفئران تمرح في الحوش..!!
{ حتى وقت قريب كانت الأفكار المبدعة والبرامج المختلفة هي المسيطرة على شاشة التلفزيون القومي، ولكن للأسف الشديد وبعد أن غاب أهل الخبرة والدراية وأصحاب الوجعة عن حوش التلفزيون عمّت الفوضى والعشوائية كل أركان ذلك الجهاز الإعلامي الحساس، وأصبح كل من هبّ ودبّ تلفزيونياً إما يجلس على كرسي إحدى الإدارات أو الأقسام بغير وجه حق، وإما يطل على الشاشة بالشكل الخارجي والخواء الداخلي .
{ حتى الفنيين والعاملين البسطاء الذين كانت تُسند إليهم مهام تعكس الوجه الداخلي للحوش (بيئة وأجواء العمل) منها الترتيب والنظافة والنظام والضبط والربط ومتابعة التفاصيل الدقيقة بالثانية والدقيقة، وغير ذلك من المهام التي لا يشعر بها الناس ولكن أثرها ينعكس في الجودة الشاملة عبر شاشة كاملة الوسامة والدسامة تقدم للمشاهد وعلى مدار الساعة المتعة والدهشة البصرية والسمعية النظيفة والخفيفة.
{ لكن الآن وبعد أن غاب كل الحريصين على سمعة الحيشان ومغادرة أهل الخبرة والدراية، وجد الذباب الفرصة لاجتياح دهاليز وكواليس هذا الجهاز الحساس، التلفزيون القومي أو الفضائية القومية، وفي ظل غياب حارس البوابة وحامي الحمى وصلت بالذباب الجرأة للمنافسة في الظهور على الشاشة.. وما دام الحكاية بقت مطلوقة (مافيش حد أحسن من حد).
{ غالبية السودانيين بالداخل والخارج تابعوا المذيعة “أماني السيد” وهي تصارع الذباب على الهواء أثناء قراءتها نشرة أخبار العاشرة (الاثنين) الماضي.. حقاً (فضحتونا مع الأجانب)!!
{ ويا ليت الذباب وحده هو الذي اجتاح التلفزيون وسكن في كل أركان وزوايا الاستوديوهات، فلقد وصلنا الخبر اليقين بأن الفئران خاصة (الجقور) الكبيرة هي كذلك استولت على مساحات كبيرة من أرض التلفزيون القومي، وصارت تسرح وتمرح على راحتها مع الصراصير بعد أن شعرت بأنها أحق بالانتماء لهذه الحيشان الهاملة!!
{ الظواهر السالبة والمصائب والمحن والإخفاقات المدمرة جثمت على صدر التلفزيون القومي في عهد “الزبير عثمان أحمد” و”يس إبراهيم”، آخرها انقطاع الإرسال، وأية واحدة من هذه المحن كانت كفيلة بأن تجعلهما يقدمان استقالتيهما ويغادران الملعب فوراً غير مأسوف عليهما، ولكنهما ما زالا في برودهما وجمودهما يصران على البقاء على الكرسي الدوار دون أن يضيفا جديداً أو حتى يغيرا في الصور المقلوبة التي ظلت تتكاثر وتتوالد كتكاثر الذباب والصراصير وتناسل (الجقور).
} وضوح أخير
{ الله يرحم حيشان الاذاعة والتلفزيون والعصر الذهبي.. وفي عهد البروف “علي شمو” و”صالحين” و”أبو العزائم” وإلى أيام “حمدي بدر الدين” و”حديد السراج” لم يكن للذباب والبعوض أن يتجرأ حتى على المرور بشارع النيل، وهذا لأن الحيشان في ذلك الزمان كانت محروسة بالضبط والربط ومحمية بالجودة الشاملة.
{ والآن في زمان العشوائية والتخبط، كيف لا يسيطر الذباب على شاشة تلفزيوننا الرسمي في ظل وجود مدير في وضع جامد (لا يهش ولا ينش)؟!