مسامرات
محمد ابراهيم الحاج
لطائف الجمعة
*استمعت أمس إلى ألبوم قديم جمع الراحلين “زيدان إبراهيم” و”عبد المنعم الخالدي”.. الألبوم الغنائي خُصص بكامله لأغاني الراحل “عثمان الشفيع” وحقق عند توزيعه أعلى نسبة مبيعات واكتسح كل الألبومات الغنائية التي كانت مطروحة وقتها.. أكثر ما لفت نظري في الألبوم هو (المباراة) في الأداء واستعراض طبقات الصوت لكلا المطربين.. كانت مباراة من نوع خاص خاصة في أغنية (الحالم سبانا).. “زيدان” بصوته المترع بالشجن وجمالياته التي زادت مع الأيام تعتقاً حتى بعد قبل رحيله بأيام لم يفقد شيئاً من روعته،
و”الخالدي” بجبروته الأدائي.. وتلوينه المدهش وتنقله في السلالم.. كانت الأغنية بمثابة درس ليت مطربي هذه الأيام يستمعون إليه مراراً وتكراراً.. أغرب ما في هذا (المباراة) أنها ربما تكون الأولى في التاريخ التي تنتهي نتيجتها بفوز كلا المتباريين.
*الفنان صاحب الصوت القوي “عادل مسلم” كان دائماً ما يصرِّح أن ابتعاده عن الساحة الفنية كان لسبب قسري بحكم بعده عن العاصمة واستقراره في الشرق الحبيب الذي يتباطأ فيه إيقاع الحركة الفنية…والآن بعد استقراره بالخرطوم كان صوت “مسلم” أكثر خفوتاً…”عادل مسلم” هو مثلما قال “قيس بن الملوح” :
ألا أن قرب الدار خير من البعد…
ألا أن قرب الدار ليس بنافع ..
إذا كنت من تهواه ليس بذي ود
{ محظوظ الجيل الذي أرخى أسماعه للفنان الراحل “عبد العزيز العميري” صاحب الحنجرة المترعة بالشجن والبصمة الصوتية المميزة.. “العميري” عندما يغني تكاد أن تترك كل ما في يدك لتستمع له.. ورغم ذلك لم يتفرغ الراحل للغناء فقد كان فناناً شاملاً يكتب الشعر ويلحن ويمثل ويغني.. الراحل “العميري” مدرسة فنية متكاملة لم يسعفه القدر لإكمال فصولها.
{ استمعت إلى أغنية (من جديد) بصوت الفنان الراحل “مصطفى سيد أحمد” وهو من وضع لها الألحان للمطرب الصاعد وقتها “خالد الصحافة”.. وصُدمت من هول المقارنة بين الاثنين.. فـ”أبو سامر” منحها حنجرته الذهبية، وصارت تحفة غنائية كان من الممكن أن تمنح أي مطرب يرددها سمات الخلود الفني.. لكن ضعف صوت “خالد الصحافة” أحالها إلى مجرد أغنية عادية.
{ جمهور مجموعة (عقد الجلاد) الغنائية.. معظمه من طلاب الجامعات والخريجين وكثير منهم يتميز بوعي كبير.. والفرقة التي تعدّت رُبع القرن عملت على ترسيخ (مبادئ) و(قيم) إنسانية ووطنية وثورية عبر امتداد مسيرتها الفنية.. لهذا استقطبت إليها (شباباً) (ثائراً) (جامحاً) يعمد إلى إحداث التغيير الوقتي.. ولعل الواقع الاجتماعي (الوردي) الذي تزينه المجموعة في أغانيها هو ما دفع أولئك الشباب للتحلّق حولها والاحتفاء بأغانيها الملتزمة تجاه قضايا وطنها.. أكثر الأغاني الناجحة التي رددتها المجموعة هي لـ”محجوب شريف” و”محمد طه القدال” المعروفين بميولهما الثورية.. وتعدّ أغانيهما المطلب الجماهيري في حفلات (العقد).
{ جمهور (عقد الجلاد)، ثائر (نازع نحو التغيير)، (جامح)، (صديق للفرقة الغنائية)، ولهذا فإنه سيكون (حائط الصد) الأول لكل ما يحيق بالفرقة من تقزم وشتات تعانيه حالياً.. وأعتقد أن المجموعة حال راهنت على جمهورها فإنه سيكون بمقدورها العودة مرة أخرى مثلما كانت وأقوى من ذلك بكثير، فقط يتبقى للفرقة أن تعيد ترتيب بيتها الداخلي من جديد.. ووقتها لن يخذلها جمهورها أبداً.