أخبار

الفشل الاقتصادي

عجزت الإدارة الاقتصادية في البلاد عن تقديم مجرد تفسير لأسباب الارتفاع في سعر الدولار من جهة وتصاعد أسعار منتجات لا علاقة لها بالدولار، عطفاً على تدني الصادر ونضوب آبار البترول، وقد خيم على البلاد خوف وهلع من المستقبل القادم بعد أن ضخت القيادة السياسية في نفوس الناس الأمل بإشراق شمس الرفاهية بعد رفع الحصار الاقتصادي المفروض على السودان منذ عشرين عاماً.
ولم يمضِ شهران على رفع الحصار حتى أصبحت الحياة لا تطاق، وكاد المواطنون أن يقولوا: (رجِّعُونا لحصارنا القديم) بسبب ارتفاع أسعار السلع وتدني قيمة الجنيه السوداني مقابل كل العُملات الأجنبية، بما في ذلك (البر الإثيوبي) والجنيه المصري والدرهم الإماراتي، وأخشى أن يأتي يوم يصبح فيه الجنيه الجنوبي أعلى قيمة من الشمالي.
وبدأ وزير المالية الذي جاءت به حكومة من كرسي المعاش في الخدمة العسكرية ليحكم قبضته على المال وينفذ التوجيهات التي تتنزل عليه من أعلى بغض النظر عن صحتها.. بعد تجربة سلفه “بدر الدين محمود” الذي كان يرفض تنفيذ التوجيهات إلا وفق ما تمليه المصلحة العامة.. وتفاجأ الناس بتعيين وزير بعيد عن واقع حياة المواطنين يعيش في دنيا غير دنياهم وعالم غير عالمهم، وحينما سأل الزميل “ضياء الدين بلال” رئيس مجلس الوزراء الفريق “بكري” عن دلالات تعيين جنرال في وزارة المالية، كانت إجابته (أنت تعتقد بأن العسكريين ما بعرفوا يمسكوا القروش؟) ومضت الأيام والجنرال “الركابي” في المالية والجنيه يتهاوى سقوطاً لم يعهده في تاريخه.. واستقال وكيل المالية الاقتصادية الذكي وخريج جامعة الخرطوم “مصطفى حولي” وخسرت البلاد كفاءة نادرة ولم تكسب من الجنرال “الركابي” إلا غلاء الأسعار.. وحتى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لم يحرز أي تقدم على صعيد عودة السودان، ولا تم إعفاء ديون السودان، وفشل وزير المالية في استقطاب مدخرات المغتربين ولا استفاد من الانفتاح مع الخليج في توقيع اتفاقيات استثمارية.. فماذا نتوقع من السيد الوزير “الركابي”؟
بعد رفع العقوبات قال “عبد الرحيم حمدي” إن مشكلة الاقتصاد في قلة الإنتاج وتضخم الصرف الحكومي ورفع الحصار من شأنه تهيئة بيئة استثمارية وإزاحة العوائق ولكنه لن يحل مشكلة البلاد.. وقد أصبحت كل قطاعات الدولة من اقتصادية وسياسية واجتماعية تجلس في محطة الانتظار ماتت المبادرات وأخذ الخوف يتسلل لقلوب المسؤولين من فقدانهم لمناصبهم ومواقعهم أن هم تحدثوا عن قناعاتهم الشخصية أو تقدموا بمبادرات، وحينما قال الرئيس في خطابه أمام البرلمان في أكتوبر الماضي إن الفترة القادمة ستشهد قيام عدة لجان اقتصادية وسياسية وإعلامية برئاسة الرئيس لاجتراح حلول لمشكلات الاقتصاد والإعلام والعلاقات الخارجية والسلام، فإن الرئيس بخبرته أدرك قصور وزراء هذه القطاعات مما يستدعي مساعدتهم.
وقد تواترت أنباء خلال الأيام الماضية عن اجتماعات عقدت في القصر لإنقاذ الجنيه من التهاوي أمام الدولار، كل ذلك بسبب فشل الطاقم الاقتصادي لحكومة الوفاق الوطني الذي يتكون من أحزاب المؤتمر الوطني والشعبي وحزب الأمة والاتحادي الديمقراطي ويقوده الجنرال “الركابي”.. ولكن هذا الفريق مثل فريق الهلال نجوم بلا عطاء.. وطحين من غير دقيق.. والسيد وزير المالية جنرال بدون جيش فكيف ينتصر في معركة الدولار..؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية