الديوان

السيارات القديمة والعتيقة…قوة (الحديد) التي قهرت بؤس شوارع الخرطوم..؟

ميكانيكي يعمل لمدة (40) عاماً يكشف أسرارها وخباياها

المجهر – خالد الفاضل
كأن العربات من موديلات السبعينيات والثمانينات تأبي أن تترك الساحة لموديلات الألفينيات، فهي مازالت تزاحمها في الطرقات وتبزها في بعض الأحيان سرعة وقوة.. بالرغم من مظهرها المهلهل وحديدها الذي تآكل من آثار الصدى وتعاقب السنوات، إلا أنه ما زال بعض الناس يرون أن الموديلات القديمة لا بأس عليها ولا يعبيها أنها عاشت لعقود من عمر الزمان، طالما أن هيكلها الحديدي قوي ومتماسك والإسبيرات متوفرة و(الصنايعية) المهرة موجودين وقادرون على إعادتها إلى عهدها الأول .. إضافة إلا أن واقع الحال بعد رفع سعر الدولار الجمركي إلى (18) دولار، وتراجع أعداد العربات الحديثة المستوردة، يشير إلى أنه ربما كان للعربات القديمة صولاتها وجولاتها في شوارع الخرطوم .
أسعار مناسبة
إن العربات من ماركات الكورلا والكريسيدا ، والبكاسي الهايلوكس والكرونات والداستون لم تفقد سطوتها في دلالات العربات رغم مرور كل هذه السنوات، وما زال هنالك من يتدافعون لشرائها خاصة أن أسعارها هادئة وفي متناول يد محدودي الدخل، ويمكن لموظف عادي أن يمتلك عربة بحالة جيدة بمبلغ لا يتجاوز الـ40 ألف جنيه، وتعتبر العربات (الداتسون) الأرخص من بين الكورلا والكرونه، بالرغم من أن الأخيرتين مرغوبتين أكثر في السوق.
أربعون عاماً في عالم في الميكانيكا
محمد الصادق من أبناء مدينة القضارف من قدامى الميكانيكيين في سوق أم درمان، وقد تخصص في (عمرة) الموديلات القديمة، وقد اشتهر بمهارته الفائقة في إعادة هذه العربات سيرتها الأولى، ويعمل محمد بسوق أم درمان بالقرب من المسجد الكبير، وقد امتهن الميكانيكا منذ أن كان عمره 17 عاماً في العام 1978م، وتتلمذ على يد المعلم الراحل محمد أبكر، ويحكي عن بداياته بالقول (كنت صبياً عندما جئت لتعلم هذه المهنة مع المعلم محمد أبكر، وكان يطلب منا تفكيك أجزاء المكنة وهو يجلس بالقرب منا على كرسي، ويكتفي بالمراقبة والتوجيه، ثم نقوم بغسل هذه الأجزاء نظيفاً، ليأتي دور المعلم في إعادة تجميع أجزاء المكنة بعد فرز الأجزاء التالفة التي تحتاج لتغيير، ويقول عن أول ماكينة عربة قام بفكها وتركيبها منفرداً، حدث ذلك بعد خمس سنوات من التتلمذ على يد المعلم الكبير، ونجحت والحمد لله، وعن أنواع العربات التي كانت موجودة بالسودان في العام 1978 يقول العربات الموجودة في ذلك الزمن كانت بداية من الهيلمان الإنجليزية والمرسيدس والكرونة والكورلا ، وقبلها كانت هنالك عربة اسمها بارلين ألمانية على ما أظن . ويسترسل محمد الصادق في الحديث ويقول في ذلك الزمن كان امتلاك العربات حصرياً على التجار وأعيان البلد، أما العربات المرسيدس فقد كانت حصرياً على أولاد أبو العلا، وأظن أنهم كانوا يمتلكون توكيل شركة المرسيدس في السودان.. ويقول الصادق عن موديلات قديمة مازالت مرغوبة وتجد من يسعى لشرائها الكورلا والكرونا تجد قبولاً كبيراً ويتم بيعها بسرعة في الدلالات، ويواصل العربات الكورلا والكرونا والداتسون من موديلات السبعينيات، إذا كان هيكلها بحالة جيدة فلا غبار عليها، ويمكننا تعمير ماكينتها بسهولة، خاصة وأن والإسبيرات متوفرة فهي في الأصل تتبع لشركات موجودة وما زالت تصنع السيارات، والموديلات القديمة بعد تعمير ماكينتها لا ينقصها شيء، ويمكنها أن تسافر لمسافات طويلة، وما يميز الموديلات القديمة أن أسعارها تتناسب مع أصحاب الدخل المحدود، فليس كل الناس يمتلكون مئات الملايين لشراء عربة، ولكن مع الموديلات القديمة يمكنك أن تشتري عربة بـ40 ألف جنيه فقط ، ويواصل الصادق الحديث عن الموديلات القديمة بالقول الآن البكاسي الهايلوكس من موديلات 78-80-83- مازالت مرغوبة لما تميزت به من قوة ومتانة، وهنالك الكرونة وخاصة كرونة الجيش، كما يسمونها، فهي متينة جداً، بعض الناس يعيبون على العربات القديمة أنها تصرف بنزين أكثر، وهذا صحيح، ولكن الفارق ليس كبيراً في كمية البنزين، والاختلاف بين الجديد والقديم أن العربات الجديدة تأتي (إنجكشن) أي (بخاخ) وهذا يقلل من صرف الوقود.
نصيحة
قلت لمحمد صادق إذا أردت أن اشتري عربة من الموديلات القديمة، فبماذا تنصحني؟ فأجاب والله الأفضل الكورلا وخاصة موديل 1974، والكرونة أيضاً عربة جيدة بالإضافة إلى الداتسون، وعلى كل حال إذا وجدت عربة هيكلها نظيف يمكنك شراءها بدون تردد، لأن أمر الماكينة مقدور عليه، ويواصل الحديث: العربات قديمها وجديدها إذا وجدت العناية الكافية وتغيير الزيت في وقته يمكنها أن تعيش لفترات طويلة، وأذكر أنني قمت بتعمير ماكينة بوكس هايلوكس وعاشت ثماني سنوات دون أن تحتاج لشيء سوى تغيير الزيت.
قلت للصادق باعتبارك ميكانيكي قديم في رأيك ما هي المسافة المناسبة لتغيير زيت العربة، فأجاب التغيير يتم حسب المسافة التي قطعتها العربة، وفي رأيي أن مسافة 350 كليو مناسبة لتغيير الزيت.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية