حتى لطيف!!
{ لولا مكانته عندي مقامه الرفيع في بلاط صاحبة الجلالة وتاريخه الوضئ ببعده عن مخاشنات الزملاء وترفعه عن العنف اللفظي المفضي للتشاحن والبغضاء لما كتبت تعقيباً على تعقيب الزميل الأستاذ “محمد لطيف” المحلِّل السياسي البارع في مزج المتنافرات من الوقائع في الشأن السياسي والوصول بها لرابط يجمعها.. وقديماً وأنا تلميذ في مدرسة وجامعة القوات المسلحة كان معلمي وأستاذي د. “محمود قلندر” يغرس فينا بذرة النأي عن السب والشتم، وأن تقول كلمتك وتذهب، ويقول إن القارئ لا شأن له بتجميد الصحافي لنفسه والنيل من زملائه.. لكن السجال مع “محمد لطيف” له فوائده ومذاقه وطعمه. وأثار أمس الأول، تقريعاً وتقليلاً من تحليل كتبته هنا قبل أسبوعين على خلفية زيارة الرئيس “البشير” لروسيا وما تبع ذلك من غبار وعواصف رجت الساحة الداخلية والإقليمية رجاً.. وحينها قال “لطيف” في تحليله إن نبأ سحب القوات المسلحة التي تقاتل في اليمن بات قريباً. ولأن واقع الحال يقول إن “محمد لطيف” من الثقاة الذين لهم وصل مع قمة السلطة والقصر، فإن ما يرد على حبر قلمه يظل محل جدل وهو الذي يصل الرئيس وكبار المسؤولين في الدولة وقت شاء.. وحيثما أراد وتلك لصالح “لطيف” ولا عليه.. ونشهد له بخدمة القضايا العامة.. أكثر من الذاتية.. حثَّ المسؤولين بإطلاق سراح معتقلين.. وكانت له اجتهادات وأدوار في الفترة الانتقالية في تقريب وجهات نظر الحليفين المتشاكسين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.. ولا يزال حتى اليوم يسعى لخير العلاقة بين الشمال والجنوب.. لذلك اقتراب “محمد لطيف” من القصر واقع حال وتجمعه بالرئيس أواصر دم وصداقة ولم يخسر أحداً شيئاً من تلك العلاقة وبالطبع كاتب هذه السطور غير معني بها إلا من واقع قراءة المشهد السياسي، حينما يقول “لطيف” عن القصر شيئاً فالقول ما قال “لطيف”، لكن “محمد لطيف” في سياق قراءته عن سيرة الجنرال “عبد الرحيم محمد حسين” والشهادة التي حازها من زمالة المهندسين أورد الكاتب ما يشيء بأنني تناولت سيرة “عبد الرحيم محمد حسين” والي الخرطوم والشهادة التي حازها والجهة التي منحته الشهادة . وهي مزاعم لا سند لها في الواقع، لأن شهادات “عبد الرحيم محمد حسين” الهندسية شأن يخصه هو، أي الفريق “عبد الرحيم محمد حسين”، بيد أن الشهادات التي تعني الناس .. هي شهادة المواطنين حول أداء والي الخرطوم، ووجه المقارنة بينه وسلفه من الولاة د. “عبد الرحمن الخضر” ود. “المتعافي” .. مع تقدير الأوضاع التي شهدتها فترة الولاة الثلاثة والفريق “عبد الرحيم محمد حسين” الذي أعطى وأنجز الكثير في وزارتَيْ الداخلية والدفاع .. كانت التوقعات من المتفائلين بأن فترة ولايته ستشهد إعماراً للولاية.. وتطوُّراً في الخدمات .. وتحسُّناً في البيئة.. وذلك لظن الناس الحسن في الرجل .. لكن خاب أمل الحادبين قبل المتربصين . وبدأت على ولاية الخرطوم مظاهر الشيخوخة.. وتوقفت المشروعات الكبيرة.. ولولا ما تفتقت به عبقرية نائب الوالي “محمد حاتم سليمان” ومشروع الأصفار الثلاثة.. (زيرو عطش وزيرو كوش وزيرو حفر). لسجلت ولاية الخرطوم رقماً سالباً في حسابات عطاء الولايات ببنك الإنجازات.. ودفتر الحسنات.
والمواطنون غير معنيين بالشهادات التقديرية ولا العملية التي ينالها الولاة والمسؤولين بقدر تطلعهم لخدمات الصحة والمياه.. والطرق والتعليم.. وفي هذه تعتبر ولاية الخرطوم اليوم بظاهر الأشياء تحتل موقعاً دون الوسط وتتقدَّمها الجزيرة وشمال كردفان .. والنيل الأبيض وربما شمال دارفور.
وإذا كانت فترة الدكتور “عبد الرحيم الخضر” قد سجلت رقماً سالباً في الأداء السياسي وضعفاً بيِّناً في نسبة التصويت في الانتخابات فأخشى أن تجمع فترة الجنرال “عبد الرحيم” ما بين الأخوات الثلاث، الفشل التنموي والفشل السياسي والفشل الخدمي، وحينها لن ينفع الرجل تعدد الألقاب والأوصاف وكثرة الشهادات والتكريمات.. مع أن في قديم الزمان يقول تعدُّد وكثرة أوصاف الموصوف دلالة على عظمته .. والفريق والمهندس والوالي “عبد الرحيم” لا تنقصه هذه ولا تلك، لكنه اليوم في متاهة ولاية مشكلاتها أكثر تعقيداً من (الزيروهات) الثلاثة!