هل تنال القاهرة استثناءً لتصدير سلع كمالية في مقابل قرار حظر (19) سلعة؟
بعد أن لوّحت الحكومة بالإفراج عن السلع المصرية المحظورة قريباً
الخرطوم – رقية أبو شوك
في خطوة عدّها المراقبون مفاجئة، كشف نائب رئيس مجلس الوزراء القومي ورئيس القطاع الاقتصادي وزير الاستثمار “مبارك الفاضل” عن انتهاء أزمة منع دخول المنتجات المصرية إلى السودان، حيث توقع رفع الحظر يناير من العام القادم 2018، وذلك في الوقت الذى أصدرت فيه وزارة التجارة قراراً بحظر استيراد (19) سلعة حظراً مؤقتاً، الأمر الذي يطرح سؤالا ملحاً: ما جدوى فك هذا الحظر وقد فُرض على (19) سلعة أخرى؟؟
وزير الاستثمار الذي يرأس وفد السودان المشارك في مؤتمر الاستثمار في أفريقيا المنعقد بـ(شرم الشيخ) بجمهورية مصر العربية، أكد وحسب ما تناولته صحيفة (البورصة) المصرية الإلكترونية أن وزير التجارة “حاتم السر” أكد، إبان زيارته للقاهرة مؤخراً ولقائه نظيره المصري، أنه بحث أوجه التعاون المشترك وكيفية إنهاء أزمة المنتجات المصرية ومنع دخولها للسودان.
هذه التصريحات أبرزت عدداً من التساؤلات، خاصة وأن هنالك لجنة كانت قد كُونت لبحث هذا الأمر.. فهل هناك ضغوط سياسية مورست من قبل مصر، خاصة إذا علمنا أن السودان كان رافضاً رفع الحظر عن المنتجات المصرية؟ وحتى بعد تصريحات وزير الخارجية المصري “سامح شكري” إبان زيارته الأخيرة للسودان التي كان قد طالب فيها الحكومة السودانية بمراجعة قرارها الخاص بوقف السلع الزراعية فإن قراراً من هذا النوع لم يصدر، الأمر الذي يؤكد رفض السودان القاطع لرفع الحظر.
{ خلفية
في (سبتمبر) من العام الماضي كانت البلاد قد قررت إيقاف استيراد المنتجات المصرية بشكل مؤقت إلى حين اكتمال الفحوصات المعملية والمختبرات، وذلك لضمان سلامة مواطنيها، وأوضحت وزارة التجارة السودانية أن هذا الحظر جاء بعد تداول أنباء حول تسبب الفراولة في مرض مواطنين بولاية فرجينيا الأمريكية بالتهاب الكبدي الوبائي.. ونشير هنا إلى أن وزارة التجارة كانت قد أصدرت بياناً أعلنت خلاله وقف استيراد الأسماك المعلبة والمربى والصلصة والكاتشب من مصر، وذلك إلى حين اكتمال الفحوصات المعملية، كما نشير أيضاً إلى القرار القاضي أيضاً بوقف استيراد الخضر والفاكهة والأسماك من مصر.
بعد قرارات وزارة التجارة (مارس) الماضي و(سبتمبر) من العام الماضي كانت الحكومة السودانية قد أصدرت أمراً بتنفيذ قرارات وزارة التجارة الخاصة بمنع دخول السلع الزراعية والحيوانية ومنتجاتها عبر الموانئ والمعابر الحدودية والموجودة داخل الحظائر الجمركية الواردة من جمهورية مصر العربية.
{ السودان ينضم للقائمة
وكان السودان قد انضم إلى قائمة الـ(9) دول التي قاطعت المنتجات الزراعية المصرية، وذلك على خلفية المخاوف التي تتعلق بالسلامة والصحة العامة واستخدام مدخلات إنتاج ملوثة في تصنيعها، وبالإضافة إلى السودان كانت روسيا واليابان وأمريكا والإمارات وقطر والكويت والسعودية في قائمة الدول التي قاطعت المنتجات المصرية لنفس الأسباب.
{ ضربة البداية
وحسب ما جاء في الأنباء آنذاك فإن البداية كانت في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أوقفت استيراد الفراولة من مصر بزعم إصابة أمريكيين تناولوا عصير الفراولة بالتهاب الكبد الوبائي. وحينها قررت وزارة الصحة الأمريكية، سحب الفراولة المصرية من الأسواق وحظر استيرادها، مؤكدة من خلال وثائق رسمية نُشرت على موقع هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، بإصدار تقارير بمنع عدد من المنتجات المصرية من الدخول إلى أمريكا.
{ لا للمزايدات الحزبية
(المجهر) طرحت سؤالاً على عدد من الاقتصاديين عن القرار المرتقب بشأن رفع الحظر عن المنتجات المصرية ودخولها السودان، فأكد لنا الخبير الاقتصادي المعروف د. “عبد الله الرمادي” أن هذا الموضوع ينبغي أن لا يُترك للمزايدات الحزبية أو الفردية، خاصة وأنه مرتبط بصحة المواطن، وأن القرار الذي كان قد اتُخذ بحظر المنتجات المصرية الزراعية كان بدوافع تتعلق بالصحة، ولأن تلك المنتجات كما ورد حتى في بعض القنوات المصرية بأنها تروى بمياه المجاري والصرف الصحي أي أنها ملوثة وضارة وتنقل أمراضاً خطيرة، ورفض دخول المنتجات المصرية للسودان يأتي من هذا الباب، وذلك حتى لا يكون السودان مكباً للنفايات المصرية.
وأشار “الرمادي” إلى أن عدداً من الدول الأوروبية والعربية كانت قد سبقت السودان في اتخاذ هذا القرار، وأضاف: (إذا كان هنالك سبب لرفع هذا الحظر فينبغي أن يكون مؤسساً على فحوصات معملية تثبت أن المنتجات المصرية خالية من الخطورة ومن هذه الأمراض والتلوث)، وزاد: (ما عدا ذلك لا ينبغي أن يتم رفع الحظر)، وأشار إلى أن مصلحة الشعب السوداني فوق كل شيء وفوق كل المجاملات الحزبية والسياسية.
{ حظر (19) سلعة في مقابل القرار الجديد!!
دكتور “محمد الناير” المحلل الاقتصادي أكد بالقول وهو يرد على تساؤلنا: (بفتكر أن الأستاذ مبارك الفاضل وبحكم منصبه كنائب لرئيس الوزراء القومي ورئيس للقطاع الاقتصادي يعدّ مسؤولاً عن الكثير من السياسات الاقتصادية، وبالتالي وحسب قرارات الدولة فإن وزارة التجارة قد أصدرت قراراً مؤخراً بمنع استيراد (19) سلعة، ومن بينها الأسماك واللحوم.. فقرار وزارة التجارة الأخير ليس المقصود به الاستيراد من مصر وإنما من جميع دول العالم.. فالاقتصاد السوداني لديه المقدرة على إنتاج هذه السلع وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها).
وأضاف “الناير”: (نحن كخبراء ننصح بأن أية سلعة، السودان قادر على إنتاجها يجب أن لا يتم استيرادها وذلك لترشيد الطلب على النقد الأجنبي.. صحيح ستأتي فرصة في المستقبل بعد انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية وقد لا تكون هنالك حواجز أمام السلع والخدمات القادمة من كل أنحاء العالم، ولكن نقول إلى حين هذا الأمر يجب أن يوقف السودان استيراد أية سلعة يمكن أن ينتجها محلياً).