أخبار

غياب معتز

في آخر الأسبوع الماضي وتحديداً يوم (الأربعاء) الماضي، شهدت منطقة جبال النوبة وهو اسم شرعنت له نصوص اتفاقية السلام بروتوكول المنطقتين، ولم يلغ حتى اللحظة، شهدت حدثاً سياسياً مهماً جداً له تأثيره على الواقع السياسي الراهن، وله ظلاله على المستقبل القريب والبعيد على الإقليم من جهة وعلى السودان جميعه، ذلكم الحدث بكل أسف غابت عنه القيادة السياسية وغابت عنه حتى الوزارة الفنية، ونعني بها وزارة الكهرباء والموارد المائية، التي (يتشبح) وزيرها الشاب “معتز موسى”، ما بين قضايا المياه الدولية والإقليمية، وبين مشاكل الكهرباء، وأضيفت إليه مشاكل الإعلام في حزب المؤتمر الوطني، وقد وجد الرجل نفسه محاطاً بعدد قليل من هذا القطاع حجبوا عنه رؤية الواقع، وتلك قصة أخرى.
لكن غياب الوزير يوم (الأربعاء) الماضي، عن حدث كبير جداً في معناه، وربما يكون صغيراً بمعيار تكلفة المشروع، جعل المراقب يتساءل عن أولويات وزراء الحكومة؟ وهل وزراء حكومتنا مجرد (أفندية)؟ أم وزراء لهم رؤية ثاقبة وتقديرات سياسية؟.
إن كان الأمر كذلك، فكيف يتم افتتاح محطة كهرباء لإضاءة منطقة تقع في ظل التمرد، ويغيب عنها وزير الكهرباء لأسباب غير مبررة.
محطة كهرباء مدينة دلامي التي افتتحت في غياب وزراء المركز تعتبر بمثابة عجز القادرين عن فعل الشيء والفشل في تسويقه للرأي العام .
كم عدد السودانيين الذين علموا بأن حكومة السودان أنفقت عشرة مليارات من الجنيهات لإضاءة مدن جبال النوبة وربطها بالشبكة القومية، ومن يعلم أن مدن الدلنج، الدبيبات، الحمادي، تنعم بكهرباء تمتد من مروي في شمال السودان وحتى جبال النوبة؟.
هل تعلم قارئ هذه السطور أن دلامي التي انضمت للشبكة القومية للكهرباء قد تعرضت لأكثر من سبع محاولات من التمرد لإسقاطها وضمها لمناطق التمرد في هيبان وكاودة وأنها مسقط رأس الرجل الأول في الجيش الشعبي الجنرال “عزت كوكو” رئيس أركان الجيش، بعد إزاحة “جقود مكوار” وأن دلامي استعصت على التمرد وقاومت وصمدت واستبسلت وتمسكت بموقفها المعلن من التمرد، بفضل أبناء الكواليب المنقسمين بين التمرد والحكومة، ويعتبر مكون الكواليب هو ثاني أكبر مجموعة مقاتلة داخل الجيش الشعبي بعد المورو، وهذه المنطقة تعتبر منطقة تداخل بين الديانتين الإسلامية والمسيحية ولم نقل منطقة صراع.
ذلك الوجه كان حرياً بالوزير “معتز موسى” أن يرهق نفسه ويغبر بدلته الأنيقة بغبار الشتاء ويمتطي ظهر دابة تطير في السماء اسمها الهيلوكوبتر من كادقلي حتى دلامي برفقة الوالي “عيسى أبكر” ومنطقة دلامي بمعيار المشاركة في الحكم تمثل منطقة مدللة هي مسقط رأس الرجل الثاني في حزب المؤتمر الوطني، ونعني بذلك رئيس مجلس الشورى بروفيسور “كبشور كوكو قمبيل”، وهي أيضا مسقط رأس الوالي الأسبق “محمد مركزو كوكو”، والوزير الذي تنقل من وزارة لأخرى ولايزال في خريف السُلطة البروفيسور “خميس كجو”، ولن ننسى بالطبع الفريق أول “محمد جراهام عمر” نائب رئيس أركان الجيش، وعشرات الوزراء الولائيين ومثلهم من المعتمدين فكيف لا يمثل كل هذا الزخم دافعاً لوزير الكهرباء لركوب الصعاب، وحضور احتفالات المنطقة بعيد دخولها عصر النور والتنوير، وقد تغنى أهلنا في الشمالية منذ زمان بعيد (متين يا حلة تنويري)، ولو قدر لبنات الكواليب العودة من عوالم النزوح والبؤس إلى قرى مارديس وكدبر وجبل روابة لدققن الدلوكة ليس مثل (دقة “عبد الله”) وتغنين (جبال النوبة تنويري عساك تتغيري).
كانت احتفالية دلامي يوم (الأربعاء) الماضي، يتيمة إلا من والي كادقلي، وهو زامر حي لن يطرب للحنه شباب القرى المنتظرين رسالة المركز، ولكن أخشى عليهم من طول الانتظار إذا “معتز موسى” وهو في مركز السُلطة وعمقها المركزي لا يكلف نفسه عناء افتتاح مشروعات هزيمة التمرد التي نفذت في قطاع الكهرباء من خلال شبكات مدن دلامي الترتر كالوقي، وهي مشروعات أضافت الكثير لرصيد الحكومة الاتحادية، الوالي الناجح “عيسى”.
لكن حكومتنا لم تتعلم بعد كيف تسوق لإنجازاتها، وخير دليل على ما نقول ما أتى به الوزير “معتز” يوم أن كان حضوره فرض عين، لكنه غاب عن حفلة هو عريسها وزفة تحلو بوجوده.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية