الديوان

عوض شكسبير.. الطريق إلى الهاوية

المجهر – خالد الفاضل
أخبرني أحد المسرحيين المعروفين الذين اثق في مصداقيته وتجمعه ظروف العمل بالممثل المغمور عوض شكسبير أن تصرفاته في الفترة الأخيرة ومهاجمته لرموز المجتمع دون وازع من احترام ولا توقير ولا أخلاق ..تصرفاته هذه جعلته منبوذاً حتى من زملائه الدراميين، ويبدو أن إحساسه بالذنب جعله ينكمش على نفسه، فلم يعد شكسبير الزمان صاحب القفشات والطرفة الحاضرة، فأصبح نادراً ما يتواجد في المناسبات الاجتماعية للدراميين، وحتى إذا تواجد فانه يختار ركناً قصياً ينزوي فيه منكمشاً مطرق الرأس .
وهذا وضع طبيعي لمن اختار لنفسه طريقاً مظلماً يفتقر إلى أبسط مقومات الأخلاق والدين، طريقاً لا يحتكم إلى مبادئ ولا قيم، عندما يطلق لسانه بلا إلا ولا ذمة للنيل من الآخرين بأسوأ عبارات السخرية والاستهزاء ‫.‬وطبيعي أن يصبح شكسبير معزولاً وحيداً يطارده الإحساس بالذنب، وتطارده نظرات الاحتقار والقرف ممن حوله، فما أن يفقد الإنسان احترامه لنفسه فلن يجد من يحترمه، فالإنسان يظل محبوباً ومحترماً طالما أنه يقدم لمن حوله الاحترام والحب، أما عندما يقدم العكس فلن يجد له مكاناً بين الناس.
إن شكسبير مارس هوايته في التنكيل بالآخرين والتقليل من شأنهم، فلم يتأثر من انتاشتهم سهامه الخرقاء، ولكنه فقد كل شئ، فقد الاحترام والحب حتى من أقرب المقربين إليه. لقد أصبح مكروهاً مذموماً طريداً. وقد اثر هذا حتى على مستوى ادائه في العروض الاخيرة لمسرحية (ملف سري) ولاحظ الجمهور كيف انه كان مشتتاً وشارد الذهن وفي عينيه نظرة ذهول وقلق.
إن شكسبير يسير في طريق نهايته هوة سحيقة وبدايته كانت عندما فقد كل صديق وصليح وجلب على نفسه كراهية كل الناس، بهاجمته فناناً بقامة أبو عركي البخيت، ليس لأنه فنان مخضرم وحسب، ولكن لأن أول شئ يعرفه الناس عن أبو عركي هو تهذيبه الشديد وتواضعه الجم..وعندما تهاجم شخصاً بهذه المواصفات، فستسقط من نظر الناس لا محالة، ومشكلة شكسبير أنه يفتقر إلى أبسط مقومات الذكاء، وإلا لما اختار شخصاً يتفق كل الشعب السوداني على مثاليته مثل العملاق أبو عركي.
وتوقعنا وتوقع الكثيرون أن يكون في الدرس القاسي الذي تلقاه شكسبير بعد معركته مع جمهور عركي، والكم الهائل من التحقير الذي وجده منهم، توقعنا أن يعي الدرس ويعود إلي صوابه ورشده ولكنه لم يفعل، لماذا؟ لأن الضغط النفسي الذي تركته معركته مع عركي أوصلته إلى مرحلة من اليأس والقنوط واللامبالاة جعلته يندفع لتكرار تجربته في مهاجمة كل من حوله، فهكذا هو حال من فقد كل ما يملك ويعرف أنه لا أمل في استعادته، حينما يشعر الإنسان بأنه ليس لديه ما يخسره فإنه يفعل كل شئ .. وإذا لم تستح فافعل ما شئت..
نعم إن شكسبير لن يتوقف عن مهاجمة الآخرين..فلم يعد لديه ما يخشي عليه أو يخسره .. ولكن ستبقى الحقيقة المرة هي انه أصبح مكروهاً حتى من اقرب المقربين إليه ، فلا احد يحترم شخصاً لا يحفظ للناس حقوقهم ، ولن يحب احد شخص لا يحترم الآخرين. سيواصل شكسبير طريق الإساءات وسيزداد حجم كراهية الناس له، حتى يأتي وقت لا يجد فيه حتى من يكلمه ولا من يأبه له، وحينها سيتحول شكسبير إلى شخص إنطوائي وعدواني يحاصره الخوف والوساوس والهواجس والكوابيس المرعبة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية