شهادتي لله

منشور رقم (14).. سياسات بنك السودان!

{ هل يدرس بنك السودان المركزي قراراته ومنشوراته جيداً، ويشاور فيها ويسأل الخبراء ومديري البنوك والموردين والمصدرين قبل إصدارها؟ أم أن الإدارة العامة تحيل الأمر لإدارة (السياسات والبحوث) التي (لا) تدرس و(لا) تبحث، بل تصدر مباشرة منشوراً جديداً برقم وتاريخ جديدين، ثم توزعه على المصارف التجارية للعمل به فوراً؟!
{ هل بالفعل تقوم هذه الإدارة بإجراء دراسات حقيقية وبحوث علمية وعملية بشأن السياسات المالية، خاصة ما يتعلق بالنقد الأجنبي وحركة حصائل الصادر؟!
{ لو كانت هذه الإدارة المختصة بالسياسات والبحوث والإحصاء اسماً على مسمى، وكان هذا البنك المركزي بجيشه الجرار من المديرين والموظفين يؤدي واجبه المهني المناط به كما ينبغي، لما أصدر منشوراً بتوقيع مديري إدارة السياسات (اثنين أو ثلاثة) في 16 أبريل 2017م، ليعود ويلغيه في ذات العام وبعد (7) أشهر فقط، في 26 نوفمبر 2017م!!
{ سياسات كل (6) أشهر..!! فكيف يستقيم حال الاقتصاد في بلادنا، وكيف يستقر سعر الصرف للعملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني؟!
{ لن يستقر.. ما دام أمرنا المالي بهذا القدر من (الهرجلة) والتخبط.
{ سيقولون لك إن السياسيين (يتدخلون في شغلنا)، فلا تملك غير أن ترد عليهم بقول: لو أنكم كنتم تدرسون حقاً، وتبحثون في السوق، وتعرفون مكامن الوجع وثغرات الانفراط التي أدت لهذا الانهيار المستمر في سعر الجنيه مقابل الدولار، واتخذتم من تلقاء أنفسكم من القرارات، وأصدرتم من المنشورات ما يحافظ على استقرار عملتنا الوطنية بالتشاور مع وزارة المالية، لما احتاج رئيس الجمهورية أن يتدخل ويعقد اجتماعات أسبوعية لبحث المعالجات لهذه الأزمة الطاحنة.
{ إنه بالفعل ليس (شغل) الرئيس، حتى وإن منحه الدستور هذا الحق، بل هو عمل إداري وفني كان يفترض أن يتصدى له ويحسن إدارته وزير المالية مع وزير التجارة والبنك المركزي، قبل أن تتدخل قيادة الدولة وتسعى لمحاصرة (الفيضان).
{ وما دمنا نتحدث عن سياسات مرتبكة، فإن ما أقره البنك المركزي في منشوره رقم (14) لعام 2017 الصادر بتاريخ 26 نوفمبر 2017م، بإلزام المصارف ببيع (25%) من مواردها المشتراة من النقد الأجنبي بسعر البنك زائداً الحافز، بما في ذلك حصائل الصادرات وما يبيعه الموردون للبنوك لإكمال عمليات الاستيراد، يشكل خطراً داهماً على الصادرات والواردات معاً!
{ فلو أن مستورداً باع للبنك (100) ألف دولار مقابل بضاعة قادمة من “الصين” مثلاً، فإن البنك المركزي يقتطع منها (25) ألف دولار بسعر البنك زائداً الحافز، أي بفارق (5) جنيهات أو أكثر في كل (دولار) عن سعر السوق الموازي، ثم يعود المورد ليشتري (25) ألف دولار أخرى لتكملة المبلغ.. وهكذا!!
{ وفي ظل هذا الوضع بالغ التعقيد، فإن المصدرين يحجمون عن بيع حصائل الصادر للموردين، لأن نسبة الـ(25%) الخاصة بالبنك المركزي تمثل فاقداً كبيراً في عائداتهم، وبالتالي لن يبيعوا الدولار حتى بالسعر الموازي!!
{ إنها مجرد تعقيدات.. وليست سياسات بأي حال من الأحوال.
{ الحل.. أن يتم وقف استيراد الكثير من السلع غير الضرورية، مقابل فتح الباب واسعاً لمستوردي السلع الضرورية مثل القمح والدواء وغيرهما، لتوفير النقد الأجنبي بكل السبل المتاحة، من موارد ذاتية بالداخل أو معاملات بالآجل مع شركات وبنوك خارجية.
{ ولكن ما يحدث الآن من مزاحمة بنك السودان للمصدرين والموردين في اقتسام (كيكة) صغيرة هي الدولار المحدود المتوفر بالمصارف، هو تعويق للصادر والوارد، وتجفيف لما تبقى من النقد الأجنبي المتاح.
{ أظن أنه لا حرج من إلغاء المنشور رقم (14) لعام 2017.. فأنا متأكد أنه سيتم إلغاؤه بعد (6) أشهر.. بعد (خراب مالطا)، فلمَ لا يتم إلغاؤه اليوم؟! 
{ سبت أخضر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية