المحامي "هشام الزين" القيادي الاتحادي يقرع جرس الإنذار في أروقة الحزب:
كنا نطلق على الأستاذ ” هشام الزين” عضو هيئة القيادة بالاتحادي الأصل ومساعد المراقب العام لقب ” الشريف” لأسباب منطقية، فهو ينتمي إلى ” غلام الله الركابي” من جهة أبيه، ويجري في عروقه الدم العلوي بواسطة جده لأمه المرحوم ” عبد الفتاح المغربي”، وازدادت الوتيرة بزواجه من الشريفة ” أميمة الإدريسي” حفيدة السادة الأدارسة.
في هذا الحوار الجريء بطابعه الاستثنائي يدخل المحامي “هشام الزين” إلى فضاءات بلا نهاية، وهو يطالب في شجاعة متناهية مولانا “محمد عثمان الميرغني” بالتنازل عن القيادة من خلال مرافعة سياسية مدهشة!
لقد أزاح المحامي “هشام” الكثير من المكنونات، وأخرج الآراء التي تصم الأذان، فهو يرى بأن “أحمد سعد عمر” قد خدع مولانا، وأن الاتحادي الأصل في طريقه للموت السريري إذا لم يتعامل الحادبون مع جرس الإنذار الذي أطلقه!!
اللقاء معه كان مفتوحاً وشفافاً وموجعاً لم يسبقه أحد من الاتحاديين على نوعية هذه الإفادات.
{ الاتحادي الأصل صار الآن سلسلة تتفكك.. ماذا أصاب حزب مولانا؟؟
– اللوحة المأساوية في الاتحادي الأصل لا تحتاج إلى كبير عناء للإفصاح عن المدلولات التي تؤطر إلى حدوث محصلة كارثية تصم الأذان وتدمع العيون وتلهب الجوارح، فالحزب لا يمكن تدارك أحواله المخيفة إلا عن طريق رافعة قوية تساعد على التقاطه من الوحل!! لم يعد من الممكن أن تخفى الحقائق وتتستر على العيوب والمصائب، فالتاريخ لن يرحمنا، وضميرنا سوف يحاسبنا إذا قصرنا، وأمامنا رأس الحكمة الخوف من الله وإطلاق النصائح والبلاغات دون مجاملة وتدليس!!
حزب مولانا مصاب الآن بالخرس والانغلاق والجمود، وأي شخص يخالف هذه المعطيات يحاول الرقص على منطق الأشياء، بل ينطبق عليه قول الشاعر (يقضي على المرء في أيام محنته.. أن يرى حسناً ما ليس بالحسن)، فالاتحادي الأصل أصبح بالفعل سلسلة تتفكك، والشاهد أن هياكل الحزب نجدها فارغة، والأمانات بلا اختصاصات فاعلة، والفوضى ضاربة أطنابها على جميع القطاعات المشلولة والرؤية الحزبية هائمة في الظلام الدامس، وإدارة الحزب بيد الانتهازيين والذين دخلوا عالم السياسة البارحة!!
{ هل تعتقد بأن الحزب بحاجة إلى قيادة جديدة في إطار مواكبة عصر الألفية الثالثة وضخ الدماء الحارة في شرايين المنظومة؟
– الحزب فقد عنصر المبادرة وإطلاق الأفكار الإبداعية، ولم يعد صانعاً للأحداث والتحولات المهمة في المسرح السوداني، والثابت أن مصير البلد يتشكل الآن في غياب الاتحاديين الذين كانوا يمثلون عظم الظهر للوطن، وإذا أراد الحزب مواكبة عصر الألفية الثالثة ومقابلة تحديات الأطلس السياسي والتكنولوجي، فلابد من وجود تلاقح الأفكار بين حكمة الشيوخ وحداثة الدماء الشابة لتصب في بوتقة التنظيم.
حاجتنا كبيرة إلى طاقم جديد معطون على إيقاع التجربة الطويلة وتطلعات الغد حتى نستطيع عبور المرحلة الحرجة!!
{ يرى البعض بأن مولانا ” محمد عثمان الميرغني” بعد سنوات الشقاء والنضال يحتاج إلى خطوة استثنائية عقب المؤتمر تقوم على التنازل عن صلاحياته في قيادة الاتحادي الأصل والاكتفاء بالمتابعة والرعاية؟!
يقول الأستاذ “هشام الزين” بعد تفكير طويل:
– الرؤية التي تنادي مولانا ” محمد عثمان الميرغني” بالتنازل عن قيادة الحزب في المستقبل يجب النظر إلى أبعادها من زاوية العقل والمنطق قبل العاطفة والنزعة الوجدانية، وإذا حاولنا تصوير المطالبة بترجل مولانا عن كرسي الرئاسة بأنها استهداف من منطلقات شخصية، ومحاولة للتقليل من تاريخه ورصيده في الكسب السياسي عبر المشوار الطويل، فإن المعطيات تكون خاطئة تماماً!!
أصبح مولانا في هذا الوقت يعاني من حمولة الإرهاق الشديد والوقوف على أطلال الشقاء والمكابدة لا تريد عقارب الزمن مساعدته في الاحتفاظ بالحيوية القديمة، ومازال يحمل الأمل والنفائس في صمت المعلم الذي يتأمل ما وراء النافذة!!
من الحكمة الإفصاح بأن ذروة النصر للقائد السياسي الانسحاب من مسرح الزعامة في اللحظة الاستثنائية المواتية على غرار ما فعل الزعيم الإفريقي ذائع الصيت “مانديلا”!! وأية محاولة للضغط على مولانا لمواصلة القيادة خلال الواقع المحيط في مثل أحواله العمرية والصحية، تعتبر ضرباً من النفاق والمجاملة على حساب النزاهة والنصيحة الخالصة التي تأتي دائماً من الأوفياء، بل قد تكون طمعاً من هؤلاء للاستفادة من الرحابة والجناح الظليل!!
لذلك أقول بالفم المليان والصوت العالي، جاء الوقت ليتنازل مولانا عن قيادة الحزب من باب المحافظة على ارثه في دفتر التاريخ، وأيضاً من منطلق الأدب والتقدير لمقامه، وهو أدب حقيقي وصادق، وأن يكتفي بالرعاية والمتابعة لشؤون الحزب تاركاً العمل التنفيذي اليومي والإدارة السياسية المباشرة وفقاً لصيغة تؤطر إلى إحلال قيادة قادمة على خطوات الديمقراطية الصحيحة!!
في المخيلة ما أقل الذين يقدرون ويتفهمون قدسية المطالبة بترجل مولانا عن القيادة من الزاوية الأخلاقية والسياسية، واضعين في الاعتبار أن عملية الكون تدور في محراب الناموس الأزلي الثابت من خلال العبرة الإلهية.
{ هنالك قلق واضح وتبرم شديد حول ترتيبات انعقاد المؤتمر العام المرتقب للحزب؟
– مؤتمر الحزب العام الذي يجري التحضير له في هذا التوقيت، يواجه احتجاجات ورفضاً من قطاعات حزبية واسعة، وهؤلاء يرون أن هذا المؤتمر إذا قام بهذا الشكل الكسيح، فإنه سيكون مسخاً مشوهاً يقتل الأمل الأخضر في قلوب منسوبي الحزب!!
فالواضح أن هنالك ضعفاً شديداً في الأوراق السياسية والفكرية والتنظيمية، علاوة على إقصاء الرموز والنشطاء، ويوجد إهمال كبير للأوراق التي تعبر عن ملامسة روح الحداثة والعصر والواقعية، وتنعدم رؤى التطوير والإبداع والإصلاح، علاوة على تغييب اللجان ذات الدلالات العميقة مثل لجان السلام والشباب والمرأة التي تمثل (50%) من المجتمع السوداني.
بالنظر إلى المحصلة، نجد أن هذا المؤتمر لن يعبر عن تكوين حزب ديمقراطي النزعة يقابل تحديات الغد ولا يخاطب الأشواق المكنونة، لذلك فإنني أقرع جرس الإنذار على رؤوس الاتحاديين الشرفاء بأهمية تضافر الجهود لعدم قيام مؤتمر الحزب بصورته الحالية حتى لا نتجرع كأس الخزي والندامة!!
{ ” الحاج ميرغني عبد الرحمن” ذكر عن يقين لا يخالطه الظن بأن مؤتمر الحزب المتوقع إما فرقعة في الهواء.. وإما جاء بمخرجات طفل منغولي؟
– لا أظن أن “الحاج ميرغني عبد الرحمن” كان مجافياً للواقع والنظرة الثاقبة في حديثه، فالمؤتمر قد يكون فرقعة في الهواء ولا يعانق أرض الواقع، أما إذا انتظم على هذا الإيقاع المخيف، فإن المخرجات ستكون طفلاً منغولياً!! أليس من يقومون على أمر هذا المؤتمر، هم الوجوه التي ظلت تحصد الفشل والإخفاق على الدوام!
{ ظل الأمير ” أحمد سعد عمر” يدافع بلا هوادة عن مشاركة الحزب في الحكومة.. كيف ترى إشارات الأمير؟
– يصمت قليلاً – ثم يجيب، الأمير ” أحمد سعد” عن نفسه في المقام الأول قبل الدفاع عن المشاركة!! فهو لا يريد الاعتراف بأن زرعه أنتج محصول الهشيم!! كان “أحمد سعد” مهندساً للمشاركة الهزيلة مع المؤتمر الوطني، في حين كانت مكونات الاتحادي الأصل من كوادر وقيادات وجماهير تقاتل بشراسة حتى لا تحدث تلك الخطوة التي ترى أنها مجافية للتقاليد والموروثات الحزبية!! وكم شهدنا جحافل الطلاب والشباب والفعاليات في دار أب جلابية وجنينة السيد علي وهم يرفضون الانتقال إلى قطار الحكومة.
وهل يعلم البعض بأن ” أحمد سعد” خدع مولانا عندما وضع المساحيق وأدوات التجميل على سيناريو المشاركة، فكانت الثمار الابتعاد عن المواطن وقضيته المركزية والإحساس بالضياع والندم، بل حتى مسودة اتفاق المشاركة بين المؤتمر الوطني وحزبنا التي جاءت بناءاً على إصرار المحامي ” بابكر عبد الرحمن” والدكتور “علي السيد” وشخصي لم ينفذ الحزب الحاكم منها بنداً واحداً.
{ يتحدث البعض عن غضب المحامي “هشام الزين” من الحزب لأنه لم يجد موقعاً دستورياً في المشاركة؟
– هنا يضحك – ثم يعتدل في جلسته ويقول بشيء من الحزم، أتحدى أي عضو في الحزب يقول بأن “هشام الزين” جرى وراء الموقع الدستوري وتعشم في الاستوزار حتى لو من باب التلميح أو المزاح!! كنت مراقباً عن كثب لجميع فصول المشاركة من الألف إلى الياء، وملماً في دقة متناهية لما يجري وراء الكواليس، وتوفرت لدي تفاصيل التفاصيل عن موضوع التفاهمات بين حزبنا والمؤتمر الوطني، لذلك كنت في موقع العارف الذي يعصم نفسه عن الانتساب إلى طاقم السلطة، فالصورة التي ارتكزت عليها عملية المشاركة لا أرضاها لشخصي وتاريخي!
{ توجد تسريبات حول انتخاب مولانا ” محمد الحسن” في موقع النائب الأول لرئيس الحزب خلال المؤتمر المرتقب.. يقابل ذلك تخوف البعض من صعوده إلى القمة؟
– مولانا ” محمد الحسن” من جيل عصر المعلوماتية، وهو شاب يتدفق حيوية ونشاطاً، يحاول تجديد الدماء في شرايين الاتحادي الأصل، عملنا معه في لجنة الانتخابات، ولمسنا منهجه المنتظم والعميق، ويرى الكثيرون أنه مؤهل للقيادة في المستقبل من خلال العطاء والاختيار الديمقراطي وليس بالتوريث.
توجد إرهاصات حرب باردة على مولانا ” الحسن” في أروقة الحزب يزداد إيقاعها من بعض الذين يدورون في فلك مولانا “محمد عثمان الميرغني”، فهؤلاء يخافون على مصالحهم وأوضاعهم، لكنني أرى بأن إكسير الأبوة سوف يهزم رغوة الصابون.
{ العلاقة بين مولانا ” محمد عثمان الميرغني” و” حاج ميرغني عبد الرحمن” يكسوها الغموض والدخان الكثيف.. فماذا تقول؟
– العلاقة بين مولانا ” محمد عثمان” و” حاج ميرغني” مهما بلغت التجاذبات والمشاعر الداخلية، ما كان ينبغي أن تكون في مستوى الغموض والتباعد، فالإبقاء على ميزان العلاقة بين الرجلين يشكل ملحمة ضرورية من الحادبين على أمر الحزب.
بقدر وزن مولانا تنعكس أهمية ” حاج ميرغني عبد الرحمن” وخصائصه كقائد نظيف له تاريخه في النضال ووزنه على صعيد الجماهير. البعض مارس سوء الكيل على ” حاج ميرغني” بإبعاد عدد من العناصر المحسوبة عليه وإشراكهم في السلطة، لكن فات عليهم أين وقعت الخسارة؟
{ ما هو تفسيركم لغياب الأستاذ ” حاتم السر” الطويل في الخارج.. وهل ما زال الرجل يتقلد منصب الناطق الرسمي للاتحادي الأصل؟
– بقاء الأستاذ ” حاتم السر” الطويل وهو يتنقل بين (القاهرة) و(لندن) تعبير واضح من جانبه عن الاحتجاج حول الأوضاع المزرية في الحزب، وهو مسلك الأخ ” حاتم” الذي تعود عليه عندما يشعر بالإحباط الشديد في أعماقه، والعلاقة الوجدانية بينه وبين مولانا تحتم عليه تطبيق هذا الموقف الذي صار علامة دالة!!
وأيضاً مازال الأستاذ ” حاتم” يتبوأ موقع الناطق الرسمي للحزب، في حين يتولى الأستاذ ” إبراهيم أحمد الميرغني” رئاسة لجنة الإعلام بالمؤتمر المرتقب.
{ أموال الحزب.. هل في جراب السيد.. أم تندلق في شكل أريحية من الأعضاء الأثرياء.. أم توجد مؤسسة قائمة على هذا الأمر؟
– لا يستطيع الإجابة على هذا السؤال سوى مولانا “محمد عثمان الميرغني”!!
{ البعض يتحدث عن تدخل هيئة الختمية في شؤون الاتحادي الأصل؟
– أهل الطريقة الختمية مظلومون من هذا الاتهام الجائر، بل هم أكثر الفئات في الاتحادي الأصل تضرراً من تلك الإشارات السالبة.
الطريقة الختمية مؤسسة دينية صوفية مركزية، حيث يكون القرار والولاء في يد المرشد، وإذا كانت هنالك أية تصرفات من بعض الخلفاء، فإنها لا تمثل الطريقة الختمية.
{ هنالك أقاويل ترى أن “هشام الزين” كان غليظاً من خلال ممارسته لسلطات المراقب العام في عملية المساءلة والعقوبات على بعض منسوبي الحزب؟
– كنت لا أجري وراء الهوى والاستهداف الشخصي وتصفية الحسابات الذاتية، فالشاهد أننا كنا نعمل من خلال مؤسسة عدلية انضباطية تسمى هيئة الرقابة العامة مجازة من مؤتمر القناطر الخيرية.
عندما شعرنا بوجود مراكز في الحزب تحاول التطاول على المنظومة وإطلاق الشحنات السالبة خارج الأسوار، اقترحنا على هؤلاء تبديل المسلك إلى نقد بناء وملاحظات مسؤولة، لكنهم عندما رفضوا النصح كان لابد من المساءلة والتقويم!
{ – سؤال أخير- كنت تلميذاً في محراب الأستاذ “سيد أحمد الحسين” قبل أن يكون عمك.. ماذا استفدت منه؟
يقول الأستاذ “هشام الزين” في نهاية الحوار:
الأستاذ ” سيد أحمد الحسين”، هو الإنسان الذي يمثل مدرسة النقاء والشجاعة والتواضع والعفة بلا منازع في عالم السياسة، دخلنا عالمه الجميل في ريعان الشباب، واستطاع تحويل حماسنا إلى طاقة جبارة تحمل رؤية الوطن والحزب في حدقات العيون، الأستاذ ” سيد أحمد الحسين” كان امتداداً طبيعياً لمدرسة الزعيم ” إسماعيل الأزهري” والمناضل ” الشريف حسين الهندي”، وهو يتمسك بفلسفة مقاومة الشمولية وقدسية الديمقراطية حتى الرمق الأخير.
لقد أدخل الأستاذ ” سيد أحمد الحسين” نصراً جديداً على الحركة الاتحادية عندما أعطاها الأوزة الذهبية في ميادين الجامعات، وأمامنا رؤساء اتحاد طلاب في الجامعة الأهلية أمثال ” عمر خلف الله” و” عثمان الشايقي” و” مجدي عبد المنعم” ورموز شامخة في تلك الساحات أمثال ” سيف الدين حمد” و” بابكر فيصل”.