أخبار

الخط العازل

خط (برليف) العازل بين الشمال والجنوب والمراقب بقوات دولية سيتعرض للانهيار والذوبان والتلاشي إذا تمددت العلاقة بين شعب واحد قسمته السياسة لشعبين ووطن ورثناه موحداً فأخفقنا في الحفاظ عليه ليصير دولتين.. وعجزنا كسودانيين عن حل مشاكلنا فانتقلنا بها للجيران والعالم غربه وشرقه، وأصبحنا عبئاً على العالم حتى هددت الدول بوقف تمويل استضافة السودانيين في الدولتين وهم يتباحثون في قضايا كان حرياً بقادتهم حسمها في القصر قبل الفراق بغير إحسان.. ولكن تقاعسوا حتى تدخل الجيران والأصدقاء والأعداء المشفقون والمتربصون لفض النزاع غير المبرر.
باتفاق “البشير” و”سلفاكير” سيفصل بين السودانيين جيش (عرمرم) من الأحباش والأفارقة الآخرون.
وتراقب الحدود الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.. ومنظمات عالمية وإقليمية تعيش على نزاعات غيرها من أمثالنا.. ولكن إذا فُتحت الحدود وتنفس اثنا عشر مليون نسمة هم سكان الولايات الشمالية الحدودية طبيعياً، وتمددت مصالحهم مع نحو (4) ملايين نسمة من جيرانهم في المقاطعات الجنوبية من السودان الجنوبي.. فماذا تعني المنطقة العازلة؟.. وهي منطقة خُطط لها احترازياً من وقوع اشتباك مسلح بين القوات في الشمال والجنوب، ولكن لماذا يشتبك الجيشان إذا عادت الأشياء لطبيعتها، وبات الدينكا من يرول وأويل (يتبضعون) من المجلد والضعين ونيالا.. واتجهت قطعان أبقار المسيرية جنوب بحر العرب وأصبحت كادقلي أقرب إلى بانتيو من جوبا، وهي بالجغرافيا والثقافة حقاً أقرب إليها.. وعاد الجنوبيون إلى العاصمة الخرطوم بكل حقوق المواطنة من غير الحقوق السياسية، وتدفق أولاد بحر أبيض بتجارتهم إلى مريدي ويامبيو وأنزارا، فهل ثمة مبرر لوجود شريط عازل وقوات مراقبة على الحدود؟
في كل جولات التفاوض من نيفاشا وحتى مفاوضات أديس أبابا التي ربما انتهت في وقت متأخر مساء أمس أو اليوم، أو حتى إذا تمددت لأسبوع آخر بعد أن وجد الرئيسان أنفسهم أمام واقع تفاوض لم يحسم أي من القضايا الخلافية، وبات “البشير” و”سلفاكير” مفاوضين رئيسيين بدلاً من التوقيع على ما يتم الاتفاق عليه أصبحوا هم أنفسهم مفاوضين يبحثون عن نقاط تلاقٍ ليوقعوا عليها، وتمادى الأطراف في التقدير الخاطئ بجعل القضايا الأمنية والعسكرية (مقدمة) على التفاهم السياسي وكأن (الخلفية) العسكرية لكلا الطرفين هي ما يجعل الانشغالات بالقضايا الأمنية فوق التفاهم السياسي الذي كان ينبغي أن يكون حاكماً وضابطاً وتعلو الإرادة السياسية على ما عداها من اعتبارات وانشغالات، ولكن من يقنع (الديك) بأن الصقور لا تستطيع أن تتخطفه بمخالبها وأنها  ــ أي الصقور ــ تبحث عن صغار الدجاج (الفراريج).. وكل مفاوضات وجميعنا بخير وعافية ولا ينقصنا سوى رؤية شعبنا الغالية!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية