رأي

الحاسة السادسة

جدل الهوية.. والتوهان (1)

رشان أوشي

مع تفاقم الصراع السياسي في البلاد، وتطور الأزمة إلى مشاجرة اجتماعية كبرى، يحاول السودانيون اليوم بشتى السبل إثبات أحقية بعضهم بالأرض والثقافة، وإقصاء الآخرين، فالعروبيون مثلاً سعوا جاهدين إلى استغلال اللسان العربي الذي يتحدث به الناس في بلادنا، ومحاولة فرض الثقافة (الإسلامو عروبية)، واقتيادنا من آذاننا إلى الخليج، وفي ذات الوقت عزف الأفريقانيون على وتر اللغات الأصيلة التي تتحدث بها أغلبية القوميات السودانية، وأنماط الحياة وتقاليد الأفراح والأتراح ليؤكدوا على أفريقانية إنسان هذه الأرض، جدل بيزنطي ظل يتردد منذ عقود، ولم نتمكن حتى اليوم من إثبات أي فرضية من المطروحات للنقاش.
ما دفعني لتناول هذا الموضوع الممجوج والمقتول بحثاً، هو حلقة تلفزيونية وجدت صدى كبيراً في الأسافير وردود أفعال ضخمة، حول هوية السودان ضيفتها سيدة سودانية مورست عليها عنصرية مقيتة من أقرانها العرب في الحلقة، لم أغضب لاستهزاء هؤلاء الناس بنا، بل أغضبتني المشاركة في جدل كهذا، مفاده إثبات هويتنا العربية.
ما خلصت إليه خلال السنوات الماضية أن مجتمعنا السوداني يعيش مرحلة لعلها غير مسبوقة في تاريخه، وذلك لأن دفاع شعوبه عن هويتها لم يعد منوطاً بالدخول في حوارات وسجالات نظرية سلمية، بل لأن نمطاً آخر من السجال أخذ يفرض نفسه بين الأطراف المعنية، يتجسد في السلاح والعنف وعدم قبول الآخر، وهذا بدوره، يدل على أن المجتمعات السودانية (معظمها) لم تعد تعيش على أسلوب مجتمعي سلمي فيما بين أفرادها وهيئاتها وتنظيماتها.
ونواصل..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية