"أردوغان": لا يمكن أن نترك القدس لدولة تتغذى على الدم وقتل الأطفال
الدول الإسلامية تختتم قمتها الاستثنائية وتدعو إلى الاعتراف بدولة فلسطين
اختتمت الدول الإسلامية التي اجتمعت، على مستوى الرؤساء والملوك والزعماء، بتركيا أمس، المؤتمر الاستثنائي، الذي دعا له رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي رئيس دولة تركيا، “رجب طيب أردوغان”، وطالبت بقية دول العالم للاعتراف بدولة فلسطين، وذلك رداً على قرار الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وأكد زعماء الدول الإسلامية المشاركون في القمة أن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، واستنكروا قرار “ترمب” بتحويل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وأكدوا أن القرار الأمريكي، ربما يزيد من التطرُّف والإرهاب. وكانت المملكة العربية السعودية قد استنكرت، في موقف معلن للملك “سلمان بن عبد العزيز” قرار الرئيس الأمريكي، ودعا المجتمع الدولي للمساعدة في قيام دولة فلسطين المستقلة. وقال الرئيس التركي، “رجب طيب أردوغان”، خلال القمة، أنه لا يمكن للعالم أن يترك القدس لدولة تتغذى على الدم وتقوم بتوسعة حدودها بقتل الأطفال والنساء والمدنيين بشكل وحشي. وقال: ستظل القدس عاصمة لدولة فلسطين من الآن فصاعداً، وأضاف :”ليس من المفيد لأي شخص أن يصر على الخطأ، وننتظر من السلطات الأمريكية أن تعود عن قرارها الخاطئ في أقرب وقت ممكن”.
الخرطوم – وليد النور
ونصت مسودة البيان الختامي، الذي أصدرته قمة زعماء دول منظمة التعاون الإسلامي التي انعقدت أمس (الأربعاء)، باسطنبول بتركيا، على أن الزعماء يعتبرون قرار واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل مؤشراً على انسحاب الولايات المتحدة من دورها كراع للسلام في الشرق الأوسط. وأكدت مسودة البيان، أن القدس الشرقية عاصمة ”لدولة فلسطين“ ودعت كل الدول للاعتراف بدولة فلسطين وبالقدس الشرقية كعاصمتها المحتلة. وأعلن رفض القمة وإدانتها بأشد العبارات قرار الولايات المتحدة، والذي وصفته بغير القانوني، بشأن القدس.
مجلس الأمن حاضراً
وفي المؤتمر الصحفي المشترك للرئيس الفلسطيني، “محمود عباس”، والتركي “رجب طيب أردوغان”، قال “عباس” إنه سيتقدَّم بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولي، ضد قرار الرئيس الأمريكي، “دونالد ترمب” بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقال إن الفلسطينيين سيطالبون مجلس الأمن بعضوية كاملة لدولة فلسطين. من جانبه، أشار الرئيس التركي، إلى أن قرار “ترمب”، لا يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن مدينة القدس تعبر خطاً أحمر. ودعا إلى التشاور بشأن إيجاد وسيط جديد لمباحثات السلام، موضحاً أن ذلك يجيء “بعد أن فقدت واشنطن أهليتها”. واتهم “أردوغان” إسرائيل بمواصلة توسعها وممارساتها الاستيطانية على حساب الأراضي الفلسطينية.
وأكد الرئيس التركي، أنه لا يمكن أن “تترك القدس لدولة يدها ملطخة بدماء ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا”، مشيراً إلى أن المدينة المقدَّسة تعتبر القبلة الأولى للمسلمين، و”إرثاً مشتركاً نقف إلى جانبه حتى إبطال القرارات”.
روسيا والقلق
إلى ذلك أعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها إزاء زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط بعد القرار الأمريكي بشأن القدس، ودعت إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل. وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، “ماريا زاخاروفا”، في مؤتمر صحفي لها، أمس (الأربعاء): إن “موسكو تنظر بقلق جدي إلى زعزعة الاستقرار بالمنطقة، التي تسببت بها الخطوة المعروفة للإدارة الأمريكية بشأن القدس”.
وأضافت: “نحن على قناعة بأن الخروج من الحلقة المفرغة للعنف والتوتر يكون فقط عبر استئناف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، وإيجاد حل طويل الأمد للنزاع على أساس القرارات المعروفة للمجتمع الدولي”. وتابعت “زاخاروفا” قائلة: “ننطلق من أنه يجب على جميع الأطراف المعنية التحلي بضبط النفس وتفادي أي أعمال من شأنها أن يتضرَّر منها الأبرياء، وأن تؤدي إلى زوال آفاق استعادة السلام والاستقرار والأمن للجميع في المنطقة”.
