عباقرة المالية.. مدمنو رفع الدعم !
ألا تستطيع وزارة المالية، على مر عهود وزرائها ووكلائها خلال السنوات السبع الماضية، تقديم ميزانية لا تحمل المزيد من الأعباء لتلقي بها على كاهل المواطن، فترتاح الوزارة ثم تظن واهمة أنها تريح الحكومة ؟!
بدلاً من ابتكار برامج وخطط لزيادة الإيرادات عبر زيادة الصادرات والمنح والقروض والاستثمارات الأجنبية والمحلية، يتجه العباقرة في وزارة المالية دائماً إما إلى زيادة رسوم الجمارك، أو الضرائب، أو الاثنين معاً، أو السعي المستمر لرفع الدعم (المحدود) عن (سلع سياسية) هي البنزين والجازولين والخبز، بعد أن خرج السُكر عن هذه المظلة، فلم يعد هو السلعة التي (تقلب) الحكومة في السودان، أو تهدد رئيس الوزراء المنتخب فيعيد (تسعيرة) رطل السُكر إلى ما كانت عليه من (ملاليم) !! قبلها في عهد (مايو) كنا نهتف ونحن يفعا في انتفاضة (رجب – أبريل) مرددين ومحرضين الشرطة على الثورة: (يا بوليس ماهيتك كم.. رطل السُكر بقى بي كم ؟!).
الآن.. لم يعد مهماً رطل السُكر.. فقد أصبح يباع بالكيلو على سعره الباهظ !
غير أن حالة التعايش المشوبة بالتوتر مع الغلاء الطاحن في الأسواق، ليست مبرراً ليركب وزير المالية ووزير الدولة بالمالية سرج (رفع الدعم) من ميزانية إلى أخرى عاماً بعد عام، في إقرار صارخ على العجز عن ابتداع البدائل، ناسين أو متناسين أن الدول من حولنا مثل جارتنا “مصر” التي تطعم حكومتها أكثر من (95) مليون فاه، ما زالت تدعم البنزين، الجازولين، الغاز، الخبز، السُكر، الأرز والعدس، وتقوم المؤسسة التعاونية التابعة للقوات المسلحة بتوزيع اللحوم والفراخ والبيض بأسعار تقل كثيراً عن السوق في عربات منتشرة على طول طرقات الأحياء الشعبية في القاهرة !
أما دكاترتنا في المالية فإنهم لا يرون ما يحدث في مصر وإثيوبيا واريتريا، دعماً للمواطن في تلك الدول، دعك من دعم السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عُمان لمواطنيها بمن فيهم عدة ملايين من المواطنين السودانيين المقيمين هناك .
إن أي زيادة تطرأ على قيمة (الدولار الجمركي)، ولو بنسبة (1%) تعني زيادة أسعار جميع السلع والخدمات بنسبة (10%)، لأن حسابات السوق في السودان هكذا، (أضرب في 10)، حيث لا كسور.. ولا بواقي!
يجب أن تتدخل رئاسة الجمهورية لوقف هذه الكارثة قبل أن تحل على رؤوس المواطنين، كما تدخلت من قبل في أزمة تصاعد (الدولار) مقابل الجنيه، وكان لتدخلها الأثر في وقف النزيف ولو مؤقتاً.
رأفة بالمواطن.. يا عباقرة المالية.