نعم يا "هارون" .. السودان في حاجة إلى (مكارثيين جدد)!!
{ وحكم علينا (القاضي) و(الوالي) مولانا “أحمد محمد هارون” بأننا – زمرة الكتاب الرافضين لخنوع الدولة السودانية – (مكارثيون جدد).. نسبة إلى عضو الكونغرس الأمريكي “جوزيف مكارثي” الذي قاد هجمة شرسة ضد مسؤولين وموظفين (أمريكيين)، باعتبارهم شيوعيين، وجواسيس وعملاء، أو متعاطفين، مع الاتحاد السوفيتي، أيام (الحرب الباردة)، في خمسينيات القرن المنصرم.
{ وحسناً فعل والي جنوب كردفان “أحمد هارون” بأن حمل (القلم) كاتباً في الصحف، بعد أن وضع (البندقية)، ولم يعد (بندقجياً)، ولا قائداً، ولا دبَّاباً، ولا منسقاً للشرطة الشعبية!!
{ “أحمد هارون” – الآن – مفاوض (خاسر) في كل مفاوضات، منذ أن ابتعثه السيد الرئيس إلى “جوبا” قبيل أشهر من انفصال الجنوب، مروراً بمفاوضاته المستمرة مع نائبه المتمرد “عبد العزيز آدم الحلو” من “كادوقلي” إلى “بورتسودان”، في زمن فصلها البارد الناعم الجميل!!
{ ظل “أحمد هارون” يحدثنا عن السلام دون أن يقدم – كحاكم – مطلوباته، وأولها بل وأهمها (الثبات)، وليس (الخفة) والاندفاع، والاندلاق!!
{ وأخذ يحدثنا عن (الحرب) وأنه صاحب (التوقيع) على فاتورتها – في إشارة إلى اتهامه بواسطة محكمة الجنايات الدولية في “لاهاي” – بينما الآخرون يتناولون (أطباقهم) على حسابه.. “هارون”!! يا سبحان الله.
{ وهل قاتلتم يوماً، بحكم مواقعكم في قيادة عمل الدولة (الأمني) أو (العسكري)، أو شاركتم ذات نفرة في كتيبة من كتائب الجهاد، عندما كان يقاتل الشهداء في الميل (أربعين) في أعماق (الاستوائية) البعيدة، وليس (14 ميل) الشمالية.. هل فعلتم ما فعلتم، لتمارسوا به (الوصاية) و(المن) و(الابتزاز) على شعب السودان العزيز الكريم؟!
{ مَن جاهد يوماً، فإنما أجره – وفق نواياه – عند الله، ومَن سقط مِن طائرة فمات محترقاً، فهو عند الله بين الصديقين والشهداء، ومَن بقي فإن أجره – إن لم يبدِّل – أيضاً.. عند الله.. وليس عندنا.. نحن عامة الشعب السوداني الصابر الممكون.
{ ولهذا نقول للسيد “أحمد هارون”، لا تمتنوا علينا، فإنَّا والله لن نترك أحداً – مهما علا شأنه – يتنازل عن (شبرٍ) من (مترٍ) من أرض السودان، ولا (ذرة) من كرامة أهلنا الكرماء الشرفاء، ليتطاول عليهم (بغاث الطير)، ويحكم في أمرهم عملاء (المخابرات الأمريكية).. (أفارقة) كانوا.. (جنوبيين) أو (شماليين).
{ لن نترك أحداً – مرة أخرى – يتلاعب بمصائر شعبنا، كما فعلوا في (نيفاشا)، و(مشاكوس)، و(أبوجا)، و(أديس أبابا – الإطاري)، سواء أقاتل في (دار الهاتف) أو تدرب في صحاري “ليبيا” أيام (الجبهة الوطنية) – كما ذكرت في مقالك (المكارثيين الجدد) – أو شارك في كتيبة (الأهوال) أو غيرها من الكتائب التي احتسبت (الشهداء) على أرض (الجنوب) التي تم تقديمها (بالمجان) و(بلا ثمن)، حتى بخس، لعصابة (الجيش الشعبي لتحرير السودان).. ودون أدنى حوافز من الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت مستعدة لتقديم (الغالي) و(النفيس) مقابل تمرير (صفقة الاستفتاء)، حسبما ذكر الراحل “مليس زيناوي”، رئيس وزراء إثيوبيا، لمسؤول كبير – تمت اقالته – ناصحاً إياه باستغلال حكومتنا الفرصة (الذهبية)، لكن حكومتنا (تكرمت) بما لا تملك لمن لا يستحق، بدعوى تأكيد (الموقف الأخلاقي) والالتزام بالعهود والمواثيق!!
{ عزيزي “أحمد هارون”.. لقد تعبتَ، كما اعترفت بنفسك لإحدى الصحف، وأصابك الوهن، والأخيرة منا، أفلا تظن أن (التعب) وحده كافٍ لتقديم الاستقالة ومغادرة الموقع؟! كيف تقوى – سيدي – على (تأمين) سكان ولاية منهكة بحروب (الخونة) المتمردين، وأنت مرهق منهك؟!
{ ثم تحدثنا عن مقولات الفيلسوف الصيني “صن تزو”، بينما تنسى أو تتناسى أنه القائل في ذات الكتاب (فن الحرب) قاعدته الأشهر: (في هجومك كن كالنار.. وفي ثباتك كن كالجبل)!!
{ و”صن تزو” – نفسه – يقول: (إذا ما نال العدو هدنة، فسوف تتعرض للمتاعب، وإذا ما كان يُدعم بالغذاء – الاتفاقية الثلاثية لتمرير المساعدات الإنسانية – فسوف تتعرض للجوع)!!
{ و”أحمد هارون” يناقض نفسه عندما يعترف بأن قادة (قطاع الشمال) خونة، ويدعو في ذات الوقت إلى مفاوضة (الخونة) ولو أوكلوا محامياً!!
{ كتب مولانا “هارون” في مقاله المنشور بصحف أمس (الخميس) الآتي: (وعندما أشار متمردو الجنوب بعلامة الوداع “باي باي” لرفاق الأمس بالمنطقتين – جنوب كردفان والنيل الأزرق – وأعلنوا أن الأمر كان نفيراً، فإن ذلك لم يكن إلاّ تأكيداً لمؤكد.. إن كانوا وطنيين حقاً ومالكين لزمام أمرهم لما تمردوا أصلا!!!)
{ “هارون” يعترف: هم ليسوا (وطنيين) ولا مالكون لزمام أمرهم، فما هي صفتهم إذن – يا (مولانا) – إن لم يكونوا (خونة)؟!
{ و(الخائن) لوطنه مكانه أقفاص الاتهام في (المحاكم) لمعاقبته وفق القانون الوطني، وليس الغرف والقاعات الباردة في “شيراتون أديس أبابا”.
{ ولن نعمل (مراسلين حربيين) لكتائبكم يا سيادة (الوالي).. رئيس لجنة أمن ولاية جنوب كردفان، حتى (تتحرر) محليات “تروجي”، و”هيبان” و”كاودا”، و”البرام”، وحتى يغادر التمرد مناطق محليات “دلامي”، و”تلودي”، و”كالوقي” و”هيبان” و”رشاد”.
{ إن لم تكن قادراً على فعل ذلك قبل (المفاوضات) مع هذا القطاع (المقطوع)، وهذا هو واجبك، ومهمتك الأساسية وليس (المفاوضات)، فافسح المجال لآخرين، حتى من بيننا – نحن المكارثيين الجدد – إن كانت القيادة ومَن حولها يستلطفوننا، في زمن (التعيين بالاستلطاف) و(المجموعات)!!
{ مَن تسميهم (المكارثيين الجدد) هم قادة حقيقيون في هذا المجتمع، يميل إذا مالوا، ويغضب لهم إذا غضبوا، وتسقط الاتفاقيات (الملغومة) إذا كشفوا، ولهذا فإنهم لن ينضموا إلى كتائبكم ولن يعملوا (مراسلين حربيين)، لأن الرسائل ستكون (خاوية.. بلا خبر)!!
{ ختاماً.. فلتعلم سيدي (الوالي) بأن “جوزيف مكارثي” لم يكن مخطئاً تماماً في اتهاماته – وبالمناسبة كان الرجل قاضياً مثل سيادتك – فبعد (أربعين عاماً) من زمانه، ألقت السلطات الأمريكية في العام 1994، القبض على مسؤول مكافحة التجسس (الروسي) في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، الضابط الرفيع “آلد ريتش آيمز”، بعد أن ثبت بالأدلة والبراهين تجسسه لصالح المخابرات (السوفيتية) ثم (الروسية)!!
{ مسؤول مكافحة التجسس (الروسي) في (أمريكا).. كان هو الجاسوس (الأمريكي) الأشهر لصالح (الروس)، وهو الحدث الذي هز أركان الـ (C.I.A) لسنوات!!
{ السودان في حاجة ماسة باستمرار إلى (مكارثيين جدد)، إلى أن يتم القبض على “آيمز” جديد!! من (قطاع الشمال) أو من غيره.
{ عزيزي الوالي “أحمد هارون”.. اثبت في قتالك المتمردين.. ولا شأن لك بالمفاوضات، فإن “كمال عبيد” جدير بها، وناجح فيها حتى الآن، وتذكر دائماً أن “صن تزو” يقول: (في هجومك كن كالنار.. وفي ثباتك كن كالجبل).
{ مع تحياتي واحترامي.. وجمعة مباركة