انزلاق الخرطوم
{ مرة أخرى (تنزلق) الخرطوم نحو المواجهة مع الغرب وهي تعبر عن رفضها وإدانتها بالغضب والتظاهر لإساءة الغرب للرسول (ص) من خلال فيلم أنتجه فرد أو مجموعة من الأمريكان ثم بُثَّ على نطاق واسع فأثار البث غضبة المسلمين من طنجة إلى جاكارتا، ولكن شتان ما بين الغضب لوجه الله وهدم وقتل وحرق دور وسفارات الأجنبي التي تتمتع بالحماية القانونية وفقاً للأعراف والقانون الدولي..
{ انزلقت الخرطوم يوم الجمعة لهدم كل ما شيدته الخارجية في السنوات الأخيرة من بناء علاقات مع بعض الدول الغربية واتخذ الإعلام الرسمي والصحف المحسوبة على الحكومة والمؤتمر الوطني منحى مثيراً في تغطية الحدث من نشر صور لمواطن يصعد لمبنى السفارة الألمانية و(يرفع) العلم الأسود الشهير وكتب عليه (لا اله إلا الله محمد رسول الله) والذي رفع العلم في لحظة عاطفة جياشة يدرك قبل غيره أن العلم برمزية سيتم (إنزاله) من مبنى السفارة بعد ساعات من رفعه بيد مسلمين من أبناء جلدته قبل عودة الألمان لممارسة أنشطتهم في سفارتهم التي تتعرض لمحاولة اعتداء بسبب مواقف بعض الألمان من الإسلام والمسلمين.. مع أن ألمانيا لا ناقة لها ولا بعير في الحادثة الأخيرة، وألمانيا رغم احتضانها لبعض قيادات التمرد خاصة (المكون الدارفوري) وتبنيها لمؤتمر المهمشين إلا أن علاقاتها بالسودان (دافئة) حتى ما قبل الجمعة الماضية!!
* نعم الذين قُتلوا في أحداث الجمعة شهداء لخروجهم في سبيل الله دفاعاً عن الإسلام، ولكنهم قُتلوا برصاص الشرطة السودانية التي تصدت لحماية سفارات تتمتع بالحصانة، وتقع حمايتها على عاتق الحكومة السودانية، وحينما يقف (الجندي الشرطي) أو منسوب جهاز الأمن أو الجيش أمام تظاهرة تندد بالغرب وتنتصر للرسول (ص) فإن الشرطي المسلم يميل في دواخله وبعواطفه ووازعه الديني إلى نصرة أخيه المسلم، ولكن واجبه الوطني ووظيفته تقتضي أن يتصدى لأخيه المسلم ويردعه وطاعة قائده حتى لو أدى ذلك لاستشهاده..
ومن الشرطة وقع جرحى وربما شهداء واجب أو شهداء ضمير أو شهداء عقيدة.. فأي الشهيدين مقامه الجنة الذي هاجم السفارة بعزم ونية الدفاع عن الرسول (ص)، أم الشرطي الذي دافع عن السفارة نزولاً لأمر الحاكم المسلم وطاعة لولي الأمر؟؟
{ نترك مقاصد الشرع هل يحق قتل غير مرتكب الفعل من اليهود والنصارى.. أي هل العين في أمريكا تُؤخذ من عين الأمريكي في الخرطوم، وهل للولايات المتحدة الأمريكية كدولة مسؤولية وبعض مواطنيها يرتكبون الموبقات في حق الأديان؟؟
{ لماذا الخرطوم اتسم تعبيرها بالغلظة والعنف حد الإضرار بمصالح البلاد العليا والنيل من علاقاتها مع الآخرين بينما دولة مثل السعودية أرض الحرمين الشريفين كانت ردة فعلها أكثر (اتزاناً) وموضوعية، وأيها أبلغ أثراً تظاهرات الجمعة وتخريب المنشآت والضحايا والبمبان، أم ما قام به لاعب الهلال (كاريكا) الذي حينما أحرز هدفاً في شباك الفريق الأنجولي اتجه للكاميرا ورفع قميصه ليقرأ الملايين إلا رسول الله (ص)؟ إنها استفهامات في سياق حدث كبير!!