جريمة كبرى
ووصف رئيس السلطة الفلسطينية، “محمود عباس”، في كلمته قرار الرئيس الأمريكي، “دونالد ترمب”، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بأنه جريمة كبرى. وقال إن الولايات المتحدة – بعد اتخاذ هذا القرار – لم تعد صالحة لأداء دور الوسيط في المنطقة.
وأضاف: “لن نقبل بأي دور للولايات المتحدة في عملية السلام، لأنها برهنت على انحيازها التام إلى جانب إسرائيل”.
أمريكا والاستقواء
وكان الرئيس الرئيس التركي، “رجب طيب أردوغان”، قد افتتح القمة، التي حضرها زعماء ووزراء من عشرات الدول، وهدفت إلى تنسيق رد على قرار “ترمب”، بكلمة اتهم فيها الولايات المتحدة بالاستقواء على دول العالم بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وجدد اتهاماته لإسرائيل خلال المؤتمر الإسلامي، وندَّد “أردوغان”، بقرار “ترمب” الذي أصدره أوائل هذا الشهر، معتبراً إياه غير قانوني واستفزازياً.
وقال الملك الأردني، “عبد الله بن الحسين”، إنه يرفض أي محاولات لتغيير وضع القدس ومقدساتها الدينية، مضيفاً أنه لا يمكن تحقيق السلام الشامل في المنطقة إلا بحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
وأضاف في كلمته في القمة أن العنف الذي تشهده المنطقة ناجم عن الإخفاق في إيجاد حل للقضية الفلسطينية.
متظاهرون
وخرج متظاهرون محتجين على قرار “ترمب” قرب مقر قمة منظمة التعاون الإسلامي، وقد تعرَّضت بعض الدول إلى الانتقاد، لأنها لم ترسل وفوداً رفيعة المستوى إلى هذا الاجتماع الطارئ للمنظمة.
موقف موحَّد
وكانت تركيا من أكبر الدول انتقاداً لقرار “ترمب”. فقد وصف “أردوغان” إسرائيل بأنها “دولة إرهابية”، وانتقد الولايات المتحدة قائلا إن “يديها ملطختان بالدماء”.
عتاب على الردود
وألقى وزير الخارجية التركي اللوم على دول عربية بسبب ردها “الضعيف والخجول” على الولايات المتحدة. وقد أثار إعلان “ترمب” الأسبوع الماضي، غضباً واسعاً في الدول العربية والإسلامية، إذ خرج عشرات الآلاف في مظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين.
وقال الرئيس الفلسطيني “محمود عباس”، إن قرار “ترمب” بشأن القدس انتهاك واضح للقانون الدولي.
وكانت احتجاجات قد اندلعت في الأراضي الفلسطينية رفضاً للقرار الأمريكي، وهو ما أدى إلى اشتباكات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية. كما شنت إسرائيل غارات جوية على قطاع غزة، بعد إطلاق صواريخ من القطاع.
صفعة العصر
وقال الرئيس الفلسطيني، لن نقبل أن يكون للإدارة الأمريكية أي دور في العملية السياسية بعد الآن، وأضاف أن واشنطن حوَّلت صفقة العصر إلى صفعة العصر، واختارت أن تفقد آليتها كوسيط. وطالب بنقل ملف رعاية الصراع للأمم المتحدة، إذ لم تعد واشنطن أهلاً للتوسط في عملية السلام، وقال: لم نعد نقبل وساطة واشنطن في عملية السلام. وتابع: اتفقنا مع واشنطن رسمياً على ألا ننتمي لبعض المنظمات الدولية، شريطة ألا تنقل سفارتها وألا تمس مكتبنا بواشنطن وعدم وقف المساعدات وإجبار إسرائيل على وقف الاستيطان، لكنها خرقت هذا التعهد، وسنخرق التزامنا السابق، وسنستأنف مساعينا للانضمام لتلك المنظمات.
وأشار الرئيس الفلسطيني إلى أن “قرار ترمب” الأخير بشأن القدس على غرار وعد بلفور الذي منحت بريطانيا من خلاله اليهود الحق في إقامة دولة لهم في فلسطين. وإذا مر وعد بلفور، فإنه لا ولن يمر وعد “ترمب”، بعد ما رأيناه من كل شعوب ومنظمات ودول العالم، على حد تعبيره.