بعد ومسافة
قمة (إسطنبول) والقرارات الناقصة!
مصطفى أبو العزائم
تهيأت نفوس المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى قرارات قوية تصدر من القمة الإسلامية الطارئة التي انعقدت بإسطنبول التركية مؤخراً بدعوة من الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، قرارات تنفس عن ما يعتمل داخل الصدور من غضب وحنق وغيظ من قرارات الرئيس الأمريكي “رونالد ترمب” القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني، ذلك القرار الأرعن غير المسؤول وغير المدروس الذي سيقود العالم بأجمعه إلى حالة جديدة من التوترات والانفلاتات الأمنية التي لا شك ستكون أكبر مهدد للمصالح الأمريكية في كثير من مناطق العالم.
انتظرنا البيان الختامي للقمة الإسلامية ليخرج بما نريد، لكن كلمات الرؤساء كانت أقوى، وربما كانت مواقف بعض الرؤساء معبرة عن نبض الشارع الإسلامي أكثر مما عبر عنه البيان الختامي للقمة الطارئة، ومن بين أولئك الرؤساء الرئيس “عمر البشير” الذي أكد وبالصوت العالي رفض القرار الأمريكي بحق القدس، وطالب الدول الإسلامية باتخاذ موقف أقوى وأكثر وحدة ضد القرار يعبر عن مناصرة حقيقية للقضية الفلسطينية.
موقف القمة الإسلامية الطارئة كان واضحاً للجميع من خلال البيان الختامي، التي عدّت قرار “ترمب” لاغياً وباطلاً واعتداء على الحقوق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني، وتقويضاً معتمداً لعملية السلام.. ثم إدانات وشجب ودعوة للتمسك بتقرير المصير للشعب الفلسطيني وتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة القائمة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
غاب عدد كبير من الزعماء العرب والمسلمين من ملوك وأمراء ورؤساء، وهو ما يشكك في جدوى القمة نفسها، لأن تطلعات المواطن المسلم كانت بلا حدود، ليس بالأقوال وإنما بالأفعال، وكان المواطن العربي والمسلم يتوقع أن تقوم الدول المشاركة في القمة بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية رداً على قرار الرئيس “ترمب” المجحف، وكنا نتوقع أن تبدأ تركيا بذلك بإغلاق القنصلية الأمريكية في إسطنبول، ثم السفارة الأمريكية في أنقرة.. ثم تكون الخطوة التالية بذلك هي قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، مع إعلان شجاع وجريء لقطع العلاقات السرية بين إسرائيل وبعض الدولة العربية والإسلامية التي يعترف بعضها بدولة الكيان الصهيوني ولا يجرؤ على الاعتراف بدولة فلسطين.
وتبرز بعد ذلك أسئلة مشروعة تدور في أذهان الجميع عن مساهمة بعض الدول العربية والمسلمة في الأحلاف التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية بدعاوى محاربة الإرهاب! ثم نتساءل عن شكل العلاقات في الوقت الراهن بين واشنطن وكثير من العواصم العربية والمسلمة، وكيفية التوفيق بين مخرجات هذه القمة الطارئة وقمة الرياض لمكافحة الإرهاب!!
لا نريد أن نقول إن القمة الإسلامية الطارئة كانت مخيبة لآمال الأمة، لكنها لم تكن على المستوى المتوقع.. ولا نملك إلا أن نقول لك الله يا (قدس).
حقيقة، إن الذي يلوح الآن في أفق قضية فلسطين يدعو إلى عدم التعويل كثيراً على كثير من الأنظمة العربية والمسلمة الممسكة بزمام الأمور، بل يدعونا جميعاً إلى أن ندعو للمسجد الأقصى دعاءً صادقاً.. وقد قال “الفاروق” رضي الله عنه في فضل الدعاء: (لستم تنصرون بكثرة، وإنما تنصرون من السماء).. ومما ينسب إليه رضي الله عنه: (إني لا أحمل هم الإجابة ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمتم الدعاء فإن الإجابة معه).
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرد الأمة إلى دينها ليعود الأقصى، وأن يحفظ القدس الشريف عاصمة لفلسطين المغتصبة.
اللهم انصر أهلنا في فلسطين وكن معهم وثبتهم وانصرهم على من عاداهم وعلى القوم الكافرين.. آمين.
.. و.. جمعة مباركة.