إنها ذاكرتي
هي تتحداني فيك، أودعها أسراري فتتناساني كلياً، أخبئك منها هنا وهناك، فتستبيح حرمة أماكني وتبحث عنك لتفرش لك قلبها وأنفاسها، وتسدل عليك ستراً من الغموض.
إنها ذاكرتي!!
عجباً أستأمنها على كل شيء، وحينما أعاود استرجاع أماناتي، لأجد غيرك في خزانة معلوماتها السرية!!
أتساءل: من يا تُرى يملك نسخة أخرى من مفتاح الذاكرة؟ من يا تُرى يفتح الباب ما إن أغلقه، ويتربص بي ويعاود الكرَّة ليزور كل أوراقي ويمحو كل شيء ما عداك؟!
تُرى من؟!
فتجيبني ذاكرتي بشيء من الأنفة وكل الكبرياء إنه أنا!
أنت!
أنت إذن تلكم الأنثى التي أودعتني للأرق ليالي وشهوراً؟ أنت إذن مصدر آلامي ويقاظ مقلتي؟؟
أأنت؟
أجل إنها ذاكرتي
تقابلك على غرف عقلي ترتشف منك أريج البقاء، لتخرج حبلى بأطفال الذكرى عند كل مساء وتلفظني لرمال الوحدة كي أربي أطفال ذكرياتها واحداً تلو الآخر!!
تحتقرني وأحتقرها..
تحتقرني لأني أستأمنها سري رغم يقيني القاطع أنها لن تحفظ لي منه مثقال ذرة، وأحتقرها لأنها لا تمارس شيئاً سوى الغدر، ولكني لا أملك خياراً سواها.
انتابتني حالة من الطمأنينة وأنا أشاهد فيلم الكوميديان محمد سعد “8 قيقا” لأنه استطاع فيه أن يستبدل ذاكرته بأخرى أفضل، أعجبتني الفكرة رغم أنها مجرد خيال، فتعمدت إغاظة ذاكرتي بفكرة استبدالها مثلما تتعمد أنت إغاظتي بأخريات، ولكن سرعان ما أدركت أنها تحمل ذكرياتك معي، وأنها لا تستحق شرف أن تغادر وفي أحشائها شيء منك يعنيني.