نوافذ

نسيت أن أشكرك

لأن جرحي لم يكن يسمح بذلك.. لم أكن أجرؤ على الحديث.. كنت مشغولة جداً برتق جرحي.. للدرجة التي فتحت القلب شلال نزيف..
كان مبلغ همي أن أخرج من عالمك بماء وجهي فقط.. بعد أن ذرفتُ من كبريائي ما لا تحتمله عين كبرياء.. حتى اقتحم العمى بصر كبريائي ومشيت معك عمراً كاملاً بلا كبرياء..
استوت في عيني الأشياء.. أصبح الصبح ليلاً والليل ليلاً فلم أجد مناصاً من الرحيل..
لم أقل وداعاً.. أجل لم أقل وداعاً.. لأنك لم تترك مساحة للقول.. أنا عدت منك خرساء بكماء مكممة الحس.. فحتى وداعاً هذه تحتاج لقوة لم أكن أمتلكها..
أما الآن وقد تبدل ضعفي قوة.. وصموداً وتحدياً..
فأنا لا أقول وداعاً ولن.. بل أقول لك شكراً..
شكراً لأنني لم أكن قبلك سوى طفلة طيِّعة.. ترمي بها الريح ليد الريح.. لم أكن سوى غابة في مهب المطر تضحي بأشجارها خوف أن تغرق في نوبة ماء!!
أما الآن فأنا أنثى كاملة النضج.. متقدة الروح.. فشكراً لغيابك الذي أخرجني من ظلمات الانتظار إلى نور الحقيقة..
وشكراً لنسيانك الذي سرّب الحياة إلى جذور ذاكرتي فأنبتت من كل حزن ابتسامة.. وأثمرت من كل جفاف نضرة واخضراراً..
شكراً لأنك ألبستني ثوب العافية.. أنا التي صرخت لأنات حُمّاي الجمادات وبكت مرضي قطرات الندى..
أنا الآن في كامل اكتمالي بدونك.. أنا التي ما حسبت أنني سأكون تحت مسمى فردي يليه ضمير مفرد..
أعلنني الآن محلقة في سماء النقاء بعيداً عن حزني بك.. قوية بفقدك.. عزيزة لأجلي..
أما عن حبك..
والله لو أن باستطاعتي استبدال أوردتي التي اتخذتك ساكناً.. أو استئصالها.. أو بيعها في (سوق الشمش) لفعلت ذلك غير آسفة على من استبدل نبضي بموت لا يموت..

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية